ضغوط ومنافسة شرسة على الأطباء .. قوائم انتظار غير مسبوقة تزدهر بأعمال التأمين الطبي الخاص

ضغوط ومنافسة شرسة على الأطباء .. قوائم انتظار غير مسبوقة تزدهر بأعمال التأمين الطبي الخاص

يشهد التأمين الطبي الخاص ازدهارا حيث أدت قوائم الانتظار غير المسبوقة للعلاج في هيئة الخدمات الصحية الوطنية المتوترة في المملكة المتحدة وأزمة الرعاية الأولية إلى ارتفاع الطلب إلى أعلى مستوياته منذ أعوام. لكن الزيادة في الطلب تراكم المشكلات على شركات التأمين الصحي - وعلى العملاء الذين يعتمدون عليها.
يواجه المرضى الذين يتجهون إلى القطاع الخاص شركات تأمين لديها خدمة عملاء تواجه ضغوطا وفي منافسة شرسة على الأطباء، الذين يقاوم بعضهم ما يقولون إنها أعوام من رسوم العمليات شبه الراكدة.
إن الافتقار لتغطية الحالات المزمنة والتغييرات المتكررة في شروط السياسة يجعل التأمين الصحي الخاص غير مناسب للتعويض عن بطء هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وفقا للمتخصصين.
وقال أحد الأطباء، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "هناك تصور عام لدى عامة الناس والحكومة بأن التأمين الطبي الخاص يساعد هيئة الخدمات الصحية الوطنية". لكن التأمين الصحي "لا يفعل ما تفعله هيئة الخدمات الصحية الوطنية... إنه نموذج مقيد للغاية".
وفي الوقت نفسه، يشعر المدافعون عن حقوق المستهلك بالقلق إزاء قدرة الصناعة على التعامل مع مئات الآلاف من العملاء الجدد، وعيوب السياسات في ظل عدد كبير من القيود والاستثناءات.
وقال جيمس دالي، المدير الإداري للمجموعة المناصرة فيرير فايناناس، إنها فرصة كبيرة للقطاع، لكنها أيضا فترة خطيرة.
تبلور قطاع التأمين الطبي الخاص في أربعينيات القرن الماضي كملحق لهيئة الخدمات الصحية الوطنية المنشأة حديثا. حيث يدفع العملاء، أو أصحاب العمل، علاوة لتغطية الحالات الطبية الحادة الجديدة - مع وعد بعلاج أسرع وأكثر ملاءمة. يتم أيضا إرسال الحالات الأكثر صعوبة أو تحويلها إلى هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
يتم تنفيذ العمل من قبل مستشاري هيئة الخدمات الصحية الوطنية في أوقات فراغهم في المستشفيات الخاصة مثل سباير أو سيركل هيلث/بي إم أي للرعاية الصحية. وتستخدم أكبر شركات التأمين، من ضمنها بوبا وأكسا، قوتها الشرائية لتأمين سعر جيد لعملائها من الأطباء والمستشفيات الخاصة. وتشمل بوالص التأمين الخاصة بهم أيضا خدمات الوقاية والكشف المبكر، بهدف تقليل المطالبات.
يغطي هذا التأمين نحو 5.8 مليون شخص في المملكة المتحدة - وهو أعلى رقم منذ 2008 - وفقا لبيانات من رابطة شركات التأمين البريطانية. تتم تغطية رقم قياسي يبلغ 4.4 مليون شخص عبر أرباب عملهم، وليس عبر بوليصة التأمين الفردية.
بالنسبة إلى أكبر مقدمي الخدمات، هناك قبول لضرورة زيادة الأسعار، نتيجة لارتفاع الفواتير الطبية وأسعار الأطباء، لكن أيضا بسبب الإنفاق لتعزيز البنية التحتية للعملاء.
قال فريديريك دو كورتوا، نائب الرئيس التنفيذي لشركة أكسا الفرنسية: "ليس هناك شك في أن الأسعار سترتفع، لأنه يتعين علينا الحفاظ على هوامش أرباحنا".
قد يشكل ارتفاع الأسعار تحديا طويل المدى للقطاع. ففي مذكرة صدرت في يوليو، أشار محللون في بنك جيفريز إلى أن التأمين الطبي الخاص باهظ الثمن بالفعل بنحو 1.500 جنيه استرليني سنويا للشخص الواحد، وترتفع الأسعار عادة بنسبة 15 إلى 20 في المائة سنويا.
لكن القلق الأكثر إلحاحا بالنسبة إلى شركات التأمين هو التكاليف. لطالما غضب الأطباء من قدرة شركات التأمين على فرض الأسعار. فقد أقر تقرير صدر 2014 عن هيئة تنظيم المنافسة بأن أكبر شركات التأمين لديها "قوة شرائية كبيرة"، لكنه أظهر أنه لم يجد "أدلة كافية على أنها تمارس حاليا بطريقة تضر بالمنافسة عن طريق خفض الرسوم إلى مستويات غير اقتصادية".
ظهرت التوترات إلى العلن الشهر الماضي، عندما قدم العشرات من أطباء التخدير إشعارا بشأن العقود مع شركة بوبا، أكبر شركة تأمين في سوق الصحة الخاصة في المملكة المتحدة.
قال الأطباء الذين تحدثوا إلى صحيفة فاينانشال تايمز إن رسوم شركة بوبا لم تتحسن بشكل ملحوظ منذ التسعينيات، كما أنها تخلفت كثيرا عن معدل التضخم. وأشار أحدهم إلى الرسوم التي ستدفعها شركة بوبا لطبيب التخدير الذي يعمل على جراحة استبدال المفاصل عام 1994، بمبلغ 320 جنيها استرلينيا. وقال الطبيب إنه في بداية هذا العام، لم تكلف العملية نفسها سوى خمسة جنيهات استرلينية إضافية.
رفضت شركة بوبا التعليق. وقال شخص مطلع على موقفها إنه من غير الصحيح القول إنها لم ترفع الرسوم منذ التسعينيات، وأن هذا المثال مضلل بمعزل عن غيره. وقال الشخص إن بعض الرسوم انخفضت على مر الأعوام حيث أصبحت الإجراءات أسهل أو أسرع، بينما ارتفعت رسوم أخرى. فقد رفعت رسوم أطباء التخدير بنسبة 15 في المائة في بداية الشهر بعد ضغوط من الأطباء.
وليس من الواضح ما إذا كان رفع الأسعار سيكون كافيا. فقد أخبر أحد الاستشاريين صحيفة فاينانشال تايمز أنه لن يعمل بعد الآن لدى شركة بوبا، وبدلا من ذلك سيرسل الفاتورة إلى المريض مباشرة، تاركا لشركة التأمين دفع النسبة التي تراها مناسبة والعميل لتعويض النقص.
كما تساءل عما إذا كان من المنطقي أن يتم دفع الرسوم نفسها مقابل عملية فتق بغض النظر عما إذا كان المريض رجلا لائقا يبلغ من العمر 21 عاما ولا يعاني أي مشكلات طبية، أو مدخنا يبلغ من العمر 90 عاما وقد تعرض لنوبتين قلبيتين سابقتين. قال المستشار: "هذا بالطبع أمر مثير للسخرية بشكل صارخ. أفضل عدم تولي أمر المريض الثاني لأن المخاطر والضغوط لا تستحق الأتعاب".
ويصف الخبراء انتقالا في السلطة في هذا القطاع، حيث حصلت المستشفيات الخاصة على نسبة متزايدة من الإيرادات من هيئة الخدمات الصحية الوطنية ومن المرضى الذين يدفعون تكاليفهم على مدى العقدين الماضيين. وهذا يجعل الأطباء أقل اعتمادا على شركات التأمين - وأكثر استعدادا للانسحاب إذا شعروا أن الأسعار ليست مرتفعة بما فيه الكفاية.
وقال تيم ريد، وهو باحث في شركة لينغ بويسون الاستشارية: "لقد تراجع التأمين الطبي الخاص ببطء كنسبة مئوية من دخل المستشفى المستقل لأعوام عديدة... وبالتالي فقد بعضا من قدرته على المساومة على الأطباء".
رغم النفقات، من المتوقع أن يستمر الطلب على التأمين الصحي الخاص في النمو، ما يجعل الحاجة إلى الاحتفاظ بالأطباء والاستثمار في الخدمات أكثر إلحاحا بالنسبة إلى شركات التأمين.
ففي استطلاع للرأي أجري أخيرا، قال واحد من كل خمسة من مديري الشركات إنهم يفكرون في إضافة التأمين الطبي الخاص في العام المقبل. وقال لصحيفة فاينانشال تايمز رئيس إحدى الشركات في المملكة المتحدة التي يعمل لديها أكثر من 15 ألف موظف إن شركته منحت جميع موظفيها تغطية طبية خاصة، استجابة للضغوط على الرعاية الصحية الحكومية.
لكن، وفقا لدالي من شركة فيرير فايناناس، في ظل اعتماد القطاعين الخاص والعام على المجموعة نفسها من الطاقم الطبي: "إما أن التأمين الطبي الخاص سيأخذ الناس من هيئة الخدمات الصحية الوطنية ويزيد الأمور سوءا هناك، وإما ستكافح شركات التأمين للحفاظ على مستويات الخدمة التي يتوقعها الناس من البوليصة الخاصة".

الأكثر قراءة