موافقا للتوقعات .. الفيدرالي الأمريكي يبقي أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الرابعة
أبقي مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة دون تغيير اليوم الأربعاء موافقا للتوقعات، في وقت يقيم فيه صناع السياسات علامات تباطؤ الاقتصاد وخطر ارتفاع التضخم بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات وتصاعد الأزمة في الشرق الأوسط.
صوتت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، اليوم الأربعاء، لصالح الإبقاء على سعر الفائدة المرجعي ضمن نطاق 4.25% و4.5%، وذلك للمرة الرابعة في العام الجاري، بعدما خفضته 3 مرات متتالية في اجتماعات سبتمبر ونوفمبر وديسمبر بإجمالي نقطة مئوية كاملة.
ومنذ تثبيت مجلس الاحتياطي الاتحادي سعر الفائدة القياسي عند النطاق الحالي في ديسمبر، زاد الغموض الذي يكتنف آفاق الاقتصاد، خاصة بعد عودة الرئيس دونالد ترمب إلى السلطة في يناير وتغييره السريع للسياسة التجارية الأمريكية من خلال الإعلان عن فرض رسوم أعلى كثيرا على السلع المستوردة.
خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي توقعاته للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة إلى 1.4% لعام 2025، مقارنةً بتوقعات سابقة بلغت 1.7%. هذا يأتي وسط استمرار القلق من الضغوط الناتجة عن الركود التضخمي، حيث يرجح أن يصل معدل التضخم إلى 3% في ذات العام.
وفي سياق تحليلاته للتوقعات المستقبلية، أشار الاحتياطي الفيدرالي إلى إمكانية خفضين في أسعار الفائدة بحلول نهاية عام 2025. أما بالنسبة للسنوات التالية، فقد خفض الاحتياطي من توقعاته لعدد مرات تخفيض الفائدة المُرتقبة في عامي 2026 و2027، حيث يُتوقع الآن أن يكون هناك إجمالي 4 تخفيضات، تعادل نقطة مئوية كاملة على مدى العامين.
النقاش حول هذه الأرقام والتوقعات يستخدم أداة "مخطط النقاط"، التي يتابعها المحللون عن كثب لفهم توجهات السياسة النقدية في المستقبل. تُظهر هذه البيانات والنسب توازنًا بين المخاوف الاقتصادية والجيوسياسية، إضافةً إلى جهد الاحتياطي الفيدرالي في تحقيق توازن بين مكافحة التضخم ودعم النمو الاقتصادي.
وقد أظهر هذا المخطط استمرار حالة عدم اليقين بين مسؤولي الفيدرالي بشأن مستقبل أسعار الفائدة، إذ تمثل كل نقطة توقعات أحد الأعضاء. وقد كان هناك تباين واضح في التوقعات، حيث أشار البعض إلى أن سعر الفائدة قد يبلغ نحو 3.4% في عام 2027.
يُظهر هذا النهج من الاحتياطي الفيدرالي التزامه بالاستجابة للتحديات الاقتصادية المستمرة، ولكن مع مراعاة التحفظ في الإجراءات المستقبلية لضمان استقرار طويل الأمد للاقتصاد الأمريكي.
الاقتصاد الأمريكي
مثلت التحديثات الجديدة انخفاضا بمقدار 0.3 نقطة مئوية في توقعات الناتج المحلي، وزيادة بنفس المقدار في مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي. أما التضخم الأساسي – الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة – فتمت توقعاته عند 3.1%، أي أعلى بـ 0.3 نقطة مئوية.
وارتفعت أيضا توقعات البطالة قليلا لتصل إلى 4.5%، أي بزيادة 0.1 نقطة عن مارس، و0.3 نقطة فوق المستوى الحالي.
شهد الاقتصاد الأمريكي مؤخرا موجة من الاضطرابات الاقتصادية التي دفعت الاحتياطي الفيدرالي إلى اتخاذ خطوات إستراتيجية لمواجهة التحديات المتزايدة. ووفقاً لرئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بدأت بعض الشركات في الولايات المتحدة تنفيذ عمليات تسريح للموظفين، مبيناً أن هذه الظاهرة قد تكون إشارةً لتباطؤ اقتصادي متوقع.
وأشار باول إلى أن التضخم يشهد زيادة ملحوظة في الأشهر الأخيرة، متوقعاً مزيداً من التضخم خلال الأشهر المقبلة. هذا التضخم يأتي جزئياً نتيجة للتعريفات الجمركية التي تم فرضها، والتي أثرت بشكل كبير في الأسعار الاستهلاكية، رغم أن التأثير الكامل لهذه التعريفات لم يتضح بعد، حيث إن تأثيرها يمتد عبر سلسلة التوريد من بائعي تجزئة، مستهلكين، ومستوردين، ويعتقد باول أن التكاليف النهائية ستنتقل في النهاية إلى جميع هؤلاء الأطراف.
ولتعزيز موقفه، حصل باول على دعم قوي للإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير، حيث يعتبر أن هذا القرار يساعد على التحضير للظروف الاقتصادية المقبلة التي لا تزال غير واضحة المعالم، ورغم عدم وضوح حجم ومدة تأثير التعريفات، فإن الاحتياطي الفيدرالي يبقي على استعداده للتكيف مع أي تطورات قادمة في الاقتصاد الأمريكي.
من جهته، شدد باول على أن الضغط السياسي، بما في ذلك ما يتعلق بتعيينه، لا يشغل حيزاً من تفكيره، مفضلاً التركيز على معالجة القضايا الاقتصادية الحيوية التي تواجه الولايات المتحدة حالياً.
لغة باول تمحى مكاسب الأسهم
تخلى مؤشر داو جونز عن مكاسبه ليسجل خسارة طفيفة بنهاية تعاملات الأربعاء، بعد أن أوحى الاحتياطي الفيدرالي بعدم استعجاله خفض أسعار الفائدة، ما ألقى بظلال من الحذر على الأسواق.
وتراجع المؤشر الصناعي إلى المنطقة الحمراء، خاسرا 44 نقطة أو ما يعادل 0.10%، ليغلق عند 42,171 نقطة. وفي المقابل، سجل مؤشر ستاندرد آند بورز انخفاضا طفيفا، بينما ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 0.13%.
ومع أن الأسواق توقعت هذا التثبيت، فإن بيان الفيدرالي كان متباينا للمستثمرين، حيث أشار إلى احتمال خفضين للفائدة هذا العام، لكنه حذر في الوقت ذاته من مخاطر التضخم الركودي، كما خفض المسؤولون توقعاتهم لنمو الاقتصاد في 2025 إلى 1.4% فقط، ورفعوا توقعاتهم للتضخم الأساسي إلى 3.1%.
وفي المؤتمر الصحفي، قال رئيس الفيدرالي إننا بدأنا نرى بعض آثار الرسوم الجمركية على التضخم، لكنه أضاف أن صانعي السياسات في وضع جيد للانتظار قبل اتخاذ أي قرارات جديدة بشأن أسعار الفائدة.
وأضاف باول: "حجم تأثير الرسوم، ومدتها، والوقت الذي ستستغرقه جميعها أمور غير مؤكدة بدرجة كبيرة، ولهذا نعتقد أن الإجراء المناسب حاليا هو الثبات على ما نحن عليه إلى أن نحصل على مزيد من البيانات".