خبراء لـ"الاقتصادية": الطلب الآسيوي والأوروبي يرفع صادرات الفحم الأمريكي
لطالما كانت صناعة الفحم حجر الزاوية في الاقتصاد الأمريكي، ولعبت دورا محوريا في التنمية الصناعية وإنتاج الطاقة، لكنها واجهت في السنوات الأخيرة تحديات كبيرة من اللوائح البيئية والمنافسة من مصادر الطاقة الأخرى وديناميكيات السوق المتغيرة.
ووفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، يعد الفحم مصدر الطاقة الأكثر وفرة في الولايات المتحدة، ويشكل ما يقرب من 90 % من احتياطات الطاقة التقليدية الأمريكية، وفي العام الماضي بلغ الإنتاج الأمريكي من الفحم 577 مليون طن، ويمكن لاحتياطاته القابلة للاستخراج في الولايات المتحدة الاستمرار لأكثر من 300 عام.
ويستحيل تقدير إجمالي مساهمة الفحم في الاقتصاد الأمريكي، وتشير التقديرات الأولية إلى أن عدد العاملين في المراحل المختلفة لصناعته يبلغ 100 ألف عامل، وتخلق 3.2 فرصة عمل مقابل كل وظيفة في مجال تعدين الفحم، ليصبح المجموع الكلي للعاملين بشكل مباشر وغير مباشر في الصناعة أكثر من 300 ألف شخص، وتقدر مبيعاته السنوية بـ 20 مليار دولار بينما تدفع الصناعة 8 مليارات دولار كأجور ورواتب مباشرة.
وهنا يشير الدكتور آدم بلاك سميث أستاذ الأنظمة الاستثمارية في مجال الطاقة، إلى تقلص الاستهلاك المحلي للفحم الأمريكي على المدى القريب بينما تزداد الصادرات في الوقت ذاته.
وقال لـ"الاقتصادية" إن "الصادرات تمثل حصة أكبر من اجمالي استهلاك الفحم الأمريكي، وهذا العام يرجح أن يصل إجمالي الاستهلاك في الولايات المتحدة إلى 482 مليون طن أي أقل بنسبة 29 % عما كان عليه عام 2019، وستشكل الصادرات 19 % من إجمالي الطلب هذا العام، وسترتفع العام المقبل إلى 21 %، وذلك لانخفاض الاستهلاك المحلي وخاصة في قطاع الطاقة الكهربائية".
ويعكس انتعاش الصادرات زيادة الطلب على الفحم الأمريكي في الأسواق الخارجية خاصة في آسيا وأوروبا، حيث بلغ الاستهلاك مستويات قياسية، وزادت تلك الدول من استهلاكها للفحم الأمريكي في أعقاب الحظر المفروض على الفحم الروسي في عديد من الأسواق، كما أن الطلب على الفحم المعدني الأمريكي يميل إلى البقاء ثابتا في الأسواق الخارجية نظرا لجودته العالية.
من جانبها، تتهم الباحثة في مجال الطاقة المتجددة لورين كينز، الإدارة الأمريكية بأنها لا تفعل ما تعظ به، فإنها تتخلص من مشكلتها في تلويث البيئية عبر تصدير الفحم إلى الخارج.
وذكرت كينز لـ"الاقتصادية" أن "صناعة الفحم تواجه تحديات كبيرة تهدد قدرتها على البقاء على المدى الطويل، فاللوائح البيئية التي تهدف إلى الحد من الانبعاثات أدت إلى زيادة تكاليف التشغيل وتتطلب القوانين الجديدة استثمارات كبيرة في تقنيات مكافحة التلوث، كما أضعفت الطاقة المتجددة والحوافز الحكومية في استخدامها من الطلب الداخلي على الفحم".
وأضافت، أن نتيجة ذلك انخفاض مطرد في حصة الفحم في توليد الكهرباء في الولايات المتحدة ففي عام 2022، شكل الفحم 22 % فقط في توليد الكهرباء مقابل 50 % عام 2005، وقد أدى ذلك إلى فقدان كثير من الوظائف، لذلك عملت واشنطن على تشجيع التصدير للخارج بديلا عن نقص معدل نمو الاستهلاك المحلي.
وأشارت إلى أن صناعة الفحم تظل لاعبا مهما لكن متناقص في الاقتصاد الأمريكي، ومن غير المتوقع أن يختفي الفحم بين عشية وضحاها، وتسعى الصناعة لاستكشاف تقنيات وأسواق جديدة، وتبشر تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه بجعل الفحم مصدرا أنظف للطاقة، وهناك إمكانية أن يلعب دورا في إنتاج العناصر الأرضية النادرة والضرورية لعديد من الصناعات عالية التقنية.