شركات الطيران الأمريكية تمر بأجواء سوقية مضطربة بعد إقلاع قوي مطلع العام

شركات الطيران الأمريكية تمر بأجواء سوقية مضطربة بعد إقلاع قوي مطلع العام
"أسوشيتد برس"

استهلت شركات الطيران الأمريكية العام الجاري بانطلاقة قوية؛ لكن المشهد ما لبث أن تغير بسرعة مع دخول الربع الثاني، حيث بات واضحا أنها تمر بمنعطف حاد في خضم تقلبات الأسواق وبيئة اقتصادية مضطربة.

كانت بداية العام مثيرة لموجة من التفاؤل، عززها تعافي الطلب وتجاوز مستويات ما قبل جائحة كورونا؛ فخلال العام الماضي وبداية هذا العام، تمكنت الشركات الأمريكية من تحقيق مستويات طلب فاقت أرقام عام 2019، قبل أن تتعثر هذه المسيرة الواعدة بسرعة.

التهديد الحقيقي لربحية هذه الشركات واستقرارها التشغيلي أججه ارتفاع معدلات التضخم وتراجع ثقة المستهلكين واضطرابات العرض.

تظهر أحدث بيانات تراجعا ملموسا في حجوزات السفر، مدفوعا بمخاوف متزايدة بشأن السلامة، والتباطؤ الاقتصادي، والارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة.

هذه التطورات انعكست سلبا على أداء السوق، حيث هبط مؤشر شركات الطيران ضمن مؤشر"إس آند بي 500" بنحو 15% منذ بداية العام، بينما تكبدت بعض الشركات خسائر تجاوزت 20% من قيمها السوقية.

السوق المحلية مصدر تحد لشركات الطيران الأمريكية

ترتبط التحديات التي تواجهها شركات الطيران الأمريكية اليوم بشكل رئيسي بأداء السوق المحلية، التي تُمثّل أكثر من 90% من سعة شركات الطيران في الولايات المتحدة، وفقا لما يراه بول لينبرج، الرئيس السابق لقسم أبحاث النقل والطيران في شركة "وان إير".

وانخفض الإنفاق على تذاكر الطيران في الولايات المتحدة 7.2% خلال فبراير الماضي، ليسجل أدنى مستوى منذ أكثر من 6 أشهر، بحسب لينبرج.

لتفادي مزيد من الخسائر، وسعيا لحماية هوامش الأرباح بدلا من الدخول في حروب أسعار، بدأ عديد من شركات الطيران الأمريكية خفض عدد الرحلات الجوية في الربع الثاني، على نحو يعكس نظرة تشاؤمية بشأن الطلب في الفترة المقبلة، وفقا لما قاله لينبرج لـ "لاقتصادية".

تبنت شركات الطيران الأمريكية سياسات متباينة في مواجهة هذه التقلبات؛ فبينما آثرت شركة "أمريكان إيرلاينز" النهج الحذر، عبر رفع سعتها التشغيلية بشكل طفيف وسحب توقعاتها المالية، اختارت "يونايتد إيرلاينز" التوسع بنسبة 5.8%.

أما شركة "جيت بلو" فأعادت هيكلة شبكتها؛ في حين اضطرت "سبيريت إيرلاينز" إلى خفض سعتها 15% خشية الإفلاس.

بصيص أمل لشركات الطيران الأمريكية

رغم هذا المشهد القاتم، ترى الدكتورة آنا آيزلوود، من مركز أبحاث تكامل الطيران، أن هناك بصيص أمل.

تمثل بصيص الأمل هذا في قوة قطاعي السفر الدولي والفئات الممتاز، حيث تظهر الحجوزات الدولية وحجوزات درجة رجال الأعمال "مرونة لافتة" بحسب قولها.

وسجلت بعض شركات الطيران الأمريكية الكبرى ارتفاعًا بنسبة 8% في الحجوزات الدولية، بما يعكس ذلك استمرار الطلب القوي من فئات الدخل المرتفع، وفقا لآيزلوود.

كما ارتفعت أسعار التذاكر في هذه الفئات بنسبة مماثلة "ما ساعد الشركات على دعم أرباحها في هذه الفئة رغم التراجع في الطلب على الفئات الاقتصادية".

الشركات الأمريكية تواجه تحديات تشغيلية

مع ذلك، يحذر بعض الخبراء من أن الرهان على تخفيض السعة أو إعادة الهيكلة أو حتى تعويل شركات الطيران على انتعاش السفر الدولي قد لا يكون كافيا.

فبحسب تقديراتهم، لن تكون موجات التعافي التي يشهدها القطاع طويلة الأمد، بل ستظل متقطعة ومتقلبة، خاصة مع استمرار العمل عن بعد وتطور أدوات الاتصال الرقمي، ما يقلص الحاجة إلى السفر لأغراض العمل.

إلى جانب ذلك، تواجه الشركات تحديات تشغيلية حقيقية، أبرزها تأخيرات في تسليم الطائرات الجديدة، ما يجبرها على الاعتماد على طائرات قديمة أكثر تكلفة في الصيانة.

كذلك، يعقد نقص العمالة خطط التوسع، ويحد من القدرة التشغيلية، خصوصا فيما يتعلق بالمراقبين الجويين.

الأكثر قراءة