قوة ممانعة الصين تتجلى في تعليق "إنفيديا" إنتاج رقائق H20

قوة ممانعة الصين تتجلى في تعليق "إنفيديا" إنتاج رقائق H20

قوة ممانعة الصين تتجلى في تعليق "إنفيديا" إنتاج رقائق H20
قوة ممانعة الصين تتجلى في تعليق "إنفيديا" إنتاج رقائق H20
قوة ممانعة الصين تتجلى في تعليق "إنفيديا" إنتاج رقائق H20

من وجهة نظرنا، يُبيّن إعلان "إنفيديا" تعليق إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي (H20) مع موردين منهم ”سامسونغ إلكترونيكس“ و“أمكور تكنولوجي“ (Amkor Technology)، أن اعتراضات بكين لها أصداء حقيقية في السوق.

يأتي تجميد الإنتاج بعد أن حثت بكين الشركات المحلية على تجنب (H20)، مشيرة إلى مخاوف بشأن وجود أبواب خلفية مخفية ورداءة الأداء وضعف كفاءة الطاقة. مع تثبيط المشترين الصينيين عن الشراء وتراكم الرقائق شبه المصنعة في المنشآت، يبدو أن "إنفيديا" لم تجد خياراً سوى تعليق الإنتاج- بعد أسابيع فقط من إلغاء إدارة ترمب حظر التصدير وفرض شرط تقاسم الإيرادات بنسبة 15% على المبيعات إلى الصين.

لم يتضح بعد ما إذا كان هذا يمثل توقفاً مؤقتاً بينما تخوض"إنفيديا" قنوات الدبلوماسية، أو أنه يشير إلى انسحاب طويل الأمد من الصين. في كلتا الحالتين، يقوّض التوقف استراتيجية الرئيس دونالد ترمب للاعتماد على التقنية ويوضح أنه بالنسبة لـ"إنفيديا"، فإن مباركة واشنطن ليست وازنةً إن حجبت بكين مباركتها.

https://www.aleqt.com/sites/default/files/rbitem/2025/08/27/2441966-1079759555.jpg

تسريب البيانات
تخشى بكين من أن رقائق "إنفيديا" قد تضم أبواباً خلفيةً وآليات مراقبة مخفية، وهو اتهام نفته "إنفيديا". وأشار بعض المحللين إلى معقولية تكييف قدرات الحوسبة السرية المضمنة في وحدات معالجة الرسومات "إنفيديا" لأغراض التحقق من الموقع. على الرغم من محدودية التدريب، تظل شريحة (H20) قادرة جداً على الاستدلال؛ وهي عملية تشغيل النماذج المدربة لتوليد المخرجات.

يٌحتمل أن تتفوق (H20) على الرقائق المقيدة بالتصدير مثل (H100) لمهام الاستدلال الرئيسية. كما استهدفت وسائل الإعلام الحكومية كفاءة استخدام الطاقة للشريحة، مدعية أنها أقل من المعيار المطلوب في الصين وهو نصف تيرا (FLOPS) لكل واط. وهذا له آثار سياسية محتملة، حيث تنص خطة العمل الخاصة للحكومة الصينية لعام 2024 للتنمية الخضراء ومنخفضة الكربون لمراكز البيانات على أن مراكز البيانات الجديدة أو الموسعة يجب أن تستخدم خوادم تلبي هذا المعيار. 

نُقل أن وزارة الصناعة وتقنية المعلومات استدعت شركات التقنية الكبرى مثل ”علي بابا“ (Alibaba) و“بايت دانس“ (ByteDance) لتبرير اعتمادها المستمر على أجهزة ”إنفيديا".

يجعل هذا الضغط من التوصية أمراً بحكم الأمر الواقع للقطاعات الخاضعة لسيطرة الدولة، ما يوسّع سياسة استبدال تقنية المعلومات المحلية طويلة الأمد في الصين لتشمل مسرعات الذكاء الاصطناعي. كما أفادت وسيلة الإعلام المختصة بالتقنية ”ذا إنفورماشن“ (The Information) أن إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين أمرت شركات التقنية الكبرى حديثاً بتعليق عمليات الشراء الجديدة لرقائق "إنفيديا" في انتظار تحقيق أمني- وهو التوجيه الذي ربما يكون قد ساهم في توقف إنتاج "إنفيديا".

ضغوط على شركات صينية
سواءً كان ضغط بكين بمثابة توجيه أو تعليق شراء تام، فإن توقف إنتاج "إنفيديا" يخلق نفس الواقع على المدى القريب للمشترين الصينيين. تجد شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة في الصين أن خياراتها تزداد ضيقاً. الشركات التي ربما فكرت في المخاطرة باستياء بكين للحفاظ على حصولها على نظام (CUDA) الناضج من "إنفيديا" تجد الآن أن هذا الخيار غير وارد مع تعليق الإنتاج. إذا استمر التوقف، فسيتعين على الشركات تقييم البدائل المحلية التي رفضتها سابقاً بجدية.

المستفيد الرئيسي من هذا الاضطراب هو هواوي. إذ إن سلسلة ”أسيند“ (Ascend) من مسرعات الذكاء الاصطناعي هي البديل الافتراضي لأجهزة "إنفيديا". يخلق هذا الطلب رياحاً دافعة هائلة لصناعة أشباه الموصلات المحلية بأكملها.

https://www.aleqt.com/sites/default/files/rbitem/2025/08/27/2441967-762239382.jpg

تتوقع شركة ”تزيند فورس“ (TrendForce) أن تنخفض حصة الرقائق الأجنبية في خوادم الذكاء الاصطناعي في الصين من 63% في عام 2024 إلى 42% فقط في عام 2025. كما أعلنت شركة ”ديب سيك“ (DeepSeek) أن أحدث طراز لها مُخصص للعمل مع الجيل التالي من رقائق الذكاء الاصطناعي المصنوعة في الصين، ما يشير إلى ثقة متزايدة في الأجهزة المحلية.

إن طرح شريحة ”بلاكويل“ (Blackwell) جديدة (الجيل الأحدث) المصممة خصيصاً للسوق الصينية -على غرار شريحة (H20) من الجيل السابق من ”هوبر“ (Hopper)- قد يعطل هذه الديناميكيات. وبحسب تقارير صحفية، تتحاور "إنفيديا" مع إدارة ترمب حول متابعة محتملة لشريحة (H20).

السؤال الحاسم هو ما إذا كان موقف بكين يمثل موقفاً تفاوضياً لانتزاع تنازلات أم تحولاً نهائياً نحو الاستقلال التقني. إن توقف إنتاج "إنفيديا" هو قرار تجاري حكيم وسط هذا الغموض، لكن رد فعل الأسواق الخافت يشير إلى أن المستثمرين يتوقعون حلاً. لكن إن تمدد هذا الأمر طويلاً، لربما تجد ”إنفيديا“ أن السوق الصينية قد مضت قدماً وتركتها وراء ظهرها.

الأكثر قراءة