من ليجولاند إلى ديزني .. كيف تستغل الصين المتنزهات الترفيهية لتحفيز إنفاق المستهلكين؟

من ليجولاند إلى ديزني .. كيف تستغل الصين المتنزهات الترفيهية لتحفيز إنفاق المستهلكين؟
في أكتوبر 2024 بلغ إجمالي عدد المتنزهات الترفيهية في الصين 385. "الفرنسية"

مع ارتفاع درجات الحرارة إلى 39 درجة مئوية، اصطفت آلاف العائلات لافتتاح أول متنزه "ليجولاند" في الصين، غير مبالين بموجة الحر.

حقق المتنزه نجاحا فوريا، ليس فقط للأطفال المتلهفين لمغامرات المكعبات البلاستيكية، بل أيضا لصناع القرار الذين كانوا يسعون لإيجاد محفز جديد لتنشيط سوق المستهلكين المنهكة، بحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".

مع تطلع العائلات إلى تجارب مميزة خلال عطلة الصيف، يعود التركيز على الإنفاق الترفيهي، وهو أحد النقاط الإيجابية القليلة في مشهد استهلاكي متعثر، حيث تراجعت مبيعات التجزئة وفقدت إجراءات التحفيز زخمها.

يتزامن الضجيج المحيط بمتنزه ليجولاند شنغهاي، الذي افتتح أبوابه في الـ 5 من يوليو، مع موجة جديدة من الاستثمارات في هذا القطاع في جميع أنحاء الصين.

باعتباره أكبر متنزه ليجولاند في العالم، يمثل إضافة مهمة إلى أكثر من 4400 مرفق جذب ترفيهي في جميع أنحاء البلاد - وهو رقم من المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي قدره 19% على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، بحسب IAAPA (الرابطة العالمية لقطاع مدن الملاهي).

قال الرئيس التنفيذي لـ IAAPA، ياكوب وال، خلال معرض IAAPA Expo Asia في شنغهاي: "ما نراه هو أن يوانا واحدا من إيرادات التشغيل له تأثير اقتصادي قدره 3.8 يوان في الاقتصاد المحلي (...) الوجهات الترفيهية تعتبر محركا للاقتصاد في مختلف الأماكن".

وأضاف أن "الأثر غير المباشر قد يكون أكبر بكثير، حيث تستفيد قطاعات مثل البناء والتجزئة والفنادق والنقل".

كما يجري العمل على سلسلة من مدن الملاهي الجديدة. مدينة ديزني لاند في شنغهاي، التي افتُتحت في 2016، تُضيف الآن منطقة مخصصة لشخصية سبايدرمان، في حين تشهد مدينة يونيفرسال في بكين مرحلة توسعة ثانية بعد افتتاحها في عام 2021.

تعكس هذه المشاريع توجها أوسع نطاقا لترسيخ إنفاق الأسر والإنفاق السياحي من خلال وجهات سياحية تحمل علامات تجارية وتركز على التجارب المميزة - حتى مع استمرار حذر المستهلكين.

جعلت الصين إنفاق الأسر أولوية سياسية رئيسية هذا العام، وقد أسهم برنامجها الشامل لاستبدال السيارات والأجهزة الإلكترونية القديمة بأخرى جديدة في تحفيز قصير الأجل للاستهلاك.

انتعشت مبيعات السلع الاستهلاكية المعمرة، ما أظهر بصيص أمل نادر في ظل نمو اقتصادي خافت. لكن هذه المكاسب لم تُحسن ثقة الأسر على نطاق واسع. فمع عدم اليقين بشأن الأمن الوظيفي وركود نمو الدخل، لا يزال عديد من المستهلكين الصينيين حذرين، مفضلين الادخار بدلا من الإنفاق.

هذا التوفير الناتج عن القلق مستعص، حتى مع سعي صانعي السياسات إلى إيجاد طرق جديدة لتحفيز الطلب المحلي. فبينما يُسهم برنامج استبدال المنتجات في بيعها، فإنه لا يعالج نقص الثقة الذي لا يزال يؤثر سلبا في الإنفاق الترفيهي والاختياري.

قال ليو جيان بين، مدير العمليات في شركة صن ريفر تورزم: "ليجولاند حدث جديد في الصين، ويمكن أن يُسهم في تحفيز طلب استهلاكي جديد - خاصة ضمن شريحة العائلات والآباء والأطفال".

وأشار إلى أنه "في بيئة استهلاكية راكدة، يُمكن لمثل هذه المتنزهات أن تلعب دورا مهما، بل وتصبح حافزا مستداما للطلب من العائلات". لكنه حذر أيضا من أن تأثيرها الإجمالي سيعتمد على قدرة المتنزهات على تحفيز الإنفاق الإضافي وتشجيع الزيارات المتكررة.

في أكتوبر 2024، بلغ إجمالي عدد المتنزهات الترفيهية في الصين 385، بما في ذلك 87 متنزها كبيرا وضخما، حقق 59% منها أرباحا، وفقا لتقرير نشره معهد دراسات المتنزهات الترفيهية في الصين العام الماضي. سجل 86 متنزها كبيرا وضخما شمله المسح - افتُتحت جميعها قبل يناير 2023 - نموا قويا في 2023، حيث استقبلت أكثر من 130 مليون زائر وحققت إيرادات إجمالية بلغت 30.4 مليار يوان (4.24 مليار دولار أمريكي)، مسجلة بذلك زيادة سنوية بلغت 71.8% في عدد الزوار و97.9% في الإيرادات.

مع ذلك، لا يزال القطاع يواجه تحديات كبيرة، حيث يتكبد 22% من أصل 385 متنزها خسائر مالية، إذ لا تزال تكاليف الاستثمار المرتفعة وأسعار التذاكر المرتفعة تشكل عقبات كبيرة. وبحسب المعهد، انخفض الأداء بشكل ملحوظ مقارنة بعام 2023.

قال وانج كي، كبير محللي السياحة في شركة أناليسيس للاستشارات، "إن الموجة الأخيرة من افتتاح المتنزهات تتماشى مع تطور الاستهلاك الصيني". وأضاف: "رغم الحديث عن انخفاض الاستهلاك، لا يزال الناس على استعداد للدفع مقابل تجارب عالية الجودة".

لكن يقول كي "إن عادات الإنفاق لا تزال حذرة بشكل عام. يلجأ عديد من المتنزهات إلى عرض تخفيضات وتقديم عروض ترويجية قوية لجذب الزوار. مثلا، يقدم متنزه ليجولاند شنغهاي، خلال الشهرين الأولين من افتتاحه الكبير، خصما بنسبة 50% على جميع المأكولات والمشروبات.

الأكثر قراءة