زيارة وزير الصناعة السعودي إلى روسيا تعزز آفاق التعاون الصناعي والتجاري بين البلدين
شهدت العلاقات الاقتصادية السعودية الروسية دفعة جديدة عقب زيارة وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر بن إبراهيم الخريف إلى روسيا، حيث ترأس وفد المملكة المشارك في معرض الصناعة الدولي "INNOPROM 2025"، وذلك في خطوة تعكس تنامي توجه السعودية لتنويع شراكاتها الاستراتيجية ضمن رؤية 2030.
زيارة الوزير جاءت في إطار تعزيز العلاقات الصناعية والاستثمارية بين البلدين، وشهدت توقيع عدد من مذكرات التفاهم، وتنظيم لقاءات رفيعة المستوى بين ممثلي الحكومتين والقطاع الخاص.
الوفد السعودي شارك في عدد من الفعاليات والمنتديات، حيث ألقى معاليه كلمة أكد فيها التزام المملكة بفتح آفاق التعاون الصناعي مع الشركاء الدوليين، وخصوصا روسيا التي تربطها بالمملكة علاقات تاريخية تتجه نحو المزيد من التكامل الاقتصادي.
طاولة مستديرة وحضور نوعي
قال شعف العصيمي عضو مجلس الأعمال السعودي الروسي، إن زيارة وزير الصناعة والثروة المعدنية شكلت دفعة قوية لتعزيز التعاون الثنائي، مشيدا بتشجيع الوزير المباشر لعقد الطاولة المستديرة التي نظمت على هامش الزيارة.
وأضاف العصيمي: شهدنا حضورا نوعيا وكبيرا من الجانبين السعودي والروسي، سواء من القطاعين الحكومي أو الخاص، وهو ما يعكس الرغبة الجادة في توسيع الشراكات الاقتصادية.
وأشار إلى أن النقاشات التي جرت خلال الفعاليات كانت بناءة ومثمرة، معربا عن تطلعه لترجمتها إلى خطوات عملية تعزز التبادل التجاري، الذي لا يزال – بحسب تعبيره – دون المأمول من حيث الكم والنوع.
العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري
ورغم الإمكانات الكبيرة التي يمتلكها البلدان، لا يزال حجم التبادل التجاري بين السعودية وروسيا دون الطموحات، ففي السنوات الأخيرة لم يتجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.5 مليار دولار سنويا، وهو رقم لا يعكس القدرات الصناعية والاقتصادية للطرفين.
وتتركز أغلب المبادلات في قطاعات الطاقة والبتروكيماويات والحبوب، فيما تسعى السعودية إلى توسيع هذه العلاقة لتشمل قطاعات جديدة كالصناعات المتقدمة، والتعدين، والخدمات الفنية.
فرص توطين
وأوضح العصيمي أن من أبرز القطاعات الواعدة للتعاون المشترك هي الصناعة والتعدين والخدمات المرتبطة بها، خاصة في ظل امتلاك السعودية لاحتياطيات تعدينية تقدر بأكثر من 2 تريليون دولار. كما أشار إلى وجود اهتمام متزايد بقطاع الزراعة والأمن الغذائي، في ضوء الأولويات الاستراتيجية للسعودية، مشيرا إلى أنه تم بحث فرص توطين الصناعات الخدمية، مثل تقنيات البتروكيماويات وصناعة المعدات النفطية.
لكنه نبه إلى وجود تحديات، من أبرزها حاجز اللغة، إذ تعتمد العديد من الشركات الروسية على اللغة المحلية في تواصلها الرقمي، مما يشكل عائقا أمام المستثمرين السعوديين في الوصول إلى المعلومات، كما أشار إلى تباين المواصفات والمقاييس الفنية بين الجانبين، مما يتطلب جهودا مشتركة لتوحيد أو مواءمة هذه المعايير، وقد تم الاتفاق على معالجتها من خلال لجان فنية مختصة.
مستثمرون: الزيارة تعزز الثقة وتفتح الأبواب
من جهته، قال عادل الشريم الرئيس التنفيذي لشركة التميمي للطاقة، إن مشاركة وزير الصناعة في هذه الزيارة تعكس التزام المملكة الجاد بتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة وعلى رأسها روسيا، مؤكدا أن المشاركة الرسمية تضفي مصداقية على بيئة الاستثمار السعودية، وتؤكد للمستثمرين الروس جدية السعودية في دعم الشراكات الدولية.
وأضاف: نرى في هذه الزيارة فرصة كبيرة لتبادل الخبرات ونقل التقنية والدخول في شراكات استراتيجية، خصوصا في مجالات توطين الصناعات المتقدمة وتعزيز استدامة سلاسل الإمداد في قطاع الطاقة، كما أشار إلى أن الفعاليات المصاحبة للزيارة فتحت قنوات تواصل مباشرة وبناءة مع جهات روسية فاعلة، وكانت منصة رائدة لتبادل الرؤى واستكشاف الشراكات المحتملة.
صناعات ثقافية وهوية سعودية
من جانبها، قالت هند المجاهد، المالكة والمؤسسة لمجموعة "هند المجاهد للسجاد والأثاث"، إن زيارة وزير الصناعة كان لها أثر بالغ في تعزيز ثقة المستثمرين الروس ببيئة الاستثمار في السعودية، مشيرة إلى أن الحضور الرسمي رفيع المستوى أرسل رسالة واضحة بأن السعودية جادة في فتح آفاق التعاون الدولي.
وأشارت إلى وجود اهتمام روسي ملموس بمنتجاتها ذات الطابع الثقافي والهوية السعودية، وهو ما دفعها لوضع خطة توسع نحو السوق الروسية، سواء عبر التصدير أو عبر دراسة فرص التصنيع المشترك. كما أكدت أن الفعاليات المصاحبة لمعرض INNOPROM 2025، وخاصة اجتماع الطاولة المستديرة والمنتدى الصناعي، وفرت منصة ثرية للحوار وبناء علاقات مهنية جادة.
ولفتت إلى وجود اهتمام روسي خاص بالمنتجات الحرفية واليدوية الفاخرة مثل السجاد السعودي، مشيرة إلى رغبة مشتركة في ابتكار تصاميم مستوحاة من الثقافتين السعودية والروسية، ما يفتح الباب لتعاون في مجالات التصميم والإنتاج والتوزيع.