إقبال على التحول للزراعة العضوية في عسير
مثلت الزراعة بالطرق التقليدية في منطقة عسير حلولا غذائية للسكان منذ آلاف الأعوام لخصوبة الأراضي ووفرة الحيازات الزراعية، وعلى الرغم من انتشار الزراعة بالطرق الحديثة والتسميد الكيميائي، إلا أن عديدا من المزارعين يفضلون الزراعة العضوية التي أصبح تحفيزها ودعمها من أهم مبادرات وزارة البيئة والمياه والزراعة.
ويسرد المزارع سعد بن سعيد آل ضمك، تجربته في مجال الزراعة التي امتدت لأكثر من 20 عاما، مشيرا إلى أنه توصل إلى نتيجة مفادها أن الزراعة العضوية هي الخيار الأفضل لوفرة الإنتاج وجودته.
وقال آل ضمك: "الأسمدة الكيمائية تسببت في ارتفاع حموضة التربة وذبول كثير من الأشجار والإنتاج الضعيف، وعندما علمت بمبادرة الزراعة العضوية التي تشرف على تنفيذها ودعمها وزارة البيئة والمياه والزراعة، بادرت بتسجيل مزرعتي فيها، وطبقت بشكل كامل جميع متطلبات وشروط هذا النوع من الزراعة"، مشيدا بالدعم غير المحدود من قبل فرع الوزارة بعسير من خلال البرامج التوعوية والتثقيفية للمزارعين عن الزراعة العضوية وفوائدها.
ويمتلك آل ضمك مزرعة تحتوي على أشجار متنوعة، من أبرز محاصيلها البرتقال واليوسفي والعنب والتين والرمان والزيتون والكمثرى والتفاح والخوخ والليمون والتوت، إضافة إلى النخيل والبن العربي، يعمل على تسميدها من خلال نثر السماد العضوي المستخلص من مخلفات الأبقار والأغنام ومعالجتها كيميائيا ثم توزيعه وسط أحواض أشجار الفاكهة، ثم تقليبه في التربة لعدة مرات في العام.
والزراعة العضوية هي نظام لإدارة الإنتاج يشجع ويعزز استدامة الأنظمة الزراعية البيئية وإنتاج الغذاء الصحي والتركيز على المحافظة على الموارد الطبيعية -التربة والماء والتنوع الأحيائي، حيث تركز الزراعة العضوية على استخدام المدخلات الموجودة بالمزرعة وتشجع العمليات الحيوية لزيادة المغذيات الطبيعية المتاحة، وتعد التربة الجزء المحوري لنظام الزراعة العضوية، والهدف من ذلك زيادة خصوبتها إلى الحد الأقصى والمحافظة على حيويتها وصحتها على المدى الطويل.
وتعتمد الزراعة العضوية -حسب وزارة البيئة والمياه والزراعة- على دورة زراعية مغلقة، فهي تعتمد على الاستخدام المتبادل للبيئات (التربة - النباتات - الحيوانات – البشر)، ويتم تدوير متبقيات المحاصيل والسماد الحيواني والسماد الأخضر إلى التربة، واستبعاد الأسمدة والمبيدات المصنعة كيماويا.
ويحرص فرع الوزارة في منطقة عسير إلى تشجيع المزارعين ودعمهم للتحول إلى الزراعة العضوية بشكل كامل، مؤكدا أن الزراعة العضوية من أهم المبادرات التي تدعمها الوزارة، مما ساعد على زيادة إقبال أصحاب الحيازات الزراعية إلى الزراعة العضوية، خاصة مزارعي الفواكه والمحاصيل الحقلية والخضراوات، كذلك تنامي الإقبال على شراء المنتجات العضوية من قبل المواطنين والمقيمين ما شجع المزارعين على التحول إلى هذا النوع من الزراعة لما لها من مردود مادي جيد إضافة إلى الدعم الحكومي (غير المسترد)، ومبادرة دعم إعادة تأهيل المدرجات الزراعية الموجه للمزارعين في منطقة عسير.
وتحولت 6 مزارع في المنطقة إلى الزراعة العضوية منذ إطلاق مبادرة الدعم، ويجري حاليا تقييم 32 مزرعة ومتابعتها (تحت التحول)، فيما تزايدت أعداد طلبات التحول، حيث وصلت إلى أكثر من 30 طلبا خلال الأشهر القليلة الماضية.
ويسهم الإنتاج العضوي في تحسين خصوبة التربة على المدى الطويل، وخفض التكلفة المالية بسبب التقليل من استخدام المدخلات الكيمائية، وزيادة احتفاظ التربة بمياه الري وبالتالي ترشيد استهلاكه في الزراعة والمحافظة على التنوع الأحيائي من خلال المحافظة على صحة الحيوان.
ويقبل المستهلكون على منتجات الزراعة العضوية لأنها تنتج أغذية خالية من متبقيات المبيدات والأسمدة الكيمائية أو تلك المعدلة وراثيا فهي منتجات ذات موثوقية عالية في الجودة وتسهم في التقليل من المخاطر الصحية، وهي كذلك تقلل من تلوث التربة والماء ببقايا الكيمائيات وتعزز التنوع الأحيائي وتسهم في توفير الماء.
وبدأ الاهتمام الحكومي في المملكة بالتحول إلى الزراعة العضوية عام 2005 من خلال تكليف إحدى الشركات الدولية المتخصصة في قضايا التنمية لإجراء دراسات لدعم قطاع الزراعة العضوية وتطويرها في المملكة ثم تأسيس هياكل حكومية للتوسع في الإنتاج العضوي وتكوين خدمات داعمة لمزيد من النهوض فيما يخص تطوير هذا القطاع.