البنوك اليابانية تتأهب لأول زيادة في أسعار الفائدة منذ عقد

البنوك اليابانية تتأهب لأول زيادة في أسعار الفائدة منذ عقد

تزيد الهيئات التنظيمية في اليابان الضغط على البنوك الإقليمية لاستباق نوع الأخطار التي أطاحت ببنك وادي السيليكون، بينما يستعد البلد لأول زيادة في أسعار الفائدة منذ أكثر من عقد من الزمن.
حتى في الوقت الذي تحقق فيه أكبر البنوك اليابانية أرباحا قياسية وتتوقع مزيدا من المكاسب من الزيادات في أسعار الفائدة المحلية، فقد حذر البنك المركزي في البلد في تقرير الاستقرار المالي الأخير الخاص به من أن البنوك الإقليمية والتعاونيات المالية المتعثرة معرضة لأخطار أسعار الفائدة بعد تراكم القروض والأوراق المالية طويلة الأجل.
عادة ما يتم الترحيب بارتفاع أسعار الفائدة من قبل البنوك التجارية، التي يمكنها الاستفادة من هامش أوسع بين ما تتقاضاه مقابل الإقراض وما تدفعه للاقتراض. لكن الأخطار على الجانب الآخر تشمل ما يسمى بأخطار المدة، التي تقيس مدى تعرض السندات طويلة الأجل لتغيرات غير متوقعة في أسعار الفائدة، فمن الممكن أن تتبلور الأخطار إذا اضطرت البنوك إلى بيع الأصول طويلة الأجل التي تفقد قيمتها مع ارتفاع أسعار الفائدة.
تشعر الهيئات التنظيمية بالقلق المتزايد من أن الضغط على البنوك الإقليمية قد يتعمق في العام المقبل إذا أنهى بنك اليابان أخيرا سياسة سعر الفائدة السلبية التي يتبعها.
أخبر كازو أويدا محافظ بنك اليابان، في مؤتمر مجلس الإدارة العالمي، صحيفة فاينانشال تايمز هذا الشهر أن النظام المصرفي في البلد قوي بالقدر الكافي لتحمل بعض الزيادة في أسعار الفائدة قصيرة الأجل إذا بدأ تطبيع السياسة. لكنه أضاف: "إنها مسألة تعتمد في أهميتها على الظروف... لذا سيتعين علينا مراقبة الوضع بعناية".
بدءا من نهاية سبتمبر، أبلغت البنوك الإقليمية اليابانية البالغ عددها 97 بنكا عن خسائر غير محققة على السندات وصناديق الاستثمار بلغ مجموعها نحو 2.8 تريليون ين (19 مليار دولار)، بزيادة قدرها 70 في المائة عن نهاية يونيو، وفقا لحسابات صحيفة نيكاي. وقفز المبلغ بعد ارتفاع عوائد السندات الحكومية اليابانية لأجل عشرة أعوام عندما خفف بنك اليابان سياسات التحكم في منحنى العائد في يوليو.
وقال تويوكي ساميشيما، المحلل في شركة إس بي آي سكيوريتيز: "في سيناريو أسوأ الحالات، يمكن للبنوك أن تتمسك بهذه الخسائر غير المحققة على أمل تقليلها في المستقبل. لكن هذا يعني أنها لن تتمكن من القيام باستثمارات جديدة لشراء سندات ذات عائد أعلى عندما ترتفع أسعار الفائدة، لذلك هناك خطر من حصول ركود".
كان رد فعل وكالة الخدمات المالية اليابانية على إخفاقات بنك وادي السيليكون وغيره من البنوك الأمريكية في مارس الماضي، هو التدقيق في المقرضين الإقليميين الأصغر حجما، خاصة أولئك الذين قد يتعرضون لأخطار مشابهة. لقد أفلس بنك وادي السيليكون بسبب محفظة ضخمة من السندات الحكومية -لم تكن بها أخطار ائتمانية، بل أخطار أسعار الفائدة الضخمة غير المتحوط لها- وقاعدته من المودعين غير المؤمن عليهم الذين هرعوا بسرعة للخروج.
خلافا لبنك وادي السيليكون، فإن البنوك اليابانية تعد موطنا لودائع التجزئة الصغيرة التي من الصعب سحبها، حيث تصل قيمة التأمين على معظمها إلى عشرة ملايين ين. ومع ذلك، بينما تبدو الأخطار النظامية لهروب الودائع منخفضة، يبحث المحللون عن القيم الشاذة.
قال كين تاكاميا، المحلل المصرفي في بنك نومورا: "تمكن أحد البنوك اليابانية الكبرى من زيادة ودائعه بأكثر من 40 في المائة في نحو ستة أشهر عبر حملة وعدت بأسعار فائدة مرتفعة".
وأضاف: "بما أن هذا يعني أن هناك مودعين على استعداد لنقل ودائعهم لكسب أسعار فائدة أعلى، فإن هيئة الخدمات المالية لا تستبعد إمكانية التدفق في الاتجاه المعاكس إذا انتشرت المخاوف بشأن الائتمان".
وبينما تقوم الهيئات التنظيمية بفحص الميزانيات العمومية للبنوك الإقليمية، ارتفعت أسهم مجموعة ميتسوبيشي يو إف جيه المالية، ومجموعة ميزوهو المالية، ومجموعة سوميتومو ميتسوي المالية بنحو 40 في المائة هذا العام على خلفية الآمال في رفع أسعار الفائدة. أما البنوك الثلاثة الكبرى في البلد فأقل تعرضا، لأن لديها نموذج أعمال أكثر تنوعا وتحولت إلى الأصول قصيرة الأجل.
إذا أنهى بنك اليابان سياسة أسعار الفائدة السلبية فعلا بحلول الربيع المقبل، كما هو متوقع على نطاق واسع، فإنه يقدر أن كل زيادة بنسبة نقطة مئوية في أسعار الفائدة المحلية ستعطي زيادة في الأرباح بنحو ثلاثة تريليونات ين للمقرضين المحليين.
كما تعرض البنك المركزي لضغوط متزايدة لإلغاء إجراءات التيسير النقدي التي اتخذها منذ عشرة أعوام في مواجهة ارتفاع التضخم وضعف الين. وقد يكون لخروجها تداعيات كبيرة على أسواق السندات الدولية، حيث تمتلك المؤسسات المالية اليابانية تريليونات الدولارات من الديون الخارجية ومن المرجح أن تستثمر مزيدا في الداخل عندما تبدأ أسعار الفائدة في الارتفاع.
وفي أكتوبر، قرر بنك اليابان السماح للعوائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل عشرة أعوام بالارتفاع فوق 1 في المائة، وهي خطوة نحو إنهاء سياسته التي دامت سبعة أعوام التي حددت سقفا لأسعار الفائدة طويلة الأجل.
تظل هيئة الخدمات المالية متفائلة بشأن الأخطار الإجمالية في النظام المصرفي الياباني، لكنها تشعر بالقلق إزاء نقص الخبرة لدى المصرفيين في إدارة دورة التشديد.
هناك أيضا المجهول الجديد المتمثل في نمو الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، التي سهلت على المودعين تحويل أموالهم على الفور كما كانت الحال في حالات فشل البنوك الأمريكية.
قال أحد مسؤولي هيئة الخدمات المالية: "لقد مر وقت طويل للغاية منذ أن ارتفعت أسعار الفائدة في اليابان. الأمور مختلفة تماما عن المرة الأخيرة عندما كان هناك ارتفاع كبير في أسعار الفائدة نظرا لعدم وجود خدمات مصرفية عبر الإنترنت بالفعل... لا نعرف ماذا سيحدث هذه المرة، ونجهز أنفسنا لظروف غير متوقعة".
لكن مسؤولي هيئة الخدمات المالية أكدوا أن أخطار سحب الودائع في المؤسسات المالية اليابانية لا تزال منخفضة، ويقول المحللون: إن الزيادة في صافي دخل الفائدة من ارتفاع أسعارها ستفوق الخسائر الدفترية قصيرة الأجل التي تكبدتها البنوك.
هناك خطر آخر يواجه البنوك وهو أن رفع أسعار الفائدة قد يؤدي إلى مزيد من حالات الإفلاس بين الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، خاصة بين ما يسمى بشركات الزومبي التي يزيد عمرها عن عشرة أعوام، التي ظلت مستمرة، مدعومة بأسعار الفائدة المنخفضة للغاية، رغم الخسائر المستمرة. ووفقا لمزود البيانات تيكوكو داتابنك، كان هناك 188 ألفا من شركات الزومبي في مارس عام 2022.
وقال ساميشيما: إن من المرجح أن تتخذ البنوك موقفا حذرا في وقف الإقراض في أعقاب الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية عام 2008، عندما سمحت لكثير من المجموعات الصغيرة بالإفلاس بسرعة كبيرة جدا وأحدثت ثغرات في ميزانياتها العمومية.
وقال ساميشيما: "سيرتفع عدد حالات الإفلاس، لكن طبيعة حالات الإفلاس ستكون مختلفة عن تلك التي رأيناها بعد أزمة بنك ليمان. ستحاول البنوك التفكير في استراتيجية عمل وتقديم الدعم القوي للبنوك التي تبدو قادرة على البقاء".

الأكثر قراءة