صناديق الاستثمار السيادية تثير مخاوف حمائية في الولايات المتحدة

صناديق الاستثمار السيادية تثير مخاوف حمائية في الولايات المتحدة

صناديق الاستثمار السيادية تثير مخاوف حمائية في الولايات المتحدة

تثير الصناديق الاستثمارية الحكومية التي تتمتع بسيولة وفيرة قلق الساسة الأمريكيين بدرجة تدفعهم للسعي لضمان عدم سيطرة الأجانب على شركات ذات أهمية للأمن القومي.
وتشهد الشركات الأمريكية بالفعل إقبالا هائلا على تملك حصص فيها من جانب صناديق الثروات السيادية التي تتعامل في سيولة تبلغ نحو تريليوني دولار من احتياطيات البنوك المركزية.
والهدف الذي تضعه الصناديق الاستثمارية نصب أعينها هو تحقيق عائدات أكبر. لكن المشرعين الأمريكيين يخشون أن تستخدم الصناديق نفوذها للفوز بموطئ قدم في صناعات رئيسية. وهناك بالفعل مسودة تشريع يبحثها الكونجرس الأمريكي تستهدف الصين بشأن ما يقول المشرعون إنها ميزة تجارية غير عادلة تتمتع بها بكين بفضل اليوان المقوم بأقل من قيمته الواقعية والذي يجعل البضائع الصينية أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق العالمية.
ومع تكدس أموال كثيرة في صناديق حكومية تمتد من السعودية إلى سنغافورة فقد ينشأ نوع أكثر تعقيدا من سياسات الحماية المالية يستهدف حماية قطاعات معينة من النفوذ الأجنبي. يقول دونالد سترازهايم نائب رئيس شركة روث كابيتال في لوس أنجلوس "سيصبح الأمر مصدر قلق وقضية حقيقية. والسبب في ذلك هو أن الأرقام كبيرة للغاية، خاصة في حالة الصين.".
وفي أيار (مايو) اشترى صندوق تشاينيز ولث الصيني الجديد حصة تبلغ 10 في المائة وتقدر قيمتها بواقع ثلاثة مليارات دولار في مؤسسة بلاكستون جروب للاستثمارات الخاصة مما دفع أحد المشرعين الأمريكيين إلى المطالبة علنا بإجراء تحقيق اتحادي في عواقب هذه الصفقة على الأمن القومي.
وتملك "بلاكستون" حصصا في كثير من شركات التكنولوجيا المتطورة. وأشار السناتور الأمريكي جيم ويب إلى وثائق تظهر أن "بلاكستون" تملك حصصا في شركات عسكرية وشركات متخصصة في تكنولوجيا الأقمار الصناعية وهي أصول يقول ويب إنها يجب ألا تقع في أيدي الصين.
ولاحظ سترازهايم أن الصفقة لا تمثل سوى ما قيمته ثلاثة أيام من السيولة النقدية في خزانة الاحتياطيات الرئيسية الصينية، التي يبلغ حجمها أكثر من تريليون دولار.
وتوقع أن تضاعف الصين عمليات التملك الخارجية، التي تقوم بها خلال السنوات القليلة المقبلة إلى 50 مليار دولار في عام 2008 من نحو 25 مليارا هذا العام ثم إلى 100 مليار دولار في 2009 . وبلغ متوسط عمليات التملك والاندماج الخارجية التي قام بها العالم النامي 81 مليار دولار سنويا في الفترة بين عامي 1996 و2005.
وفي حين استحوذ الفائض التجاري الصيني المتزايد على معظم الاهتمام في الآونة الأخيرة فإن أكبر مصدر لأموال صناديق الثروات السيادية هو حقول نفط الشرق الأوسط. وكشفت خدمة آر.جي.إي مونيتور أن أصول الصناديق الحكومية التي تديرها دول مصدرة للنفط تصل إلى خمس احتياطيات البنوك المركزية العالمية البالغة 5.3 تريليون دولار.
ومثل الصندوق الحكومي الصيني أجرت هيئة أبو ظبي للاستثمار وهي ربما أكبر صندوق استثماري سيادي في العالم محادثات لتملك حصة أقلية في صندوق أمريكي للاستثمارات الخاصة.
ولم تكن الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي ثارت فيها المخاوف فقد توقف وزراء المالية الأوروبيون أيضا عند تنامي نفوذ الصناديق السيادية.
وقال الائتلاف الحاكم في ألمانيا الشهر الماضي، إنه يتوقع وضع مسودة قانون هذا العام لحماية شركات ألمانية معينة من عمليات التملك الأجنبي. وتضغط الخزانة الأمريكية على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإصدار قائمة بأفضل الممارسات التجارية لصناديق الاستثمار السيادية. في الأسبوع الماضي وتحت ضغط من مشاعر الحماية التجارية في الكونجرس الأمريكي وقع الرئيس جورج بوش على مشروع قانون يعزز إجراءات الفحص والتدقيق في عمليات التملك الأجنبية في شركات أمريكية.
ويلزم القانون لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة المكلفة بتحديد ما إذا كانت عمليات التملك الأجنبية ستضر بالأمن القومي الأمريكي بتخصيص وقت أطول لفحص الصفقات. وفي العام الماضي درست اللجنة 113 صفقة تزيد قيمتها على 95 مليار دولار بزيادة 73 في المائة عن العام السابق. والسياسة الحمائية مكروهة منذ وقت طويل في حي المال الأمريكي وول ستريت. لكن هذا الموقف تغير الآن. يقول بوب دول مدير الاستثمارات في مؤسسة بلاك روك كابيتال إن تهديد السياسة الحمائية لم يبلغ بعد من القوة ما يجعله يؤثر في سوق الأسهم أو يدفع المستثمرين الأجانب للابتعاد عن الأصول الأمريكية.
ويعتقد كثير من المحللين أن مزيدا من عمليات التملك الأجنبية لشركات أمريكية هو الخطوة المنطقية التالية في ضوء الثروات الهائلة في الخارج وهبوط الدولار.
وربما يكون هذا الأمر منطقيا لكنه ليس بالضرورة سهلا. ففي العام الماضي أثار بيع أصول في ستة موانئ أمريكية كبرى لشركة موانئ دبي العالمية عاصفة سياسية عاتية جادل فيها مشرعون أمريكيون بأن الصفقة ستعرض الأمن القومي للخطر. وقال أندرو كارولي أستاذ التمويل في جامعة أوهايو "هناك دائما خطر أن يشعر الناس بأنهم مهددون من احتمال تملك وكالات حكومية أو شبه حكومية حصصا مالية كبيرة في مؤسسات خاصة". لكنه أضاف "لست واثقا من أن هناك ما يمكن عمله حيال الأمر بسبب القوة الحتمية للعولمة هنا".

الأكثر قراءة