هل تحد اشتراطات البلدية المحدثة للّوحات الإعلانية في السعودية من الاحتكار وتسرب الأموال؟
هل تحد اشتراطات البلدية المحدثة للّوحات الإعلانية في السعودية من الاحتكار وتسرب الأموال؟
بعد إصدار وزارة الشؤون البلدية والإسكان السعودية اشتراطات تنظيمية محدثة للّوحات الدعائية والإعلانية في المدن، يتبادر إلى أذهان المهتمين في القطاع تساؤلات: هل ستقلل هذه الاشتراطات من الاحتكار وتفتح السوق للمنافسة القوية؟ وهل تحمي الميزانيات المخصصة للإعلان في السوق من الخروج من الاقتصاد الوطني؟
تباينت آراء مستثمرين وخبراء في قطاع اللوحات الإعلانية، حول هذه الاشتراطات الجديدة، ومدى انعكاسها على القطاع ، حيث يرون أنه بحاجة إلى دخول لاعبين جدد في ظل احتكارية السوق، مستشهدين بأن شركة واحدة تستحوذ على 98% من الإعلانات في العاصمة السعودية الرياض بقيمة 1.5 مليار ريال.
وأكدوا أن إستراتيجية تطوير الإعلانات الخارجية داخل المدن، الصادرة في 2020، تسببت مع ارتفاع الأسعار وقلة الخيارات في خروج بعض المعلنين من السوق المحلية وتوجههم إلى منصات عالمية مثل Google وMeta وTikTok، ما يعني خروج الميزانيات من الاقتصاد السعودي.
عبدالرحمن الحماد الرئيس التنفيذي لشركة دوت ميديا قال: "إن الاشتراطات الجديدة خطوة صحيحة في الاتجاه الصحيح، لكن لا بد أن ترافقها سياسات تقلل من الاحتكار وتفتح السوق للمنافسة وتعديل الإستراتيجية، دون ذلك سنظل نخسر ميزانيات ضخمة تذهب للخارج، بينما يمكن أن تكون صناعة الإعلان الخارجي رافدًا مهمًا للاقتصاد الوطني".
الرياض تستحوذ على 65% من الميزانيات الإعلانية
الرئيس التنفيذي لشركة دوت ميديا أكد أن "الإستراتيجية صنعت سوقا احتكارية وضعفا في المنافسة العادلة"، مبينا أن مدينة الرياض تستحوذ على 65% من الميزانيات الإعلانية الوطنية، ووجود شركة واحدة صعّب المنافسة، الأمر الذي أسهم في ثقل كاهل المعلنين وأدى إلى فقدان شريحة كبيرة من الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وأشار الرئيس التنفيذي إلى أن الشركات المحلية الصغيرة أصبحت تجد صعوبة كبيرة في التسويق، ما يضعف دور الإعلان كأداة لدعم نمو قطاع الأعمال، موضحاً أن التنظيم الجديد مهم، لكن نجاحه مرهون بأن يتم تطبيقه في بيئة تنافسية مفتوحة تسمح بوجود شركات عدة، إضافة إلى تنويع المستثمرين لتوفير بيئة عادلة ومستدامة، وإعادة النظر في عقود الاحتكار بما يواكب التوسع العمراني والنمو الكبير في الرياض، وأخيرا دعم الشركات الوطنية لزيادة قدرتها التنافسية بدلًا من دفعها للخروج من السوق.
تساءل الحماد، "لماذا لا يسمح للقطاعات الحكومية من الوزارات مثل التعليم والصحة باستثمار مواقعها المطلة على الطرق، وهذا يوازي ما تحققه الأمانة حاليا ويوسع السوق وينوع مصادر الدخل للدولة"؟
وحول الإيجابيات في الاشتراطات الجديدة أفاد بأن ما أعلنته وزارة البلديات والإسكان من اشتراطات جديدة هو خطوة مهمة جدًا نحو تنظيم السوق وضبط التشوهات البصرية، كما أن وجود معايير واضحة للترخيص، المسافات، والأبعاد ستجعل السوق أكثر جاذبية وشفافية، وتسهل من دخول مستثمرين جدد وتزيد ثقة المعلنين بأن رسائلهم ستظهر في بيئة حضرية منظمة.
والأسبوع الماضي أصدرت وزارة البلديات والإسكان في السعودية الاشتراطات التنظيمية المحدثة للّوحات الدعائية والإعلانية الدائمة والمؤقتة التي تضمنت -وفق بيان الوزارة- معايير دقيقة تراعي الطابع المعماري المحلي لكل منطقة، وتنسجم مع موجهات التصميم أو الكود العمراني المعتمد، بما يسهم في ضبط استخدام اللوحات على الطرق والمباني والمرافق العامة.
الاشتراطات شددت على أهمية إزالة اللوحات فور انتهاء مدة الترخيص أو عند إلغاء النشاط، وإعادة الموقع إلى وضعه السابق، حفاظا على المشهد البصري، إضافة إلى تعزيز الالتزام بالهوية العمرانية ومنع الممارسات التي قد تؤثر سلبا في جمالية المدن ووظيفتها.
من جانبه، قال سمير الخليفة مستشار عام التطوير لتحالف الشركة الحديثة وروتانا الإعلامية، "إن الاشتراطات التنظيمية المحدثة أسهمت في تسهيل العملية الاستثمارية بشكل أفضل من خلال قيام الأمانة بتنظيم مواقع البلدية وتحديد نوع اللوحات في كل منطقة بحسب الاشتراطات لكل موقع".
وأضاف، أن "حجم سوق الإعلان في السعودية كبير جدا وفيها فرص استثمارية كبيرة للشركات الكبيرة والصغيرة، وللمستثمرين الجدد"، لافتا إلى أن هذه الاشتراطات جاءت لتذليل التحديات أمام الشركات لإنجاح مشاريعها في القطاع من خلال تحديث الأنظمة بشكل مستمر.
الوضوح التنظيمي يقلل المخاطر الاستثمارية
محمد القرعاوي المدير العام لشركة فادن سبيكتروم يتوقع أن يكون لهذه الاشتراطات أثر إيجابي في السوق، من خلال تحسين الالتزام ورفع مستوى الجودة وتحسين المشهد الحضري بشكل كبير جدا لضمان عدم وجود تلوث بصري.
وحول ظهور هذه الاشتراطات على استقطاب مستثمرين جدد في القطاع قال القرعاوي "إن تسهيل المتطلبات وتوفير بيئة تنظيمية واضحة يزيدان من جاذبية الاستثمار في القطاع، إضافة إلى أن وضوح المتطلبات الفنية والتصميمية يقلل من المخاطر ويشجع على الاستثمار، ويعد ميزة لجذب المستثمرين".