تسمية ملاعب الأندية السعودية رافعة اقتصادية بعوائد تصل إلى 70 مليون ريال
تسمية ملاعب الأندية السعودية رافعة اقتصادية بعوائد تصل إلى 70 مليون ريال
تعد حقوق تسمية ملاعب الأندية السعودية رافعة اقتصادية يتوقع أن تسهم في تحسين الأوضاع المالية أو تمويل عمليات جديدة، حيث من المرجح وصول إيرادات الأندية من العقود إلى 70 مليونا للنادي الواحد سنويا، فيما تملك 6 أندية مواقع إستراتيجية تجعلها من الأغلى من ناحية الأصول بحسب التثمين العقاري، وفقا لمختصين اقتصاديين تحدثوا لـ "الاقتصادية".
وزارة الرياضة، تستهدف تطوير ملاعب الأندية، قبل طرح حقوق تسميتها للاستثمار أمام القطاع الخاص، على غرار ملاعب الاتفاق، الشباب، والفتح حيث أعلنت عن البدء في أعمال التطوير الشامل في منشآت نادي الخليج ونادي الرياض، ضمن مبادرة "تطوير المنشآت".
ويحمل ملعب نادي الاتفاق، اسم ملعب إيجو (EGO Stadium) نسبةً إلى شركة مجموعة "إيجو" التي استحوذت على حقوق تسميته في أكتوبر 2024 مقابل 9 ملايين ريال لمدة 3 أعوام، فيما وقع نادي الشباب اتفاقية شراكة إستراتيجية مع مجموعة SHG، يتم بموجبها منح حقوق تسمية ملعب النادي بـ "SHG ARENA"، إلى جانب رعاية القميص الأبيض، مقابل 20 مليون ريال للموسم الواحد.
الفتح، منح حقوق تسمية ملعبه إلى تمويل الأولى ليصبح المسمى الجديد "ميدان تمويل الأولى"، إضافة إلى حجز شعارها موقع على ظهر القميص، مقابل 6 ملايين ريال سنويا، وفقا لمصادر "الاقتصادية".
وقعت شركة نادي الهلال اتفاقية مع "الماجدية"، لتصبح بموجبها الراعي الرسمي لمقر التدريبات المعلن أخيرا إنشاؤه في مقر جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، ليصبح "مركز الماجدية الرياضي"، لمدة 3 مواسم إلى جانب عدد من الحقوق التجارية داخل وخارج الملعب.
ملعب جامعة الملك سعود الذي يحتضن مباريات النصر، حمل اسمين تجاريين بعد فوز شركة الوسائل السعودية بحقوق الملعب، حيث وقعت مع تطبيق مرسول ليصبح الاسم "مرسول بارك"، تلاه التوقيع مع بنك الأول ليصبح الاسم الجديد "الأول بارك".
متى يكون عقد تسمية ملاعب الأندية ناجحا؟
الدكتور محمد فضل الله المستشار القانوني والإستراتيجي الرياضي الدولي، قال "تسمية الملاعب أصبحت رافعة اقتصادية وقانونية وهوية مؤسسية في آن واحد، التحدي يكمن في إيجاد التوازن بين الحفاظ على هوية النادي وجماهيره وبين تعظيم العوائد الاستثمارية".
وأشار إلى أن التجربة السعودية تسير بسرعة نحو العالمية، حيث إن المستقبل يتجه إلى اعتبار التسمية ركنًا من أركان الحوكمة الرياضية، وليس مجرد خيار تسويقي".
عقد التسمية يكون ناجحا إذا ارتبط مع شركة عالمية، ما يعزز الهوية التجارية للنادي، ويساعده على انتشاره عالميا، فضلا أن الملاعب ذات التسمية التجارية تجذب شركاء جدد، ورعاة إضافيين، ما يسهم في تحقيق عوائد مالية مباشرة، و تطوير البنية التحتية، وزيادة القيمة التسويقية.
فضل الله، قال "تسمية الملاعب تتحول إلى مصدر دخل ثابت للنادي، يعزز قدرته على تمويل مشروعاته وتطوير اللاعبين، ومن ثم فإن عقود حقوق التسمية قد تصل إلى عشرات الملايين سنويا على غرار أندية أوروبا"، مشيرا إلى أن العائد المتوقع للنادي من 20 مليون إلى 70 مليون ريال سنويا.
وأضاف "مراكز التدريب قد تحمل أسماء شركات أو شخصيات داعمة، مما يفتح قنوات جديدة للشراكات الإستراتيجية، ومن ثم فإن الأندية التي تستثمر في التسمية تحقق توازنًا بين الاستدامة المالية والتوسع الاستثماري".
المشجع العاطفي وتغيير الاسم لعلامة تجارية
بحسب financefootball، يملك ملعب باي أرينا "باير ليفركوزن" أكبر حقوق تسمية في العالم بـ 30 مليون يورو سنويا، ثم سبوتيفاي كامب نو "برشلونة" 20 مليونا، أليانز أرينا "بايرن ميونخ" 13 مليونا، وملعب مرسيدس بنز "أتلانتا يونايتد"، وسيجنال إيدونا بارك "بوروسيا دورتموند" بـ 11 مليونا، وملعب أليانز "يوفنتوس" ١٠ ملايين.
فضل الله، علق بقوله "بعض التشريعات العالمية (مثل إنجلترا وأمريكا) تعتبر تسمية الملاعب جزءًا من حقوق الملكية الفكرية والتجارية"، مشيرا إلى أنها تخضع لإطار قانوني وترتبط بعقود رعاية طويلة الأمد، ما يتطلب صياغة قانونية دقيقة تحفظ حقوق الطرفين.
المشجع العاطفي، قد لا يحبذ فكرة بيع اسم ملعب ناديه لعلامة تجارية، لكن تجارة حقوق التسمية تكتسب أهميةً متزايدةً في عالم الرياضة اليوم، إذ تُمثّل مصدر دخلٍ محتمل يُساعد على موازنة الميزانية السنوية.
وعن كيفية التوازن بين المكاسب المالية والحفاظ على التراث الرياضي، قال فضل الله "اسم الملعب أو المركز التدريبي جزء من العلامة التجارية للنادي، ولذلك اختيار الاسم يعكس فلسفة النادي وهويته، سواءً كان مستمدًا من تاريخ النادي أو من شراكة تجارية".
وأشار إلى أن الحفاظ على هوية النادي شرط أساسي لنجاح التسمية، حتى لا يشعر الجمهور بفقدان الانتماء ، وأيضا يمكن المزاوجة بين الهوية التقليدية والاستثمار (مثال: "كامب نو Spotify")، مبينا "معظم الأندية العالمية الكبرى اعتمدت حقوق التسمية التجارية كأداة استثمارية ، وهناك نماذج مزدوجة تجمع بين الرمزية التاريخية والشريك التجاري (كما في "Signal Iduna Park – Dortmund").
التفكير خارج الصندوق قد يبني للشباب "برجا"
الشركات الراعية عادة لا تكتفي بالاسم فقط، حيث تدخل في شراكات تسويقية تشمل: الإعلانات، الرعاية على القمصان، أو لحملات إعلانية.
الدكتور وحيد بغدادي، المختص في الاستثمار الرياضي والتسويق، يؤكد بأن الاستثمار في حقوق تسمية ملاعب الأندية غير مجد ماليا للشركات بشكل فعال لعدم إقامة مباريات رسمية عليها بخلاف مباريات الفئات السنية، مؤكدا بأنها مجرد دعم مالي دون مردود، ما لم يكون الملعب تحت إدارة وملكية النادي فقط.
وفصل بقوله "هناك مقترحات وأفكار يمكن تطبيقها بالتفكير خارج الصندوق، فمثلا سبق وأن صرح محمد النويصر عندما كان رئيس رابطة دوري المحترفين بأن أعلى مبيعات لقمبص نادي الشباب في المدينة المنورة، وعليه يمكن أن يتم بناء برج اقتصادي ويصبح مقر النادي الحالي شركة قابضة، ويكون ملعب النادي الرسمي في المدينة المنورة، ومنها يستقطب اللاعبين من أحد، والأنصار، ويستحوذ على جماهير الناديين الشهيرين لتكوين قاعدة جماهيرية رحبة".
وعن تأثير موقع النادي أو شعبيته في قيمة العقود، أجاب بغدادي "بحسب موقعه الاستثماري ونظام البناء المسموح به والنشاط التجاري المتاح" معتبرا أندية الشباب، حراء، فالأهلي، ثم الاتحاد، القادسية، والاتفاق أغلى المواقع من ناحية الأصول، وفقا للتثمين العقاري".
في 6 فبراير 2025، أعلنت وزارة الرياضة فوز مصرف الإنماء بعقد استثمار حقوق تسمية ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية في جدة حتى عام 2029، ليكون بذلك المسمى الجديد للملعب الرئيسي في مدينة الملك عبدالله الرياضية "ملعب الإنماء"، مقابل 20 مليون ريال، وفقا لمصادر "الاقتصادية".
إلا أن الدكتور بغدادي، يرى بأن تغيير اسم الملعب إلى "ملعب الإنماء" لم يكن مؤثرا في جماهير الاتحاد أو الأهلي، بسبب أنه يحتضن مباريات الناديين وليس ناد واحد فقط.
متى تصبح ملاعب الأندية أصولا تجارية؟
الدكتور مقبل بن جديع الرئيس التنفيذي لشركة fg sports، أوضح بأن الملعب إذا طور واحتضنت المباريات وتحت تصرف إدارة النادي بشكل كامل، فيعتبر أصلا تجاريا، ولا سيما أنه يدر مداخيل أكبر، من خلال حقوق التسمية، والتذاكر، ويوم المباراة وغيرها، مبينا "متى ما تم تخصيص النادي، فإنه يعتبر أصل تجاري لأن المستثمر سيطوره كي يستفيد منه تجاريا".
وأيد ابن جديع ما أشار إليه فضل الله، بأن الملاعب تعتبر رافعة اقتصادية، بقوله "يعتبر من تنوع مصادر الدخل، حيث يشكل 10% أو أكثر من مداخيل النادي سنويا، ما ينعكس عليه، ويعتبر رافعة لاقتصاد أي ناد"، مشيرا إلى أن حقوق التسمية مصدر دخل لم يستغل في السابق إلا أن وزارة الرياضة نجحت في إكمال الجوانب التشريعية والتنظيمية ما أسهم في جذب المستثمرين أخيرا لها.
وأوضح أن ما يرفع من حقوق التسمية، فبعض الشركات تضع من ضمن البنود استثمار الملعب فيطلب من النادي تخصيص يوم أو أيام عدة لاستخدامه، مشيرا إلى أن تسمية الملاعب يعتبر مصدر دخل ثابت سنوي جيد قياسا بالرعايات التقليدية كالتذاكر وغيرها.
ابن جديع، لفت إلى أن العائد المالي من حقوق التسمية يختلف من ناد لآخر حسب اسمه وموقعه، مبينا "مؤثرة في زيادة المداخيل، وليست بالأرقام الكبيرة التي يتوقعها الشارع الرياضي، وأن الشباب أكثر ناد تسميته موفقة جدا، ومقاربة من قيمة السوق".