شركات تتخذ من العملات المشفرة أصولا .. وخبراء يحذرون من المضاربات

شركات تتخذ من العملات المشفرة أصولا .. وخبراء يحذرون من المضاربات

في عالم الاستثمار في العملات المشفرة، أمام المستثمرين خياران: الأول هو شراء العملات مباشرة عبر منصات مثل "كوين بيس" أو "باينانس" – وهو الخيار الأسرع والأقل تكلفة والأبسط، ويمكنهم من امتلاك عملتي بيتكوين أو إيثيريوم مباشرة.

أما الخيار الآخر فهو غير مباشر، بشراء أسهم في شركة مدرجة في البورصة تُدرج العملات المشفرة ضمن أصولها، على أمل أن يرتفع سعر السهم.

الغريب أن الخيار الثاني أصبح أحد أكثر الصفقات رواجًا في سوق العملات المشفرة حاليًا، حيث تتنافس عشرات الشركات في هذا المضمار، وفقا لمجلة "فورتشن". ووفقا لموقع "بيتكوين تريجريز"، تمتلك الآن نحو 160 شركة حول العالم بتكوين في ميزانياتها، منها 90 شركة أمريكية معروفة، مثل "جيم ستوب" و "بلوك" و "تسلا"، وحتى مجموعة ترمب للإعلام والتكنولوجيا التابعة لعائلة الرئيس الأمريكي.

الصفقة غير منطقية
نظريًا، هذه الصفقة غير منطقية. صحيح أن قيمة أصول الشركة تُسهم في تحديد سعر سهمها، لكن أي تغيير في سعر تلك الأصول سيؤثر في السهم مباشرة.

فمثلا إذا قررت شركة "نايكي"، لسبب ما، شراء كميات من الذرة، وارتفع سعر الذرة، فقد يرتفع سعر سهمها بالدرجة نفسها. لكن هذا لا يعني أن على المستثمر المضارب على ارتفاع الذرة أن يشتري أسهم "نايكي" بدلًا من الذرة. بل وقد يرفض مساهمو "نايكي" استخدام رأس مالها في مجال لا يمت بصلة لأعمالها.

لسبب ما، العملات المشفرة مختلفة. فالشركات التي أدرجت العملات المشفرة في أصولها شهدت ارتفاعًا في سعر سهمها يتجاوز بكثير قيمة العملة المشفرة.

من الأمن السبيراني إلى شركة بيتكوين
أشهر مثال على ذلك هو شركة "ستراتيجي"، المعروفة سابقًا بـ "مايكرو ستراتيجي"، للأمن سيبراني. قبل عدة سنوات، قرر مؤسسها مايكل سايلور تغيير المسار والتركيز على شراء البيتكوين. وهي اليوم تمتلك احتياطي بيتكوين ضخم يقدر بـ 74 مليار دولار، وسرعان ما ارتفعت قيمة الشركة السوقية إلى 112 مليار دولار بحلول نهاية يوليو، رغم أنها توقفت عن أعمالها الأساسية في الأمن السيبراني.

ولهذا السبب بدأت شركات التكنولوجيا تتبع الإستراتيجية ذاتها: إذا كنت ستربح قفزة كبيرة في سعر السهم بمجرد استبدال عملة من الأصول النقدية بأخرى، فلم لا؟

في حين أن بعض هذه الشركات أُنشئت خصيصًا للاستثمار في بيتكوين، إلا أن عديدا منها شركات تشغيلية عملها الأساسي قائم على شيء آخر. يُشبّه ميتشل بيترسن، أستاذ المالية في جامعة نورث وسترن، هذه الظاهرة بفقاعة أسهم الإنترنت عام 2000، عندما اكتشفت الشركات إمكانية رفع أسعار أسهمها بمجرد إضافة كلمة "دوت كوم" إلى أسمائها.

إستراتيجية سيولة
يشكّك البروفيسور بيترسن في الاتجاه المتزايد لدى الشركات باستخدام فوائضها النقدية لشراء العملات المشفّرة، موضحًا أن الشركات الكبرى مثل "أبل" و "مايكروسوفت" تستثمر أموالها الزائدة ضمن إستراتيجية سيولة. هذه الإستراتيجية تهدف إلى تحقيق عوائد بسيطة من خلال أصول قصيرة الأجل مثل صناديق السوق النقدي أو السندات، مع الاحتفاظ بسيولة للطوارئ أو فرص الاستحواذ.

وأشار بيترسن إلى أن قواعد الإفصاح لا تُلزم الشركات بالكشف عن تفاصيل "ما يعادل النقد" في بياناتها المالية، لكن عادة تكون هذه الأصول آمنة وسائلة. الاستثناء الوحيد كان بعض شركات التعدين التي أدرجت الذهب أصلا، مبررة ذلك بخبرتها في أسعار الذهب.

ينطبق هذا التبرير على بعض شركات تعدين بيتكوين، حيث يراها المستثمرون خبيرة في دورة سوق العملات المشفرة. أما غيرها من الشركات التي تتبع هذه الإستراتيجية دون خبرة واضحة، فمن الصعب الوثوق بها خصوصًا في ظل تقلبات السوق.

من جانبه، يرى البروفيسور داريل دافي من جامعة ستانفورد أن هذا التوجّه غير مستدام، ويقول: "إنه تأثير ميم لا علاقة له ببراعة الاستثمار أو الإستراتيجية للشركات". كما أكد على أن الشركات يجب أن تستثمر في مجالاتها الأساسية بدلًا من الانخراط في مضاربات. ويقول: "هذه مجرد صيحة، وستختفي بمرور الوقت لتحل محلها صيحة جديدة".

الأكثر قراءة