الاقتصاد السياسي والتنمية المستدامة «2 من 2»

إن السياسيين يقومون ببناء الدعم والتأييد لما يريدون القيام به من خلال اختيار معاركهم وكلماتهم عن قصد لتغيير الأفكار. ويمكن لواضعي السياسات أيضا سد الفجوة بين ما هو ممكن وما هو مطلوب من خلال النهوض عن علم بالسياسات التي ستلقى قبولا حسنا من جانب معظم الناس، إن لم يكن الجميع. وهذا بدوره ييسر اتخاذ مزيد من الإجراءات. ووفقا للقول المأثور، فإن "السياسة العامة الجديدة تصنع أجواء سياسية جديدة".
ثانيا، التفكير الجيد فيما يحفز الناس حقا، فاستعداد الناس لتبني سياسات مناخية لا يأتي فقط من الخوف من حدة الآثار المترتبة على تغير المناخ أو ما إذا كانت لهم استفادة شخصية. بل إن هناك حالات لا يزال فيها المستفيدون المباشرون من سياسات مناخية معينة يعارضونها، لأنهم يعدونها غير عادلة أو غير قانونية. وفي بعض الأحيان، لا يكون المحرك الرئيس لآراء الأشخاص حول العمل المناخي هو ميزانياتهم، بل معتقداتهم. نعم، يحتاج واضعو السياسات إلى البيانات الدقيقة والمؤكدة لتقييم أين تذهب التكاليف والمنافع بوضوح، لكن من الضروري أيضا الاعتراف بأن هذا لا يمثل سوى نصف المعادلة.
ثالثا، تبني البراجماتية، فالأقوال دائما أسهل من الأفعال. ومع تزايد قتامة الشق المتعلق بالعلم وازدياد إلحاح الجدول الزمني، من المغري أن نصبح أكثر صلابة فيما يعد استجابة كافية على صعيد السياسات. فعلينا أن نحارب هذه الرغبة، حيث إنها ستغلق أبواب العمل فقط. وبدلا من ذلك، لنكن أكثر مرونة بشأن كيفية تحقيق الأهداف المناخية على أساس الفهم المستنير بأن القيام بذلك سيفتح أبوابا أكثر مما يغلق.
في الواقع العملي، يتطلب ذلك من واضعي السياسات التفكير بشكل أكبر في معارضي السياسات، سواء في الجوهر الكامن وراء معارضتهم أو السلطة التي يتمتعون بها لإبطاء العمل أو إحباطه. وعلينا معرفة ما ومن يقف وراءهم، دون فرضيات جاهزة، مع إفساح المجال للاستماع لآرائهم.
أصبحت الحاجة إلى خفض الانبعاثات أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، ولا يتعلق النهج المقترح في هذا التقرير بإبطاء التغيير، بل العكس هو الصحيح. وعن طريق البدء بما يمكن تحقيقه، يمكن لواضعي السياسات إيجاد الزخم والمساعدة على تحفيز التكنولوجيات الجديدة، والاقتصادات الجديدة، والسياسات الجديدة، ما يجعل من تسارع التغيير أمرا ممكنا.
إن التغلب على حواجز الاقتصاد السياسي أمر صعب، ومن الأسهل تصديق أنه إذا استوعب الناس علم تغير المناخ فقط، فسيدعمون جهود الحد من الانبعاثات، أو أنه إذا استفاد شخص ما من سياسة مناخية، فسيقوم بدعمها. وقد يكون هذا الأمر صحيحا إلى حد ما، لكنه لن يكون كافيا على الإطلاق. وبمعرفة ما تم إنجازه، والحاجة الملحة إلى تنفيذ العمل المتبقي، يحتاج واضعو السياسات إلى تفضيل العمل المناخي الديناميكي، الذي يسمح بمفارقات الطبيعة البشرية، وأن يكون قبل كل شيء عمليا. ويتوقف نجاح العمل المناخي خلال العقد المقبل وما بعده على استغلال واضعي السياسات ما يتمتعون به من قدرة على تشكيل ليس فقط الثروات الاقتصادية والتكنولوجية، بل أيضا الاقتصاد السياسي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي