رونالدو والنصر بعد 13 يوما .. وداع أم عام ثالث من ذهب؟
في مساء شتوي من ديسمبر 2022، اهتزت أروقة الكرة العالمية بخبر لم يكن متوقعًا حتى لأكثر المتابعين جنونا في تنبؤاتهم: كريستيانو رونالدو، أيقونة ريال مدريد ومانشستر يونايتد ويوفنتوس، يوقع رسميا لنادي النصر السعودي، في صفقة وصفت منذ لحظتها الأولى بأنها ليست مجرد انتقال رياضي، بل زلزال كروي أعاد تشكيل خريطة كرة القدم في آسيا والعالم.
ولادة حلم جديد
عقب تجربة غير مستقرة مع مانشستر يونايتد في موسم 2022، وصدامه العلني مع المدرب إريك تن هاج، بدا أن علاقة الدون بالمسرح الإنجليزي قد وصلت إلى نهايتها، وبلا مقدمات، أعلن نادي النصر التعاقد مع النجم البرتغالي بعقد يمتد حتى صيف 2025، مقابل مبلغ إجمالي تجاوز 200 مليون يورو سنويا، ما جعله الأعلى أجرا في تاريخ اللعبة.
لحظة البداية والانتظار
في 22 يناير 2023، وقف رونالدو بقميص النصر الأصفر والأزرق لأول مرة داخل ملعب مرسول بارك، أمام جماهير مهووسة كانت تنتظر هذه اللحظة كما لو أنها بداية عصر جديد، لم يسجل في مباراته الأولى ضد الاتفاق، لكنه أظهر لمحات من عبقريته، ليأتي هدفه الأول في المباراة التالية ضد الفتح من ركلة جزاء، معلنا عن بداية فصل تهديفي غير مسبوق.
أرقام قياسية بألوان جديدة
خلال موسم 2023-2024، سجل رونالدو 35 هدفا في دوري روشن السعودي، محطمًا الرقم القياسي التاريخي لأكثر لاعب يسجل في موسم واحد، وهو رقم صمد لسنوات طويلة بينما في جميع المسابقات، أنهى موسمه الأول مع النصر بـ 50 هدفًا خلال 51 مباراة، في معدل تهديفي مرعب، يليق بلاعب كتب اسمه في تاريخ دوري الأبطال الأوروبي بأحرف نارية.
أما في موسمه الثاني، 2024-2025، فواصل التألق مسجلا 23 هدفًا حتى نهاية أبريل، ليرفع رصيده الكلي مع النصر إلى 72 هدفا في 74 مباراة، ما يجعله أسرع لاعب يسجل هذا العدد في تاريخ النادي.
تجربة أعادت تعريف النجومية
ربما لم يكن توقيع كريستيانو مع النصر نهاية مشواره، بل بداية جديدة أعادت تعريف "النجومية" و"التأثير"، فالرجل الذي حقق كل شيء في أوروبا، اختار أن يصنع التاريخ في أرضٍ لم يسبق له أن لعب فيها، واضعًا حجر الأساس لموجة من التعاقدات العالمية التي تلت قدومه كبنزيمة، نيمار، كانتي وغيرهم من اللاعبين.
لقد فتح الباب، وغير النظرة النمطية تجاه اللاعب "المخضرم"، وأثبت أن الطموح لا عمر له.
تأثير رونالدو الأوسع
لم يكن تأثير رونالدو محصورا داخل المستطيل الأخضر. منذ قدومه، ارتفعت المتابعة العالمية لحسابات نادي النصر من مئات الآلاف إلى ملايين، وارتفعت مبيعات القمصان الرسمية بنسبة 400%، كما تضاعفت عوائد البث التلفزيوني والحقوق التجارية للدوري.
على المستوى الجماهيري، تحولت ملاعب السعودية إلى مدرجات ممتلئة كلما لعب النصر، سواء داخل الرياض أو خارجها، وأصبح كل حضور لرونالدو حدثا جماهيريًا وإعلاميًا بامتياز.
البطولات الغائبة
رغم تألقه اللافت فرديا، واجه النصر صعوبات في تحقيق الألقاب المحلية، حيث إنه في موسمه الأول، حل ثانيًا في الدوري خلف الاتحاد، وخرج من كأس الملك لكن في صيف 2023، وجد رونالدو ضالته بالتتويج بكأس الملك سلمان للأندية العربية الأبطال، بعد الفوز على الهلال في النهائي، حيث سجل هدفين وحصل على لقب أفضل لاعب في البطولة.
غير أن موسم 2024 لم يكن كما تمناه، إذ خسر نهائي كأس الملك، وخرج من نصف نهائي دوري أبطال آسيا أمام العين الإماراتي، ما فجر بعض الانتقادات الجماهيرية، حيث شكك البعض في فائدة الصفقة، رغم أن لغة الأرقام تبرئه دومًا.
939 مليون متابع و275 مليون دولار أرباح
حل رونالدو في المركز الأول بإجمالي أرباح 275 مليون دولار في قائمة فوربس للأثرياء، ليتجاوز ما حققه في 2024 وهو ما بلغت قيمته 260 مليون دولار، حيث لديه مصادر رعايات مختلفة عن عقوده الرياضية، ويتمتع بمتابعة هائلة على وسائل التواصل الاجتماعي تصل إلى 939 مليون متابع.
كما حل في المركز الثالث في قائمة "سبورتيكو" لأعلى الرياضيين أجرا على مر العصور بـ 1.8 مليار دولار.
رونالدو الأب والقائد
بعيدا عن الأضواء، أظهر رونالدو وجها أكثر هدوءا في السعودية، يعيش مع أسرته في الرياض، ويحرص على حضور فعاليات ثقافية، بل ظهر في أكثر من مناسبة وهو يرتدي الزي السعودي التقليدي، ما زاد من شعبيته لدى الشارع السعودي.
في غرفة الملابس، تولى دور القائد والملهم، حيث ساعد على رفع مستوى بعض زملائه، بل بات مرجعية للاعبين المحليين في كيفية الاستعداد الذهني للمباريات.
وداع أم عام ثالث من ذهب؟
في مايو 2025، ومع اقتراب نهاية موسمه الثاني، يواصل كريستيانو رونالدو تحدي الزمن والأرقام، وعلى الرغم من بعض التراجع الجماهيري بعد موسم خالٍ من البطولات الكبرى، لا أحد يمكنه إنكار أن وجوده أحدث ثورة في كرة القدم السعودية، وأن إرثه سيبقى حتى بعد مغادرته.
ومع بقاء 13 يوما على انتهاء عقده بحسب مصادر "الاقتصادية"، يحتاج رونالدو إلى اتخاذ قرار بشأن مستقبله، فهل سيكون وداع أم عام ثالث وموسم "الذهب" الذي طال انتظاره؟
ويتطلع النجم إلى المشاركة في نهائيات كأس العالم مع البرتغال في عام 2026، ويطمح أيضًا إلى تحقيق هدف طموح يتمثل في الوصول إلى 1000 هدف احترافي في مسيرته.