قوة سوق الأسهم الأمريكية تساعد الاقتصاد على تفادي الركود.. سلاح ذو حدين

قوة سوق الأسهم الأمريكية تساعد الاقتصاد على تفادي الركود.. سلاح ذو حدين

قوة سوق الأسهم الأمريكية تساعد الاقتصاد على تفادي الركود.. سلاح ذو حدين

يعزز نمو سوق الأسهم الأمريكية، الذي يبدو منيعا أمام الرسوم الجمركية والسياسات وضعف سوق العمل، إنفاق المستهلكين ويضع حدا لاقتصاد توقع كثيرون أن يكون على شفا ركود بحلول هذا الوقت.

رسمت البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة صورة مشرقة بشكل مفاجئ للاتجاهات الأخيرة.

كان إنفاق المستهلكين في أغسطس أقوى من المتوقع، وكذلك الدخل. تواصل الشركات والأسر طلب السلع باهظة الثمن، بينما ظل التضخم منخفضا نسبيا. حتى قطاع الإسكان أظهر بوادر انتعاش، حيث بلغت المبيعات الجديدة أعلى مستوى لها في 3 أعوام في أغسطس.

في السابق، كانت هذه الاتجاهات مدعومة بتريليونات الدولارات من التحفيز، سواء من إنفاق الكونجرس أو أسعار الفائدة المنخفضة أو ضخ السيولة من الاحتياطي الفيدرالي.

لكن التفسير الآن يتحول نحو ما يعرف بـ "تأثير الثروة" القادم من وول ستريت، وسلسلة من الارتفاعات الجديدة في مؤشرات الأسهم الرئيسية رغم التقييمات المرتفعة.

قال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في شركة Moody's Analytics، يوم الجمعة على قناة سي إن بي سي: "أعتقد أن هذا يعود إلى انتعاش سوق الأسهم وتأثير الثروة". وأضاف أن كل الإنفاق يأتي من الأسر الميسورة ذات الدخل المرتفع وصافي الثروة الكبير، التي ترى محافظها الاستثمارية ترتفع وتشعر بتحسن كبير في وضعها المالي، ما يدفعها للإنفاق بشكل أكبر.

في الواقع، شهدت السوق ارتفاعا تدريجيا هذا العام، مدعومة بلا شك بالإنفاق الهائل على الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى قوة الشركات الصناعية الكبرى وشركات الاتصالات العملاقة. ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من 9%، بينما ارتفع مؤشر ناسداك المركب، الذي يركز على التكنولوجيا، 23%.

يشعر المستهلكون دائما بسعادة أكبر عندما ترتفع أسعار الأسهم وتنخفض معدلات البطالة، كما هي الحال حاليا. ومع ذلك، فإن معنويات المستهلكين هذا العام، وفقا لجامعة ميشيجان، في انخفاض مستمر، حيث انخفضت 23% منذ يناير عندما تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب منصبه.

سلاح ذو حدين
انخفض مؤشر ميشيجان 5.3% في سبتمبر، رغم أن جوان شو، المسؤولة عن الاستطلاع، أشارت إلى وجود استثناء: "استقرت معنويات المستهلكين الذين يمتلكون أسهما أكبر في سبتمبر، بينما انخفضت معنويات الذين يمتلكون أسهما أقل أو لا يمتلكون أي أسهم على الإطلاق".

ويبدو هذا منطقيا بالنظر إلى أن سوق الأسهم سجلت سلسلة من الأرقام القياسية الجديدة هذا الشهر. وبما أن أعلى 10% من أصحاب الدخل في الولايات المتحدة يمتلكون 87% من السوق، بحسب بيانات الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، فإن أصحاب الأصول لديهم سبب للشعور بالرضا.

ويشير زاندي إلى أن هذا أيضا سبب محتمل يجعل قوة الاقتصاد مؤقتة وغير مستقرة.

وقال إن الاقتصاد سيكون ضعيفا جدا إذا تراجعت سوق الأسهم لأي سبب، سيبدأ الناس برؤية الخسائر بدلا من المكاسب، وترتفع معدلات الادخار بدل الانخفاض، وفي ظل غياب نمو الوظائف، فإن هذا الوضع يؤدي إلى الركود.

تركز المخاوف بشأن سوق الأسهم بشكل أساسي على التقييمات، حيث يتداول مؤشر ستاندرد آند بورز 500 حاليا عند 22.5 ضعف الأرباح المتوقعة للأشهر الـ 12 المقبلة، وهو أعلى بكثير من اتجاهات الخمسة أعوام (19.9) والعشرة أعوام (18.6)، وفقًا لبيانات شركة FactSet.

ومع ذلك تشير البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى أن ضغوط الركود لا تزال منخفضة.

ارتفع إنفاق المستهلكين في أغسطس 0.6%، وفقا لأرقام وزارة التجارة الصادرة يوم الجمعة، التي كانت أفضل من المتوقع. وارتفع الإنفاق المعدل حسب التضخم 0.4%، ما يشير إلى أن المستهلكين ما زالوا قادرين على تحمل زيادات الأسعار.

وفيما يتعلق بالتضخم، لا يزال المعدل السنوي أعلى بكثير من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، مع استقرار معدل التضخم الأساسي عند 2.9%. لكن الزيادات الشهرية تتوافق إلى حد كبير مع الاتجاهات السابقة وتوقعات وول ستريت، ما يجعل الاحتياطي الفيدرالي على المسار الصحيح لخفض أسعار الفائدة في أكتوبر على الأرجح، وربما خفض آخر في اجتماعه مرة أخرى في ديسمبر.

قال كريس زاكاريلي، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة Northlight Asset Management: "واصل الاقتصاد تحقيق أداء إيجابي مفاجئ، ورغم السلبية التي أظهرتها استطلاعات الرأي وعبر عنها المحللون، إلا أن الأفعال أبلغ من الأقوال، ويواصل المستهلكون الإنفاق، وهذا هو السبب في استمرار تجاوز أرباح الشركات للتوقعات".

أخبار سارة ومخاطر أكبر
شهد الاقتصاد الأمريكي الأسبوع الماضي بيانات إيجابية، أبرزها نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني بمعدل سنوي 3.8% بعد تعديل البيانات، مدفوعا بقوة إنفاق المستهلكين، كما رفع الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا تقديراته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث، ما رفع معدل النمو المتوقع إلى 3.9%. وزادت طلبات السلع المعمرة بشكل غير متوقع وارتفعت مبيعات المنازل الجديدة 20%، بينما ظلت تسريحات الموظفين منخفضة ونمو الرواتب ثابتا.

رغم أن النمو يقوده بشكل رئيسي المستهلكون من الشريحة العليا، تشير الأرقام إلى استقرار الاقتصاد نسبيا.

قالت إليزابيث رينتر، كبيرة الاقتصاديين في شركة NerdWallet، إن قوة المستهلك حافظت على الاقتصاد رغم التضخم المرتفع وارتفاع أسعار الفائدة وعدم اليقين. لكنها حذرت من هشاشة الاقتصاد، إذ إن شريحة واسعة من المستهلكين لا تشارك في سوق الأسهم وتشعر بالضغط، ما يجعل المزاج العام متقاربا مع مستويات الركود.

الأكثر قراءة