ضبابية سلم رواتب القطاع الخاص تفتح المجال للتلاعب بحقوق الموظفات
دعا متخصصون في "الموارد البشرية" وموظفات في القطاع الخاص، إلى أن تتولى جهة مستقلة تحديد سلم الرواتب في شركات القطاع الخاص، على أن يتناسب الراتب مع الدرجة الوظيفية للموظفة، ووفق التخصصات والمؤهلات التي تحملها الموظفة، مشيرين إلى أهمية إلزام الشركات بإعلان سلم الرواتب لديها والتصريح به.
وقال المشاركون في هذا التقرير إن عدم وجود سلم للرواتب في غالبية الشركات، فتح المجال لتفاقم ظاهرة التفاوت والبون الشاسع بين أجور الموظفات في الشركات، كما أتاح المجال للتقليل أو الزيادة في راتب الموظفة وفق أهواء صاحب أو صاحبة الشركة، دون الاعتماد على معيار سليم أو علمي، إضافة إلى سماحه بحدوث تفاوض بين الموظفة وصاحبة العمل وهو ما أضر بالسعوديات كونهن عاجزات عن تسويق أنفسهن والتفاوض على مهاراتهن العملية.
لماذا هذه السرية؟
حسن محمد بن محسن, مسؤول شؤون إدارية في إحدى الشركات، يؤكد أهمية أن تراقب وزارة العمل عمليات الترقية، وأن تضع قوانين تحكم سلم الرواتب في شركات القطاع الخاص.
وزاد" فمثلما وجدت لائحة تنفيذية لنظام العمل تسير الشركات، على تلك اللائحة ألا تغفل وجود سلم للرواتب على غرار نظام الخدمة المدنية فعدم وجود نظام يحكم سلم الرواتب فتح الباب على مصراعيه لتجاوز القطاع الخاص في فروق بين الرواتب دون أن تضاهيها فروق في المسؤوليات والمهام الوظيفية".
وتابع" وأكثر ما تنتشر تلك الظاهرة في الشركات النسائية لقلة عدد موظفاتها وعدم وجود درجات وظيفية لهن، لذا ينتشر التفاوت بين الرواتب بحسب المزاج الشخصي دون معيار محدد نستطيع الحكم عليه، لذا أنا أطالب بأن يكون سلم الرواتب معلنا ومنشورا في الشركات للموظفين"، مستغربا أن يكون الأمر سريا، إذ إن إعلان هذا السلم والدرجات الوظيفية ـ وفق ابن محسن ـ يساعد على التنافس الشريف بين الموظفين للوصول إلى الأفضل.
لماذا الشركات النسائية أكثر؟
يبين محمد السلمان مشرف إعداد هيكل الرواتب والأجور في إحدى الشركات، أن إعداد سلم الرواتب يخضع لمعايير علمية، وهو ليس بالأمر البسيط، إذ يتطلب دراسة شاملة لوضع الشركة ووظائفها بكل مستوياتها، من حيث التأهيل المطلوب والواجبات والمسؤوليات، والوضع الاقتصادي العام ومستويات الرواتب في الشركات المماثلة أو المنافسة.
وقال "إن عدم وجود معيار خاص بسلم الرواتب جعل الراتب خاضعا للمفاوضات بين طالبة العمل ومسؤولة الشركة، وهو ما جعل الأمر في غير صالح الفتاة السعودية، فجميعنا يعرف بأنها حديثة عهد بالمجال ونادرا ما تتمكن من المفاوضة لجعل راتبها يقترن بمهارتها أو بتسويق قدراتها لدى صاحبة العمل".
وعزا السلمان تفاقم الظاهرة في المنشآت النسائية إلى عدم حاجة المنشآت لتوسيع نطاق المستويات الوظيفية فيها، مشيرا إلى أن بعض الشركات أو المؤسسات تكتفي بعشر درجات من المرتبة نفسها والبعض الآخر يصل حتى 40 درجة.
وأوضح أن هيكلة الرواتب في الشركة تتم حسب المؤهل العلمي والخبرات والدورات التدريبية والمستوى العام للوظيفة، فلا يتساوى موظف عادي مع مدير الإدارة وإن تساوى العمل، لافتا إلى أنه يجب معرفة عدة عوامل عند إعداد سلم الرواتب، ومنها، حجم المنشأة، القدرة المالية للمنشأة، الهيكل التنظيمي للمنشأة، وتصنيف الوظائف من وظائف مهنية وإدارية ورؤساء أقسام ومديري إدارات وغيرها.
وأضاف" يتم ذلك وفقا لنظام HAY وهي من أشهر شركات الموارد البشرية يتم قياس الوظيفة من خلال ثلاثة محاور أساسية هي الخبرة العلمية والعملية وطبيعة المشكلات الخاصة بالوظيفة وطرق حلها وحجم التعاملات المالية الخاصة بالوظيفة وهل هي مباشرة أم غير مباشرة".
وطالب السلمان بأن تتولى إحدى الجهات المعنية تحديد المعيار والسلم لتفادي المشكلات الحاصلة والصعوبات التي لا تستطيع المنشآت الصغيرة والمتوسطة حلها بالطريقة المثالية.
ماذا يحدث في غياب سلم الرواتب؟
ترى منال جندي، باحثة تسويق، أن عدم وجود معايير تحكم الراتب أو السلم الوظيفي، يجعل الفرصة متاحة للحصول على الراتب العالي لمن هو أقدر على تسويق مهاراته وقدراته، وهن الوافدات في هذه الحالة، وهو ما فوت الفرصة على الفتيات السعوديات كثيرا في الوصول لرواتب عالية كونهن حديثات عهد بالعمل ولا مهارة لديهن لتسويق قدراتهن.
وتضيف "هناك من الفتيات الوافدات من تعمل براتب عال جدا وبمؤهل السعودية نفسه ولكن لأن الأخيرة لديها القدرة على الحديث بثقة عن مهارتها والمطالبة بدبلوماسية بكامل حقوقها، تتفوق على السعودية التي لم تؤهل لسوق العمل بشكل كاف".
وزادت منال جندي "نجد أن راتب البعض يرتفع وبفارق غير معقول للفتاة نفسها التي تحمل المؤهل نفسه وتقوم بالمؤهلات نفسها ولكن لأنه لا يوجد قانون يحكم أو يصنف الرواتب على غرار لوائح حقوق الإجازات وعدد ساعات الدوام وإجازة الأمومة وغيرها من الحقوق التي شرعها نظام العمل، أتيح المجال لأي شركة للارتفاع والانخفاض برواتبها وفق أهواء شخصية فقط لا غير".
لماذا لا يوجد معيار راتب ينظم المسألة؟
تستغرب دانا الحسين، موظفة، من أنه لا توجد قيود تحكم معيار الرواتب في القطاع الخاص ولا درجات وظيفية لهن أصلا، وبحسب قولها، فإنك قد تكونين تحملين مؤهلا أعلى من زميلتك وتقومين بالمهام الوظيفية نفسها، ولكن أجرها أعلى دون سبب أو معيار معلوم يقنعك.