هبوط هادئ لسوق العقارات الإسبانية

هبوط هادئ لسوق العقارات الإسبانية

كما حدث قبل بضعة أسابيع، هبطت مؤشرات الأسهم للعقارات الإسبانية المنطلقة بحدة إلى الأعالي بضعة أيام بلا حدود بصورة ملحوظة، الشيء الذي استنتج منه الكثير من المراقبين أن أزمة الإنشاءات المُعلن عنها منذ أعوام في الحقيقة ضبطت الدولة.
ولدى رؤية أقرب، يبدو أنه لا توجد سوق متحدة لمنازل العائلة الواحدة وشقق التملك. وبدلاً من هذا، يوجد عدد وتنوع في الأسواق الإقليمية، وتظهر عليها إلى حدٍ ما التطورات المعاكسة بالكامل. وكلما اشترى الأجانب بقوة أكبر في بعض الأسواق الإقليمية، أصبحت هذه الأسواق الجزئية مستقلة عن تطوير تلك الأقاليم، وفيها يعد الإسبان الجزء الأكبر من المشترين.
ومن جميع الأوروبيين الذين يتملكون منازل الإجازات في الخارج، جذبت إسبانيا حصة الأسد منها، 32 في المائة أو ثلث المشتريات العابرة للحدود تعود إلى إسبانيا كافة، وبما يعادل 19 في المائة، تتبعها فرنسا مباشرةً بفجوة كبيرة وملحوظة.
ومن بين المشترين الأجانب في إسبانيا، يحتل البريطانيون من جديد، وبفجوة واسعة، المرتبة الأولى قبل الألمان، إذن نحو 750 ألف عقار إسباني يتم تملكها من قبل البريطانيين أو أجانب يقطنون في بريطانيا. وعلى أية حال، يتضمن هذا العدد في الوقت الراهن بعض المنشآت المُستخدمة مهنياً.
وإضافة إلى هذا، تجري في الوقت الراهن عمليات شراء لمنشآت عقارية أكثر من قبل شركات رأسمالية بريطانية محدودة، تكون غالباً كذلك تحت سلطة خاصة ألمانية. وتزود الحكومة البريطانية هذه الصفقات المالية بصورة غير مباشرة بوسيلة مالية خاصة بخزانة الدولة، لأنه يتدفق عن طريق هذه الصفقات على بريطانيا بعض رأس المال الأجنبي الإضافي. ولهذا، فإنه يُنظر إلى الدراسات الإحصائية حول تملك العقارات من قبل الأجانب في إسبانيا ببعض الحذر، بالأخص، عندما لا تكون للمراقب معرفة بالعلاقات الإسبانية.
إن ما ينطبق على الإحصاءات حول علاقات التملك، ينطبق بالضبط على التقديرات حول نسب المنشآت الشاغرة. ومن يتجول في إسبانيا دون معرفة واسعة بالسوق، لا بد أن يفترض على نحوٍ حتمي وجود معدلات مرتفعة من المنشآت الشاغرة في جميع الأقاليم. وفي الحقيقة، فإن الواقع يبدو على نحوٍ مغاير. أعداد غفيرة من الإسبان، وحتى هذا اليوم يشترون شقق التملك آملين في الربح، ويتركونها إما فارغة وإما يؤجرونها في أيام العطلات والإجازات في موسم الصيف لبضعة أسابيع كأعلى حد. ولكن هذا يعني أيضاً أن هذه الوحدة السكنية بينما تبقى شاغرة لفترات طويلة من العام، ولكنها كذلك في الغالب للإيجار والشراء مقابل المال والكلمات الطيبة. وفي غيرها من مئات آلاف الحالات، حصلت العائلات الإسبانية في المدن الكبرى على شقق خاصة بها، أو منازل لفترات الإجازات، حيث لا تسكنها غالباً أكثر من فترة العطلة المدرسية الصيفية. ولكن حتى هذه الوحدات الإنشائية لا يمكن ضمها إلى معدلات الإنشاءات الشاغرة.
وفي النهاية تميّز الدولة نفسها عن طريق قانون الضريبة والممارسة الإدارية، اللذين لا يتناسبان مع الوحدات المكتملة. ولهذا، يتم بناء عدد ليس قليلاً من المنازل، حتى نسبة تعادل 95 في المائة بالكامل، حتى تقدّم فرصة تقييم جيدة. ولكن ما مدى اكتمال أية منزل؟ بصعوبة يمكن الحكم على هذا من المظهر الخارجي. وإضافة إلى هذا، يعمل الإسبان على بناء محل إقامتهم الدائم الجديد في الغالب بمعدلات إمكانية وسيلتهم المادية. وهذا من الممكن أن يعني وصول الفترة الزمنية بين ترخيص البناء والانتقال من أربعة إلى خمسة أعوام. ودوماً تبقى مواقع البناء هذه راكدة باستمرار، وتمثل الانطباع بأن المالكين ليس لديهم أية أموال في جيوبهم، وفوائد المديونية قابلة للحسم.
وتتفاوت تقديرات العقاريين، والسلطات والسماسرة حول القيم الحقيقية للممتلكات الشاغرة. ويمتد هامش أغلب الإجابات من خمسة إلى ستة في المائة بفروق إقليمية قوية. وإلى جانب هذا، يتم التأكيد على أنه في إسبانيا تم البدء عام 2006 وحده بناء نحو 800 ألف وحدة سكنية جديدة. وهذا يعادل ما يزيد على ما في ألمانيا، بريطانيا، وفرنسا مجتمعةً. وبهذا الإنتاج الإنشائي الضخم، تُضاف كذلك بسرعة معدلات مرتفعة من الوحدات السكنية الشاغرة.
وبما أن إسبانيا حتى الآن لا تعيش الأزمة الإنشائية المتوقعة منذ أعوام، لا يتضح بفعل المشتريات الشاملة من قبل الأجانب فقط، ولكن دوراً مهماً يلعبه كذلك تشريع ما يزيد على مليون يد عاملة غير شرعية في الدولة. والكثير منهم عمل في الوقت الراهن على شراء منازل خاصة بهم، حتى عندما تظهر مكتظة بالكامل بعدة عائلات في وحدة سكنية واحدة. وفي الوقت ذاته، تظهر على لوحة إعلانات المالكين لمواقع البناء كذلك أسماء مغربية، وجزائرية، وإفريقية جنوب الصحراء.
وتضاعفت أسعار منازل العائلة الواحدة وشقق التملك بالوحدة الواحدة في غضون عشرة أعوام حتى عام 2006 بنحو ثلاثة أضعاف. وفي الوقت ذاته ضعف النمو نحو 15 في المائة في العام الماضي إلى ما يقارب 7 في المائة في ربيع هذا العام، وكذلك ضعف حجم منح القروض البنكية بعض الشيء.

الأكثر قراءة