ترمب يعيد تشكيل عقلية الأسواق والمشهد التجاري بالرسوم الجمركية
في ظروف سابقة، كان احتمال فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على جميع السلع القادمة من شريك تجاري رئيسي مثل اليابان كفيلًا بإثارة الذعر في الأسواق المالية، نظرًا لكونه أعلى بكثير من المستويات المعتادة في العصر الحديث، ومسببًا لموجة من القلق الاقتصادي.
لكن الآن، أصبح هذا الاحتمال مصدرًا للارتياح.
يقول موقع "أكسيوس" أن الرئيس ترمب غير وطأة الحروب التجارية، إذ تقبّلت الأسواق المالية والمصنعون على حد سواء حقيقة أن الرسوم الجمركية من رقمين هي الواقع الجديد.
فعندما تكون نسبة 25% مطروحة على الطاولة، تصبح الـ 15% بمثابة خبر يطمئن البال – رغم أن هذه النسبة أعلى خمسة أضعاف عن الرسوم قبل ترمب، وأعلى بكثير من 10% التي كانت محل نقاش في الربيع الماضي.
كتب توبين ماركوس، رئيس قسم السياسات الأمريكية في شركة "وولف ريسيرتش"، أن نسبة 15% الواردة في الاتفاق مع اليابان تُعدّ بمثابة "أرضية جديدة للرسوم الجمركية على المستوى العالمي".
وأضاف أن هذه النسبة "أفضل ما يمكن أن تأمل به أوروبا"، بينما النسب بين 19% و20% والتي شوهدت في اتفاقيات آسيوية أخرى فقد تصبح المعيار للدول التي لا تقدم عروضًا مميزة للبيت الأبيض كما فعلت اليابان.
تعرض الصورة الأكبر أنه من المرجح أن تخضع نسبة كبيرة من السلع الأجنبية لضريبة استيراد لا تقل عن 15%، وقد تصل إلى 20%.
هذا المعدل يتجاوز بكثير سابقه البالغ 10%، والذي كان يبدو معقولًا قبل أسابيع قليلة فقط، إلا أنه يُعدّ أفضل لبعض الدول مثل اليابان، حيث كانت البضائع اليابانية على وشك أن تخضع لرسوم جمركية بنسبة 25% الأسبوع القادم لولا التوصل إلى اتفاق.
وما يثير الاهتمام أن مسؤولي البيت الأبيض يؤيدون هذه الديناميكية، مشيرين إلى أن بعض الدول أفلتت من معدلات أعلى. فعلى سبيل المثال، أشار مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية يوم الثلاثاء إلى أن إندونيسيا ستُفرض عليها رسوما أعلى من المفروضة في 20 يناير، لكنها ستظل دون 32% التي كانت مهددة بها في 2 أبريل.
صدر نص اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة وإندونيسيا يوم الثلاثاء، مؤكدًا أن صادراتها الأمريكية ستخضع لرسوم جمركية بنسبة 19%، وهي أقل بكثير من التهديدات السابقة.
لكن ما يزال من غير الواضح ما الذي ستحصل عليه الولايات المتحدة في المقابل. فكل من اليابان، وإندونيسيا، والفلبين، قالت إنها ستفتح أسواقها أمام الصادرات الأمريكية، لكن من غير المؤكد ما إذا كان المستهلكون الأجانب لديهم الرغبة في شراء السلع المصنّعة في الولايات المتحدة.
وقد صرّح ترمب بأن اليابان ستستثمر نحو 550 مليار دولار داخل الولايات المتحدة، مع احتفاظ أمريكا بنسبة 90% من الأرباح، لكن لا تزال تفاصيل هذا الاستثمار غير واضحة.
رد فعل الأسواق المالية على اتفاق اليابان يروي القصة. رغم أن هذه التعريفات أعلى بكثير من التوقعات أوائل عهد ترمب، فقد أدّت إلى ارتفاع عالمي في أسواق الأسهم، وزيادة في عوائد السندات اليابانية.
فقد ارتفع مؤشر نيكاي 225 بنسبة 3.5% يوم الأربعاء، بمكاسب قوية لشركات السيارات تحديدا، حيث قفزت أسهم تويوتا 14%، وارتفعت أسهم هوندا أكثر من 11%. كما ارتفع عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات 0.09 نقطة ليصل إلى 1.6%.
من جانبهم، يرى المستثمرون أن الاتفاق التجاري سيحافظ على استقرار النشاط الاقتصادي في اليابان، وسيجعل البيئة أكثر استقرارًا لقطاعات التصدير مثل صناعة السيارات.
وهذا بدوره يسهل على بنك اليابان رفع أسعار الفائدة هذا الخريف، حيث أن أحد المخاطر السلبية الرئيسية على الاقتصاد - احتمال انخفاض الطلب من الولايات المتحدة - قد أصبح غير وارد.
كتبت أياكو فوجيتا، الخبيرة الاقتصادية في بنك جيه بي مورجان، في مذكرة: "تزيد هذه الاتفاقية من احتمالية أن يكون معدل الرسوم الجمركية الفعلي لليابان أقل من منافسيها. وقد يعود بالفائدة على المدى الطويل على قطاع التصنيع الياباني".