17 مليار ريال سوق التشطيبات الفاخرة السعودية ومستثمرون يؤسّسون إنتاجا محليا 

17 مليار ريال سوق التشطيبات الفاخرة السعودية ومستثمرون يؤسّسون إنتاجا محليا 

17 مليار ريال سوق التشطيبات الفاخرة السعودية ومستثمرون يؤسّسون إنتاجا محليا 

شهدت السوق العقارية السعودية نشاطا محموما في مجال التشطيبات الفاخرة والديكور، إذ تقدر قيمة القطاع بنحو 17 مليار ريال ويصل سعر تشطيب المتر المربع الواحد إلى 6 آلاف ريال، في حين يتجه المستثمرون إلى تقليص تكاليف استيراد التشطيبات من خلال تأسيس مصانع متخصصة، بحسب ما أكده لـ "الاقتصادية" مختصون ومتعاملون في السوق.


9 آلاف ريال تكلفة المتر المربع


تصدرت السعودية بجانب الإمارات أبرز الدول عالمياً التي تشهد نسبة عالية من التكاليف المخصصة للتشطيبات عالية الجودة حيث بلغ متوسط التكاليف أكثر من 9 آلاف ريال للمتر المربع، وهو أعلى من المتوسط العالمي البالغ 6860 ريالا، بحسب دراسة حديثة أجرتها شركة "جيه إل إل" العام الجاري.

واستنادا إلى تحليل بيانات جمعتها الشركة من 25 سوقا حول العالم، يعود سبب ارتفاع التكلفة إلى ضغوط معقدة يواجهها قطاع الإنشاءات في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في عام 2025، مع ارتفاع تكاليف تجهيز المكاتب والمساكن خلال الاثني عشر شهراً الماضية.


17 مليار سوق التشطيبات الفاخرة في السعودية


فيصل الأحمدي مدير عام دار الزبرج للديكور قال: إن حجم الطلب على سوق التشطيبات الفاخرة في السعودية يقدر اليوم بـ17 مليار ريال سعودي، مشيرا إلى أن وجود الشركات العالمية كمنافس في السوق يخدم الشركات المحلية من حيث التنافس في تقديم الخدمات وجودة المنتجات.

وذكر أن السعودية اليوم تقدم محفزات كبيرة لكن السوق ما زالت تميل للاستيراد بسبب صورة نمطية ترسخت لدى بعض التجار بأن كلفة التصنيع ستكون أعلى، ما يدفعهم لتفضيل الاستيراد على التصنيع، موضحا أن تصنيع الديكور ومواد البناء محليا يوفر أكثر من 50% من الاستيراد خارجيا، خاصة أن بعض المصانع تستورد المواد الخام من السعودية ثم تصنعها وتعيد تصديرها للتجار المحليين.


خبرات صينية لمدة عام فقط


وفقا للأحمدي فقد بدأت أعمال إنشاء أول مصنع سعودي متخصص في تصنيع خطوط الإنتاج لمواد البناء والديكور، على مساحة تقدر بـ 15.5 ألف متر مربع، وقال: " وافقت هيئة المدن الصناعية بعد 4 أيام من تقديم الطلب على تخصيص أرض صناعية في الخرج لإقامة أول منشأة سعودية لتصنيع خطوط إنتاج لمواد البناء والديكور". وهذا يعد وقتا قياسيا في عرف الأعمال الصناعية، وأضاف: سيتولى خبراء مختصين من الصين تشغيل المصنع في البداية ثم ينقلون خبراتهم إلى الشباب السعودي خلال عام، وفقا للاتفاقية المبرمة معهم".


توجه محلي للألواح الصخرية وبديل الرخام


يشهد قطاع التشييد والديكور طفرة مع ظهور جيل جديد من المواد من بينها الألواح الصخرية المرنة، وهي صفائح صخرية طبيعية تُقشط بسمك 3 ملم وتُدعّم بألياف الفايبر لتصبح مرنة ومتينة، وتستخدم بفاعلية في تكسية الواجهات الخارجية.

وعلى الصعيد الداخلي، ظهر بديل الشيبورد المصنع ليحل محل نظيره الطبيعي، حيث تم تصنيعه بتقنية تعالج عيوب الشيبورد التقليدي، فلا يتأثر بالماء ويزن أقل من ربعه، ما يجعله خيارا مثاليا لتكسيات الحوائط الداخلية ويغني عن تكاليف الدهانات.

وفي مجال الأرضيات، برز بديل الرخام كخيار اقتصادي وعملي إذ لا تتجاوز تكلفته ربع سعر الرخام الطبيعي، ويمكن تركيبه لفيلا كاملة خلال يومين فقط، مع ضمان عدم تأكسد لونه أو تأثره بالمنظفات، إضافة إلى ذلك، تستخدم الصفائح الطينية، المصنعة من الطين الطبيعي بنقشات متنوعة، في تكسيات الجدران وتلبيس الكتل، ما يوفر خيارا جماليا يعتمد على المواد الطبيعية.


الفنادق الفاخرة غيرت المفاهيم


المصممة أمل عبد العزيز السلمان، عضو اللجنة الوطنية للتصميم الداخلي، أكدت أن نظرة السكان للمنازل شهدت تحولا جوهريا، حيث لم يعد "البيت" مجرد جدران وأسقف، بل أصبح "استثمارا في جودة الحياة"، مشيرة إلى أن هذا التحول في الذوق يعود إلى عدة عوامل أبرزها التجارب الملهمة في السفر والفنادق الفاخرة، ومحتوى وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى توقعات الجيل الجديد العالية.

ووجهت السلمان بوصلة التصميم الحديث نحو "الفخامة غير المبالغ بها" التي تركز على الإضاءة الذكية، ودراسة تناسق الألوان وأحجام الأثاث، واختيار الخامات والديكورات المدروسة بعناية.


التشطيبات تعادل "العظم"


وفيما يتعلق بالتكاليف، أشارت إلى أنه لا يمكن وضع رقم ثابت لتكلفة التصميم الداخلي، لأنها تتغير بناء على مساحة المشروع ومستوى التشطيبات والمواد والأفكار التصميمية المختارة. ورغم ذلك، نوهت إلى أن المشاريع الفاخرة تبدأ من مستويات أعلى من متوسط السوق. وأكدت المصممة أن العميل هو من يحدد السقف المالي بخياراته، بينما يوجه المصممون العملاء نحو الخيارات التي تجمع بين الجمال والجودة والاستدامة.

السلمان أضافت: "إن القيمة الحقيقية تكمن في التفاصيل التي تعاش يوميا، لا في الخرسانة فقط". وكشفت أن تكلفة التشطيب والديكور والأثاث في بعض المشاريع المميزة قد تعادل أو تتجاوز كلفة الهيكل الخرساني -أو ما يعرف بالعظم- ، خاصة عند اللجوء للأعمال الخاصة (Custom).

وأكدت على حيوية قطاع التصميم الداخلي في المملكة، حيث وصفته بأنه الأسرع نموا في المنطقة على الصعيدين السكني والتجاري. وتوقعت أن يتضاعف حجم السوق خلال السنوات المقبلة.


أكثر الطلبات والتقنيات التي تلاقي طلبا كبيرا في قطاع الديكور، تتمثل في الإضاءة الذكية المتمحورة حول الإنسان، مثل تغيير حرارة اللون على مدار اليوم، والحلول الصوتية المخفية خصوصًا في الصالات المفتوحة والمكاتب، وتكامل المنزل الذكي من المناخ ثم الستائر، والصوت، والإنارة ووفقا للسلمان يطلع العميل على تصوّر مسبق عبر صور ثلاثية الأبعاد (3DMAX) ونماذج مادية لعقد القرار قبل التنفيذ فيقل الهدر ويسرع الإنجاز.

وعن دخول الشركات العالمية كمنافس قوي في السوق المحلية، قالت عضو اللجنة الوطنية للتصميم الداخلي إن المنافسة الصحية ترفع الذائقة والجودة للجميع، لكن النجاح عندنا مرتبط بفهم أسلوب الحياة السعودي: مساحات الضيافة الكبيرة والخصوصية، عادات الاستخدام، وهنا تبرز ميزة المصمّم المحلي.


400 ريال للمتر أتعاب التصميم الداخلي


المهندس مشاري الراشد المتخصص في القطاع العقاري، قال إن السعودية تشهد تحوّلاً لافتاً في ذوق العملاء؛ فمع ارتفاع مستوى الدخل ووعي الملاك بأهمية التصميم، أصبحت التشطيبات عنصر تميّز أساسي، كما أسهم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والمشاريع الكبرى ضمن رؤية 2030 في رفع معايير الجودة والتصميم. واللافت أن بعض المشاريع الراقية تصل فيها تكلفة التشطيبات والأثاث المخصص من 3 إلى 6 آلاف ريال للمتر المربع، متجاوزة أحياناً تكلفة بناء الهيكل نفسه.

وعن أتعاب التصميم الداخلي فقد أشار بأنها تراوح عادة بين 100 و400 ريال للمتر المربع بحسب حجم المشروع ومستوى التفاصيل، أما أعمال التشطيبات الفاخرة فهي تعتمد على استخدام مواد نادرة أو أنظمة ذكية، بينما قد يضيف الأثاث المخصص نسبة 20–50% إضافية على إجمالي المشروع.

وبحسب تقارير مثل IMARC وMordor، تجاوز سوق التصميم والديكور في السعودية 12–15 مليار ريال في 2024 مع معدل نمو سنوي متوقع يتجاوز 6–8٪، ما يبرز شهية متزايدة للاستثمار في التشطيبات الراقية.

عالميا يتجه الطلب نحو المنازل الذكية التي تتحكم بالإضاءة والتكييف والأمن، مع تزايد الاهتمام بالتصميم المستدام والمواد الصديقة للبيئة، كما تنتشر تقنيات الواقع المعزز والافتراضي لعرض التصاميم قبل التنفيذ، بجانب اهتمام متنامٍ بدمج الطبيعة داخل الفراغات (Biophilic Design) وفقا للراشد.

وأكد أن دخول الشركات العالمية رفع مستوى التنافسية وفتح المجال لاستخدام خامات وتقنيات متقدمة، لكن الضمان الحقيقي للجودة يكمن في عقود تنفيذ تفصيلية وفحوصات استلام دقيقة، إضافة إلى وجود مكتب محلي قوي لإدارة المشروع يضمن التزام الموردين الأجانب بالمواصفات ويوفر وثائق ضمان وصيانة واضحة.

الأكثر قراءة