مركز توعية المستثمر.. خطوة إلى الأمام
دشنت هيئة السوق المالية أخيرا موقعها الإلكتروني "مركز توعية المستثمر"، الذي ضمَّ في أروقته ثلاثة أقسامٍ رئيسة هي؛ القسم الأول: موقع توعية المستثمر، الثاني: كتيبات توعية المستثمر، الثالث: ورش عمل توعية المستثمر. في اعتقادي أن خطوة الهيئة المتمثلة في تدشين موقعٍ متخصصٍ في تعزيز الوعي المالي والاستثماري؛ حتى وإن تأخرت هذه الخطوة، أعتقد أنها واحدة من أهم اللبنات المتوقع مساهمتها في صنع سوقٍ مالية أكثر استقراراً، وأكثر أماناً عبر السنوات المقبلة. قد لا تتبين النتائج الإيجابية في المنظور الزمني القريب ولا حتى المتوسط لهذا المجهود والعناية المبذولة باتجاه توعية المستثمرين، إلا أنها دون أدنى شكٍّ ستحمل معها فوائد وقيماً مضافة بالنسبة للمجتمع الاستثماري المحلي؛ خصوصاً الأجيال الناشئة التي أصبح "الإنترنت" جزءاً رئيساً في تشكيل أفكارهم وتوجهاتهم الشخصية. ما يجب ألا تغفل عنه هيئة السوق المالية ممثلة في إدارتها المجتهدة "توعية المستثمر"، هو عدم التوقف عند ما تم إنجازه حتى الآن، إذ إن عليها الاستمرار والتطوير على طريق الارتقاء بمستويات الوعي والمعرفة المالية والاستثمارية. فعلى سبيل المثال؛ عليها التفكير بإضافة نافذة عبر موقع مركز توعية المستثمر تحاكي فيها السوق الحقيقية، يمكن من خلالها للزائر فتح محفظة استثمارية افتراضية ترتبط فعلياً بتغيرات السوق، على أن يُطلب من الزائر "المتعامل الافتراضي" ذكر أسباب أو حيثيات قراراته بالبيع أو الشراء، وفي نهاية يوم العمل يقوم الموقع بمراجعة جميع القرارات التي اتخذها الزائر بشكلٍ تقييمي.
ما يجب التأكيد عليه بعد التجربة الأخيرة المريرة التي مرّت بسوق الأسهم المحلية، أن إحدى الثغرات التي تسرّبت من خلالها فوضى التعاملات والقرارات المتسرعة غير المدروسة تمثلت في النقص الكبير إن لم يكن التام في الجانب المعرفي بشؤون المال والاقتصاد لدى عموم المتعاملين في السوق، خاصةً أن أكثر من 94 في المائة من مجتمع المستثمرين في السوق المحلية لم يبدأ في التعامل إلا من بعد 2003، بل إن أكثر من نصف المستثمرين المحليين لم يبدأ في السوق إلا مع مطلع 2005! فتحت هذه الثغرة الغائرة في المجتمع أبواباً مشتعلة المخاطر، تدفق من خلالها الكثير من الأخطاء الفادحة، رأينا جميعاً نتائجها السلبية المفجعة فيما بعد شباط "فبراير" 2006، وإن كنا نتفق على أنها ليست السبب الوحيد الذي أفضى إلى حدوث كارثة السوق المحلية الأخيرة، ولا شك أننا نتفق أيضاً على أنها ساهمت بصورةٍ كبيرة في زيادة الفاجعة. كان من أخطر الأخطاء فداحةً ما شهدناه في وقتٍ مضى 2004-2005 من انتشارٍ لافت وخطير لظاهرة تجميع الأموال وإدارتها في السوق بصورةٍ غير مشروعة، هي الظاهرة التي تورّط فيها الكثير من المتعاملين كضحايا، وتورّط فيها عدد من الأفراد وبعض المحللين المعروفين إعلامياً كجامعي أموال بغير وجه حق، ولأن الخطأ الأول لا يتعبه إلا خطأً ثانٍ ولكنه أكبر وأفدح! أجزاءٌ كثيرة من الدروس أصبحت مكتوبةً على سماء السوق، فقط تتطلّب من يعتبر ويفهم. أخيراً، ما دعاني فعلاً للإشادة بموقع توعية المستثمر، وضرورة الاستفادة منه بالنسبة للمجتمع الاستثماري، خاصةً الشرائح الشابة منه، أنه ضمن المواقع المحدودة العدد أو النادرة بمعنى أدق في مجال التثقيف الاستثماري بصورةٍ مجانية وباللغة العربية. وحسب معلوماتي فلا توجد مواقع أخرى باللغة العربية في منطقة الخليج العربي في هذا المجال سوى مواقع محدودة جداً، وجميعها يقدم خدماته مقابل رسوم مالية قد تكون باهظة الثمن على الأغلبية.