كيف تستفيد السعودية من اقتصاد صناعة المحتوى؟

في المقال السابق (اقتصاد صناعة المحتوى.. سوق واعدة) تناولنا الأهمية المتزايدة التي أصبح يتمتع بها اقتصاد صناعة المحتوى، وهو ما أدى إلى إيجاد سوق عالمية ضخمة لتلك الصناعة، وجعلها تؤثر في اقتصادات الدول وإيرادات وانتشار كبرى العلامات التجارية في العالم، سننتقل اليوم إلى السعودية لنتناول كيف يمكن أن تدعم السعودية اقتصاد صناعة المحتوى المحلى وكيف يمكن أن ينعكس ذلك على اقتصادها. 
البداية من السياسات المقترحة لدعم الصناعة، عملية الدعم ترتكز بشكل أساسي على الرؤية الطموحة لقطاع التقنية وصناعة المحتوى في السعودية، وتتنوع عملية الدعم بين مختلف الفاعلين، البداية من المبدعين وصناع المحتوى المحليين الذين يمكن دعمهم عبر عديد من الوسائل، مثل تقديم الدعم المالي واللوجستي خصوصا في مجالات مثل الكتابة والتدوين الإلكتروني، ولتعظيم الاستفادة من المبدعين يجب تأسيس منظومة كاملة تضم مختلف المبدعين وصناع المحتوى مع ربطها برؤية السعودية لعام 2030 وأهداف المحتوى الرقمي. 
ونظرًا للتحول السريع الذي طرأ خلال الأعوام الأخيرة على اقتصاد صناعة المحتوى مع دخول الشركات العالمية الكبرى كما ذكرنا في المقال السابق في عملية صناعة المحتوى، وذلك عبر إنشاء منصات متخصصة في إنتاج المحتوى الرقمي، يمكن للشركات السعودية الكبرى العاملة في مختلف التخصصات تبني تلك الخطوة، عبر إنشاء منصات تقوم بإنتاج المحتوى بمختلف أشكاله، الخطوة ستعود بالنفع على الشركات، حيث سيؤدي انتشار المحتوى إلى زيادة انتشار الشركة إضافة إلى الإيرادات التي ستحققها تلك المنصات سواء من رسوم الاشتراك أو الإعلانات على تلك المنصات. 
العامل الثالث الذي سيسهم في دعم اقتصاد صناعة المحتوى السعودي هو دعم الشركات الناشئة السعودية المتخصصة في المجال، ويعد الدعم المالي أهم ما يمكن تقديمه لتلك الشركات، حيث تكون في بدايتها في حاجة إلى التمويل، ويمكن تفعيل ذلك عبر إنشاء صناديق متخصصة لتقديم التمويل إلى الشركات الناشئة في مجال صناعة المحتوى، إضافة إلى الدعم المالي هناك أيضا الدعم اللوجستي الذى تحتاج إليه تلك الشركات. تمكين الشركات الناشئة المحلية سيساعد بشكل أساسي على إمكانية تحولها إلى فاعل عالمي في مجال نشر المحتوى، وذاك عبر إنشاء تطبيقات منافسة للتطبيقات العالمية مثل تيك توك وغيرها. 
  دعم صناعة المحتوى محليا سيعود بالنفع على الاقتصاد، حيث سينعكس نمو الصناعة على إيرادات الدولة وذلك عبر فرض ضرائب على أرباح صناع المحتوى، على سبيل المثال في بريطانيا يصل معدل الضريبة الأساسية التي تفرض على المؤثرين وصناع المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي إلى 20% من إجمالي الدخل، ومع توقعات بوصول حجم الصناعة في السعودية بحلول 2030 إلى أكثر من خمسة مليارات دولار، ولتحقيق أقصى استفادة من السوق الكبيرة يقترح أن يتم بناء قاعدة بيانات لجميع صناع المحتوى في السعودية، يتم من خلالها تحديد حجم الأرباح المكتسبة، ومن ثم تقوم بتحديد نسبة الضرائب وفقًا لحجم الدخل مع توفير حوافز مختلفة لتشجيع صناع المحتوى. 
الاستفادة الأخرى من دعم صناعة المحتوى تتعلق بالتأثير في اقتصاد البلاد بشكل عام، حيث يؤدي دعم صناع المحتوى المحليين إضافة إلى جذب المؤثرين العالميين على وسائل التواصل الاجتماعي إلى دعم مختلف القطاعات وعلى رأسها قطاع السياحة، حيث يؤدي مقطع فيديو واحد من مؤثر محلي أو عالمي إلى تشجيع آلاف من الأفراد حول العالم على زيارتها والتعرف على أهم معالمها السياحية، حجم الانتشار الكبير للمحتوى الرقمي أيضا يسهم في تعرف العالم على التغيير الشامل الذي تشهده السعودية على كافة المستويات، وحجم التطور الكبير الذي تشهده بنيتها التحتية ومدنها المهمة والتاريخية، الأمر الذي يغير من رؤية العالم لها. 
ختامًا، فإن صناعة المحتوى في العالم تشهد طفرة في الأعوام الأخيرة، حيث تحولت إلى صناعة كاملة يهتم بها مئات الملايين حول العالم، ونظرًا للاهتمام الكبير من السعودية بدعم الإبداع والابتكار فإن صناعة المحتوى في المملكة من المتوقع أن تشهد نموًا كبيرًا في الفترات المقبلة، وسينعكس نموها بشكل أساسي على اقتصادها الذي يسير نحو التنويع الشامل والمدعوم برؤية التنمية 2030. 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي