استراتيجية «أبل» .. تغيير النظرة إلى الأعمال التجارية الأساسية

استراتيجية «أبل» .. تغيير النظرة إلى الأعمال التجارية الأساسية

استراتيجية «أبل» .. تغيير النظرة إلى الأعمال التجارية الأساسية
استراتيجية «أبل» .. تغيير النظرة إلى الأعمال التجارية الأساسية

في عام 2011، أعلن المؤسس المشارك ستيف جوبز أن "التكنولوجيا وحدها ليست كافية - إنها التكنولوجيا المقترنة بالإنسانيات، المقترنة بالعلوم الإنسانية، التي تجلب لنا النتائج المفرحة".

أما تيم كوك، خلف جوبز في منصب الرئيس التنفيذي للشركة، فهو أقل اهتماما بالغناء، لكنه كثيرا ما كرر الشعار بأن "شركة أبل فقط" تستطيع الجمع بين الأجهزة والبرمجيات والخدمات في كل واحد متماسك.

وقال في مؤتمر بنك جولدمان ساكس للتكنولوجيا في شباط ( فبراير) الماضي: "لم نكن شركة معدات منذ أن بدأت العمل في شركة أبل. لا أعتقد أن "أبل" كانت شركة معدات أصلا، حتى في بداياتها".

مع ذلك، ورغم الجهود المبذولة لإقناعهم بخلاف ذلك، يغلب على المستثمرين رؤية، وتقييم، شركة أبل على أنها شركة معدات. وعندما يكون النمو في أكثر الأجهزة ربحية لديها على وشك اتخاذ اتجاه معاكس للمرة الأولى، تجري معاقبة أسعار أسهمها تبعا لذلك: فقد خسرت شركة أبل نحو ربع قيمتها منذ أن حققت رقما قياسيا مرتفعا في شباط (فبراير) الماضي.

تم التأكيد على تلك المخاوف مؤخرا: حيث توسعت مبيعات الآيفون بأقل من 1 في المائة في الربع الأخير، وحذرت شركة أبل من أن الإيرادات الإجمالية هي على وشك أن تشهد أول تراجع فصلي لها منذ عام 2003.

#2#

لذا، تتخذ الشركة نهجا جديدا في نشر رسالتها بأنها لن تسلك الطريق الذي سلكته شركتا بلاكبيري ونوكيا من قبلها. جنبا إلى جنب مع أرباح يوم الثلاثاء، نشرت شركة أبل بيانات جديدة لتسليط الضوء على نطاق ووتيرة وحدة الخدمات فيها، بقيادة متجر تطبيقات أبل.

كما أنها كشفت عن أن أكثر من مليار من أجهزة أبل كانت قيد الاستخدام خلال الأيام التسعين الماضية، بما في ذلك جهاز الآيفون وساعات أبل وأجهزة ماكينتوش.

قال لوكا مايستري، كبير الإداريين الماليين في شركة أبل، في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز": "لدينا عدد ضخم من الأجهزة التي تعمل بنشاط مع خدماتنا، وهذا العدد يزداد بسرعة كبيرة جدا".

كما أشار إلى أرقام تظهر أن "عمليات الشراء المرتبطة بقاعدة التثبيت"، وهي مقياس جديد يشمل إنفاق العملاء على التطبيقات والموسيقى والأفلام، قبل أن تدفع شركة أبل نحو 70 في المائة من حصة الإيرادات للمبتكرين، ارتفعت بنسبة 23 في المائة العام الماضي لتصل إلى 31.2 مليار دولار. وقد ارتفع هذا المقياس بنسبة 24 في المائة في الربع الأخير من العام، حتى مع استقرار مبيعات الآيفون.

قال مايستري: "إن نسبة كبيرة من أعمال الخدمات التجارية مرتبطة بشكل مباشر بقاعدة التثبيت لدينا وليس بالشحنات أو مبيعات الفصل الحالي. وهذا الجزء من عملنا، الذي يعتبر متكررا جدا بطبيعته لأنه مرتبط بقاعدة تثبيت كبيرة في الواقع، وينمو بسرعة كبيرة جدا كما أنه مربح للغاية".

توقيت الكشف، جنبا إلى جنب مع التحذير بتراجع مبيعات الآيفون، لم يغب عن بال المراقبين.

قال بين باجارين، المحلل في شركة Creative Strategies: "إنهم يحاولون تغيير الرواية. ويحاولون القول إنهم ليسوا مجرد شركة معدات فقط، لكن أهل وول ستريت سيصدقون هذا فقط عندما يرون المال".

تغيير الانطباع بأن شركة أبل معتمدة على مبيعات الآيفون ربما يحتاج إلى بعض الوقت. حتى مع تنامي الخدمات بسرعة أكبر من نمو مبيعات الأجهزة، لا يزال الآيفون يشكل 68 في المائة من إجمالي إيرادات شركة أبل في فصلها الأخير - أقل من نقطة مئوية واحدة دون المستوى الذي حققته في الفترة نفسها من العام الماضي.

شكلت إيرادات الخدمات في شركة أبل والبالغة 5.5 مليار دولار في الفصل الأخير ما نسبته 7 في المائة فقط من مجموع المبيعات.

أما إيرادات التطبيقات، آي كلاود وغيرها من الخدمات ربما تكون صغيرة بحسب معايير الشركة التي لا زالت أكبر شركة في العالم من حيث الرسملة السوقية، لكن هذا الفصل المنفرد لخدمات شركة أبل كان أكبر من مبيعات ياهو التي من المتوقع أن تكون لإجمالي العام الماضي، وعلى قدم المساواة مع ما من المرجح أن تبلغ عنه شركة فيسبوك في فصلها الرابع.

قال مايستري: "إذا نظرت إلى شركات خدمات الإنترنت الأخرى، تجدها تتمتع بميزات مختلفة عن تلك التي تتمتع بها شركة أبل"، وهي قيمة أعلى بكثير لكل دولار من الأرباح.

يغلب على المستثمرين تفضيل الشركات التجارية التي تبيع البرمجيات أو الخدمات عن تلك التي تبيع الأجهزة، لأنها أقل عرضة للتقلبات الجامحة في النمو التي شهدتها شركة أبل في السنوات الأخيرة. قال جان دوسون، المحلل في شركة جاكدو للبحوث: "الأمر المهم الذي تحاول شركة أبل توضيحه هنا هو أن المحللين أخطأوا، عندما قالوا إن إيرادات أبل لا يمكن التنبؤ بها أصلا".

لا يزال من غير الممكن إجراء مقارنة مباشرة بين أمثال شركات فيسبوك وألفابت، شركة جوجل الأم، استنادا إلى الأرقام التي أصدرتها أبل. من جانب، أعمال الإنترنت التجارية في الشركة تستند أساسا إلى عمليات الشراء التي يجريها المستهلكون، بينما يعتمد جيرانها في وادي السيليكون على خدمات مجانية تمولها الإعلانات.

على عكس المقياس الموحد الذي تستخدمه جوجل وفيسبوك المتعلق بالمستخدمين الفريدين في كل شهر، تعمل أرقام الأجهزة في أبل على تضخيم عدد الأفراد الذين يشترون تلك التطبيقات، عن طريق عد كل شخص يمتلك جهاز آيفون وجهاز آيباد وساعة أبل كمكونات ثلاثة تدخل في "قاعدة التثبيت النشطة لديها". قدر باجارين بأن العدد الفعلي لعملاء أبل الجدد يقترب من 600 مليون شخص. وقال: "الرقم الذي قد نحتاج إلى معرفته هو الرقم المطلق لقاعدة المستخدمين الجدد - هل هو في تزايد؟ ما هو الإيراد السنوي لكل مستخدم وهل هو آخذ في الارتفاع؟"

وفي حين أن متجر تطبيقات أبل هو إلى حد بعيد أكبر محرك لخط إيرادات الخدمات لديها، تدرج أبل أيضا مبلغا غير محدد من مبيعات أدواتها غير المتصلة بالإنترنت مثل شاشات الاستبدال أو الملحقات التي تحمل شعار العلامة التجارية "صنع للآيفون"، التي ترخصها لأطراف أخرى مقابل الحصول على ريع.

قال أميت دارياناني، المحلل في وكالة آر بي سي لأسواق رأس المال: "إن الأرقام مثيرة للإعجاب، لكن ليس لدينا ما يكفي من التاريخ"، مشيرا إلى أن العام الماضي ربما كان قويا بشكل غير عادي في قطاع الخدمات، بسبب القفزة التي حققتها عمليات شراء جهاز الآيفون 6. "الحقيقة هي أن تدفق الإيرادات المتكرر من الخدمات يعمل فقط، إذا كانت قاعدة التثبيت لديك نشطة وفاعلة وبصحة جيدة".

إذا كان نية أبل في تركيزها على قاعدة التثبيت الضخمة لديها والنمو السريع في قطاع أعمال الخدمات لصرف الانتباه عن تباطؤ نمو مبيعات الآيفون، فإن المناورة قد تكون لها نتائج عكسية.

دفعت الشفافية المفاجئة البعض للتساؤل حول ما يمكن أن تكون دوافع أبل الأخرى. قال دارياناني: "التغذية الراجعة من العملاء هي: "هل تم الكشف عن إيرادات الخدمات مسبقا، قبل أن يحقق الآيفون نموه خلال الفصول العديدة المقبلة؟".

كان المستثمرون أكثر اهتماما بالتغيير المفاجئ في لهجة كوك حول تأثير البيئة الاقتصادية الكلية المضطربة على أعمال شركة أبل التجارية في جميع أنحاء العالم. بعد انتهاء بيان الإيرادات الخاصة بشركة أبل ليلة الثلاثاء الماضي، انخفضت أسهمها بنسبة 2.5 في المائة.

حذر كوك قائلا: "نحن نشهد ظروفا قاسية، على عكس أي ظرف شهدناه من قبل، تماما في كل مكان نتطلع إليه قريبا"، على الرغم من أنه كان قد استبعد المخاوف التي تلوح في الأفق فيما يتعلق بالاقتصاد العالمي قبل 3 أشهر فقط: "لقد تأثرت الأسواق الرئيسية بما فيها البرازيل وروسيا واليابان وكندا وجنوب شرق آسيا وأستراليا وتركيا ومنطقة اليورو جراء تباطؤ النمو الاقتصادي، وانخفاض أسعار السلع الأساسية والعملات الضعيفة" حسب قوله.

كان أثر معدلات صرف العملات الأجنبية حادا للغاية إلى درجة أنه وعلى أساس العملات الثابت، كان من الممكن أن تكون مبيعات الفصل الواحد أعلى بمبلغ 5 مليارات دولار - أو "نحو حجم الإيرادات السنوي لإحدى الشركات المدرجة على قائمة فورتشن 500"، بحسب ما أشار كوك.

على أنه كان من الممكن أن يستخدم مقارنة مختلفة: فقد كان لمعدلات الصرف المتقلبة الأثر نفسه في أعمال شركة أبل التجارية، مثل كامل وحدة الخدمات لديها.

الأكثر قراءة