إندونيسيا ضد "أبل" .. معركة المحتوى المحلي تنتهي بتراضي الطرفين

إندونيسيا ضد "أبل" .. معركة المحتوى المحلي تنتهي بتراضي الطرفين

ساعدت لوائح صارمة بشأن المحتوى المحلي في إندونيسيا على تأمين استثمارات بقيمة 300 مليون دولار من أبل، وإعادة فتح الباب أمام مبيعات آيفون 16 في البلاد، لكن محللين حذّروا من أن اللوائح ربما تردع شركات تكنولوجيا أخرى تخشى مواجهة التحديات التنظيمية.

في أكتوبر الماضي حظرت جاكرتا بيع آيفون 16، معللة ذلك بفشل أبل في تلبية متطلبات المحتوى المحلي التي تفرض نسبة معينة من المكونات، أو عمليات الإنتاج داخل إندونيسيا.
ردًا على ذلك، اقترحت أبل ضخ 10 ملايين دولار في شكل استثمارات جديدة، ثم عرضت لاحقًا ما يصل إلى مليار دولار - مبلغ اعتبره الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو مقبولًا، وفقًا لبلومبيرغ.
مع ذلك تعثرت المفاوضات وأيدت وزارة الصناعة الإندونيسية الحظر، بينما استمرت المناقشات للتوصل إلى شروط أكثر ملاءمة لكلا الطرفين.

وفقا لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، اتفق الجانبان الشهر الماضي على خطة استثمارية بقيمة 300 مليون دولار، تشمل مركزًا لأبحاث وتطوير البرمجيات بالقرب من جاكرتا، إضافة إلى مصانع لإنتاج مكونات لمنتجات أبل، مثل إيربودز. ويوم الجمعة أعلنت وزارة الصناعة استئناف إصدار شهادات المحتوى المحلي لمنتجات أبل، لكن لم يتم تحديد موعد لبيع هواتف آيفون 16.

أشار المحللون إلى أن لوائح جاكرتا تعكس رغبة إندونيسيا في أن يُنظر إليها على أنها أكثر من مجرد سوق للسلع الأجنبية، فهي تتطلع إلى أن تصبح لاعبًا رئيسيًا في عملية التصنيع لجذب مزيد من الاستثمارات.

وتشترط إندونيسيا أن تشتمل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية المباعة محليًا على 35% على الأقل من المحتوى المحلي، وأن تلبي أهداف الاستثمار التي حددتها الحكومة. ولم تكن أبل الشركة الوحيدة التي تواجه قيوداً - حظرت إندونيسيا سابقاً بيع هواتف جوجل بيكسل من ألفابت لافتقارها إلى المكون المحلي.
في المقابل، استثمرت شركات منافسة، من بينها سامسونج الكورية وشاومي الصينية، بكثافة في التصنيع المحلي. بلغت استثمارات الأولى ثمانية تريليونات روبية والثانية 5.5 تريليون روبية.

تسعى إندونيسيا التي تواجه تحديات كبيرة، إلى استحداث فرص عمل وتعزيز التصنيع المحلي لتحقيق هدف النمو السنوي الذي حدده برابوو بنسبة 8% خلال فترة رئاسته على مدى السنوات الخمس المقبلة، وتطمح في نهاية المطاف إلى أن تصبح دولة ذات دخل مرتفع بحلول 2045.
وتتنافس إندونيسيا مع جيرانها في جنوب شرق آسيا، بما في ذلك فيتنام وتايلاند، حيث استثمرت أبل 15.4 مليار دولار في الأولى و24 مليار دولار في الثانية. ورغم صغر حجم سوق هاتين الدولتين، يشير محللون إلى أن الحوافز الضريبية وقلة العقبات البيروقراطية تجعلهما أكثر جاذبية لشركات التكنولوجيا العملاقة.

لا تمتلك أبل أي مرافق تصنيع في إندونيسيا، لكنها أنشأت منذ 2018 مرافق بحث وتطوير، تُعرف أيضًا باسم أكاديميات المطورين، بتكلفة إجمالية 1.6 تريليون روبية. وفقدان الوصول إلى إندونيسيا يعني خسارة سوق واسعة تضم 280 مليون مستهلك، خاصة مع انخفاض مبيعاتها في الصين. في الربع الثالث من العام الماضي جاءت أبل خارج قائمة أفضل خمس علامات تجارية للهواتف الذكية في إندونيسيا، وفقًا لشركة كاناليس للأبحاث.

ويحذر المحللون من أن صراع إندونيسيا مع أبل قد يثير مخاوف الشركات الأجنبية بشأن الظروف غير المواتية للعمل في البلاد. أشار تقرير صادر عن غرفة التجارة الأمريكية في نوفمبر إلى أن قواعد المحتوى المحلي في إندونيسيا وضعت توقعات "غير متوافقة" مع قدرات التصنيع الحالية في البلاد.

الباحث الاقتصادي في مركز جاكرتا للدراسات الإستراتيجية والدولية داندي رافيتراندي، أوضح أنه بطبيعة الحال، ستأخذ الشركات قضية إندونيسيا وأبل في الحسبان عند اتخاذ قرارات استثمارية مستقبلية، لكن طالما حافظت جاكرتا على الاتساق والشفافية في شروطها، ستظل السوق الإندونيسية عامل جذب للمستثمرين.

الأكثر قراءة