تقسيم شركات الاتصالات الإيطالية يحفز الصفقات في أوروبا

تقسيم شركات الاتصالات الإيطالية يحفز الصفقات في أوروبا

خلال معظم هذا القرن، كانت مجموعة الاتصالات الإيطالية تي أي إم في الأغلب ما تعد شركة ذات أداء ضعيف. فقد كانت مثقلة بكثير من الديون، وكانت تكافح في سوق محلية شديدة التنافسية، وكانت تعاني الخلافات الإدارية والتدخل السياسي من الحكومات الإيطالية من جميع الأطياف.
لكن مع اقتراب العام الجديد، ستكون لدى المديرين التنفيذيين في مجموعة تي أي إم أسباب للبهجة.
فقد طلب أكبر مساهم في المجموعة، وهي المجموعة الفرنسية فيفيندي، من محكمة في ميلانو الشهر الماضي إلغاء قرار مجلس الإدارة بتقسيم الشركة وبيع الشبكة لمجموعة الأسهم الخاصة كيه كيه آر دون تصويت المساهمين. لكن فيفيندي لم تصل إلى حد مطالبة القضاة بتعليق الصفقة في هذه الأثناء. وهذا يعني بشكل أساسي أن الخطة ستمضي قدما رغم شكوى الشركة الفرنسية.
من المتوقع أن تمنح الصفقة بعض الراحة للقطاع، ما قد يعزز الاندماج في سوق الاتصالات المجزأة في إيطاليا وأوروبا. حيث يعتقد المحللون أن عمليات الاندماج والاستحواذ هي السبيل الوحيد للمضي قدما لحل مشكلات الربحية المنخفضة وتعزيز استثمارات الشبكات.
يتم تداول أسهم تي أي إم المثقلة بالديون، المعروفة سابقا باسم تيليكوم إيطاليا، بخصم كبير مقارنة بنظيراتها. وبلغ صافي ديونها في مارس 25.8 مليار يورو. وهي الآن على رأسها الرئيس التنفيذي السادس منذ 2016 - ما يعادل عدد الحكومات الإيطالية في الفترة نفسها.
حيث فشل الرؤساء التنفيذيون في إيجاد بدائل قابلة للتطبيق لتفكيك شركة توظف الآلاف في إيطاليا، حيث تعد أصلا وطنيا استراتيجيا يمكن للحكومة أن تستخدم حق النقض ضد صفقات الاستحواذ عليها.
والآن، تحتاج تي أي إم إلى إعادة تمويل قدره ما بين ثلاثة إلى أربعة مليارات يورو من الديون سنويا. وهي تواجه تحسينا مكلفا لشبكتها النحاسية إلى الفايبر.
اعترف الرئيس التنفيذي بيترو لابريولا بصراحة أنه في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، لم تعد الشركة قادرة على تحمل هذه التكاليف.
في 2021، أصدرت شركة تيليكوم إيطاليا ثلاثة تحذيرات بشأن الأرباح؛ وفي 2022، تحملت رسوما لانخفاض القيمة ملياري يورو؛ وفي الأشهر التسعة الأولى من 2023 ارتفعت أقساط الفائدة إلى 1.3 مليار يورو، ما أدى إلى محو هوامشها خلال الفترة.
إن فصل الشبكة عن أعمال الخدمات هو الملاذ الأخير، وهو أمر لم تفعله أي مجموعة اتصالات أوروبية كبيرة أخرى. حيث قال لابريولا لــ"فاينانشيال تايمز" في نوفمبر: "لقد قمنا بتفكيك الشركة وإعادة تجميعها معا مثل مجموعة ليجو مرات عدة لمعرفة ما إذا كانت هناك طرق أخرى للمضي قدما ولم تكن هناك طرق أخرى".
لم يعد الاستمرار في تأجيل اتخاذ قرار خيارا. فمن المفهوم أن شركة فيفندي، التي خسرت أموالا كبيرة على الورق بسبب استثمارها في الشركة، وكثيرون في مختلف أنحاء المؤسسة الإيطالية لا يحبون هذا الحل. لكن أحد المسؤولين الإيطاليين طلب عدم الكشف عن هويته، قال: "كانت هناك حاجة إلى اتباع نهج عقلاني تجاه الأعمال الفاشلة". ويعتقد لابريولا أن بعض منافسيه القاريين قد يحذون حذوه في تقسيم شركاتهم.
يقول المحللون: إن ضعف أسهم شركات الاتصالات الأوروبية يعكس تشظيها وعدم التوافق بين نماذج أعمال الشركات والتطور التكنولوجي في سياق انخفاض الإيرادات وزيادة المنافسة.
ففي 2018، كتب المصرفيون في سيتي: "قد يتلاشى دعم المستثمرين لنموذج أعمال الاتصالات القديم، الذي يركز على تسييل أصول البنية التحتية القائمة من خلال التكامل الرأسي مع الخدمات". ولم يتغير كثير منذ ذلك الحين.
في الأسبوع الماضي، اقترحت شركة إلياد الفرنسية الاستحواذ على عمليات فودافون الإيطالية، وهو نسخة منقحة من العرض الذي سبق أن رفضته المجموعة التي يوجد مقرها في المملكة المتحدة. ومن شأن الصفقة أن توجد أكبر مشغل للهواتف المحمولة في إيطاليا بحصة سوقية تبلغ 35 في المائة، وفقا للمحللين. وقيل إن فودافون تدرس خيارات عدة، من ضمنها الارتباط المحتمل مع شركة فاست ويب المملوكة لشركة سويس كوم في إيطاليا.
يقول الخبراء: إنه إذا كانت الحالة الإيطالية ستؤدي إلى نقاش أوسع، بما في ذلك بين الهيئات التنظيمية الأوروبية، حول احتياجات الدمج القاري، فإنها ستكون أيضا أخبارا مرحبا بها. انتقد المحللون والمستثمرون هيئة المنافسة في الاتحاد الأوروبي لأنها "لم تكن مؤيدة للصفقات"، لكنها تقترب من نهاية فترة ولايتها البالغة خمسة أعوام، مع تحديد موعد انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو.
قال فابيو بافان، محلل الأسهم في بنك ميديوبانكا: "في 2024، يمكننا أن نتوقع عمليات اندماج، خاصة في البلدان التي يخسر فيها القطاع الأموال". ففي نهاية المطاف، يوجد في أوروبا أكثر من 100 مشغل - بعضها شركات فرعية محلية لمجموعات أكبر - وهذا عدد ضخم مقارنة بالولايات المتحدة والصين، حيث تتنافس على السوق حفنة من الشركات.

الأكثر قراءة