النموذج السعودي في قمة الاقتصاد الإسلامي
لا يزال منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي قادرًا، وعبر 50 عاما، على إحداث حراك فكري وبحثي كبير بين الخبراء والمفكرين وصناع القرار ورواد الاقتصاد من مختلف أنحاء العالم.
فعبر 3 أيام، استطاع المنتدى من خلال القمة العالمية الثانية للاقتصاد الإسلامي، التي تنظم هذا العام في إسطنبول، وبحضور الرئيس التركي، أن يناقش عديدًا من القضايا الاقتصادية والتنموية المهمة، التي تطرح نماذج جديدة للتنمية والتعاون، وتفتح المجال أمام تعزيز الحوار العلمي وتبادل الرؤى، ودفع عجلة الابتكار، من أجل المساهمة في النمو المستدام للاقتصاد الإسلامي بمبادئه ومفاهيمه الأصلية.
والحقيقة أن أهم ما يميز الاقتصاد الإسلامي هو خصوصيته المتجذرة في القيم والمبادئ الأخلاقية التي تشكل أساسًا لسياساته وآلياته، حيث يُولي الاقتصاد الإسلامي اهتمامًا كبيرًا بالبعد الأخلاقي، بل ويجعل منه مكوّنًا لا ينفصل عن النشاط الاقتصادي ذاته، حيث يمثل البعد الأخلاقي في الاقتصاد الإسلامي ضرورة إنسانية ومجتمعية لضمان استدامة النمو وكرامة الإنسان.
ومنذ نشأتها الأولى وحتى الآن، كانت السعودية من أوائل الدول التي سعت إلى بناء نموذج اقتصادي يُراعي القيم الإسلامية والعدالة الاجتماعية، من خلال مجموعة من السياسات والتشريعات والمبادرات التي تنطلق جميعها من روح الشريعة الإسلامية، سواء في العمل المصرفي أو الزكاة أو الأوقاف أو أنظمة الدعم الاجتماعي، أو غيرها من أدوات تمكين العدالة الاجتماعية والتكافل، إلى جانب السياسات الاقتصادية التي تربط الاستثمار والتمويل بالأنشطة الحقيقية، لا بالمضاربات أو الأسواق الوهمية، عبر تشجيع المشاريع الإنتاجية والاستثمار في البنية التحتية، وفق رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد مع الحفاظ على قيم العدالة والمسؤولية الاجتماعية.
نجحت أعمال القمة العالمية الثانية للاقتصاد الإسلامي بلا شك، في إلقاء الضوء على النموذج السعودي في الاقتصاد، وكيف يمكن للدول الحديثة أن توائم بين التنمية والقيم، وكيف تستطيع أن تضع حجر الأساس لبناء نظام اقتصادي معاصر، قوي ومتنوع، قادر على الاستجابة لتحديات العصر، دون أن يتخلى عن مبادئ العدالة والتكافل.