هل تواجه الصين مصير اليابان ما بعد فقاعة الأصول؟
لأول مرة منذ الأزمة المالية الآسيوية في 1997، قررت الصين ضخ مبالغ ضخمة من الأموال العامة في البنوك الكبرى المملوكة للدولة لتبديد المخاوف بشأن الاضطرابات المالية.
اتُخذ القرار خلال الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب، حيث كشف رئيس مجلس الدولة لي تشيانج عن خطط لإصدار سندات سيادية خاصة بقيمة 500 مليار يوان (68.9 مليار دولار أمريكي) لإعادة تمويل البنوك الكبرى المملوكة للدولة بأموال عامة.
ووفقا للسلطات الصينية المختصة، فإن هذا الضخ الأول للأموال العامة في القطاع المصرفي منذ 27 عاما يعد إجراء احترازيا وسيتم تنفيذه على مراحل.
وبحسب ما ذكرته صحيفة نيكاي آسيا، تأتي هذه الخطوة في الوقت الذي لا يزال فيه الاقتصاد الصيني غارقا في ركود ناتج عن انهيار فقاعة العقارات، وتذكرنا بما حدث في اليابان بعد انفجار اقتصادها المتضخم بالأصول في تسعينيات القرن الماضي.
اتخذت دورة المجلس الوطني لنواب الشعب أيضا قرارات أخرى لدعم الاقتصاد المتعثر. لكن رئيس مجلس الدولة لم ينتهز الفرصة لشرح التدابير السياسية الجديدة.
وفي ظل هذه الظروف، سيتسارع هروب رأس المال الأجنبي من الصين أكثر.
في 1998، العام الذي تلا اندلاع الأزمة المالية الآسيوية، قررت الصين إصدار سندات سيادية خاصة بقيمة 270 مليار يوان. وُضعت الأموال في أكبر 4 بنوك حكومية في البلاد.
وفي العام نفسه، ضخت اليابان أموالا عامة في بنك اليابان للائتمان طويل الأجل وبنك نيبون الائتماني المتعثرين - وهما اثنان من 3 بنوك ائتمانية طويلة الأجل في البلاد - ووضعتهما تحت سيطرة الدولة مؤقتا. وفي هذا الشهر، توصل بنك إس بي آي شينسي، خليفة بنك اليابان للائتمان طويل الأجل، إلى اتفاق مع الحكومة اليابانية بشأن كيفية سداد أموال الإنقاذ الحكومية المتبقية.
والآن، تستعد الحكومة الصينية لضخ 500 مليار يوان في البنوك الحكومية الرئيسية، أي نحو ضعف مبلغ الأموال العامة المُستخدمة لإعادة تمويل القطاع المصرفي قبل 27 عاما.
لكن الوضع الاقتصادي الصيني قد تغير بشكل كبير منذ ذلك الحين. والسؤال هو: هل هذا المبلغ كاف لوأد الاضطرابات المالية المستقبلية في مهدها؟
تضاعف حجم الاقتصاد الصيني نحو 20 ضعفا منذ النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي بفضل النمو السريع. كما ازداد الإقراض المصرفي بشكل ملحوظ.
وكان قطاع العقارات، الذي يُقال إنه أسهم بنحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي للصين لفترة طويلة، إحدى القوى الدافعة وراء هذا النمو السريع.
كما حققت الحكومات المحلية في الصين إيرادات ضخمة من خلال بيع حقوق استخدام الأراضي المملوكة للدولة لمطوري العقارات بأسعار مرتفعة. ولكن بعد أعوام من النمو، انهارت فقاعة العقارات تماما.
وتستمر القروض المتعثرة في القطاع المصرفي الصيني في التضخم. وهذا يعني أن حجم القروض المتعثرة التي يتعين التخلص منها سيكون أكبر بكثير مقارنة بحجمها قبل ربع قرن.
من المتوقع أن يكون لغياب خطة جذرية واضحة للتعافي الاقتصادي عواقب وخيمة. وبدون هذه الخطة، ستستمر الآثار السلبية لأزمة العقارات على الاقتصاد الكلي، ليس لعام أو عامين، بل لـ5 أعوام، وربما لفترة أطول. وفي أسوأ السيناريوهات، ستواجه الصين مصير اليابان نفسه ما بعد الفقاعة. في الواقع، تتأرجح الصين على شفا انكماش حاد.