الركود استمر عقدين .. من ينتشل سويندون من انحدار الاستثمار؟

الركود استمر عقدين .. من ينتشل سويندون من انحدار الاستثمار؟

كانت حظيرة أولد كاريج وركس (جزء من مبنى للسكك الحديدية) في سويندون تنتج عربات السكك الحديدية الغربية الكبرى التابعة لشركة إيسامبارد كينجدوم برونيل، التي أطلق عليها اسم "جودز وندرفول ريلوي" بعد افتتاحها 1843.
وبعد مرور 180 عاما، أصبحت هذه الحظائر الواسعة تضم أماكن للمبتكرين والشركات الناشئة التي تسعى جاهدة لانتشال المدينة من ركود الاستثمار المستمر منذ عقدين من الزمن وإلى المنطقة الصناعية الجديدة المتطورة التي تمتد من أكسفورد إلى كامبريدج.
لكن نقص الأراضي، وعرقلة التخطيط، وعدم اليقين التنظيمي، والحواجز التجارية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وعقد من التخفيضات في ميزانية الحكومة المحلية، كلها اجتمعت لتجعل من الصعب إقناع الشركات الأجنبية بالاستثمار في المدينة.
هذه قصة ليست فريدة من نوعها في سويندون، موطن 220 ألف شخص والتي تقع في وسط مثلث من المراكز الجامعية هي أكسفورد، وبريستول وريدينج، على بعد 80 ميلا غرب لندن.
تعد سويندون اليوم، التي كانت المدينة الأسرع نموا في أوروبا في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، بمنزلة تذكير بمخاطر السماح للظروف الوطنية للاستثمار بالتدهور بمرور الوقت - وهو الوضع الذي تم تناوله في تقرير أعده عضو حزب المحافظين اللورد ريتشارد هارينجتون الذي سيتم نشره عشية بيان الخريف الأسبوع المقبل.
إحدى المنظمات التي تعمل في حظيرة أولد كاريج وركس في سويندون، التي تأمل في عكس الاتجاه وإحياء روح برونيل، هي مركز الابتكار للتكنولوجيات التطبيقية المستدامة (آيكاست)، وهو مركز لتسويق الأبحاث من جامعتي باث وأكسفورد.
وقال ماثيو ديفيدسون، المدير التنفيذي لمركز آيكاست: "نريد إعادة الابتكار إلى كاريج وركس، حيث كانت الأشجار وكتل الحديد تأتي من أحد الأطراف وتغادر عند الطرف الآخر كعربات سكك حديدية جميلة".
وأضاف: "إنها "فلسفة الطموح" التي نحتاج إلى تبنيها مرة أخرى".
ولتحقيق النجاح، سيتعين على سويندون وقف الانحدار الذي بدأ في التسعينيات بعد طفرة الاستثمار في فترة ما بعد الحرب والتي كانت مدفوعة بالاستثمار الأجنبي المباشر.
قام نجاح المدينة على الاستثمار من بعض كبرى الشركات في العالم، من بينها إنتل، وموتورولا وبورما-كاسترول، وفقا لمارتن بودي، أستاذ الدراسات الحضرية والإقليمية في جامعة غرب إنجلترا بريستول، والمؤلف المشارك لكتاب صدر 1997 يدور حول صعود سويندون وتراجعها.
لقد جذبتهم أراضي سويندون منخفضة التكلفة وقربها من لندن عبر سكة حديد برونيل والطريق السريع إم 4. لكن منذ التسعينيات، تباطأ الاستثمار الأجنبي، حيث توظف الشركات غير البريطانية الآن نحو عشرة آلاف شخص، بانخفاض 38 في المائة عن منتصف التسعينيات، وفقا لتقديرات بودي.
وقال: "سويندون لديها إمكانات كبيرة لكن لدينا أيضا تحديات كبيرة".
قبل عامين، عانت البلدة ضربة قوية عندما أغلقت شركة هوندا اليابانية لصناعة السيارات، التي كانت تصنع الطرازات الأكثر مبيعا في موقع على مشارف البلدة منذ 1985، المصنع، ما أدى إلى خسارة 3.500 عامل وظائفهم ذات الأجر الجيد.
لم تتحقق خطط تحويل الموقع إلى مركز تصنيع عالي التكنولوجيا قط، وتم شراؤه من قبل شركة باناتوني المملوكة للولايات المتحدة، وهي واحدة من أكبر مطوري العقارات اللوجستية في أوروبا، وهو نشاط يتطلب مهارة أقل، وأجوره أقل.
وقد تركت هذه التجربة أمثال جيم روبنز، زعيم مجلس حزب العمال، بفهم واقعي حول المعركة الشاقة التي تواجهها المدينة. تحول مجلس سويندون بورو إلى حزب العمال في مايو الماضي للمرة الأولى منذ 20 عاما.
وقال: "نود استخدام هذه المهارات الهندسية بطريقة أخرى، لكن كلما طال أمدها، أصبحت أكثر صعوبة" مع تبدد قاعدة المهارات.
يعد نقص الأراضي، مقارنة بالسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، من بين أشد المشكلات استعصاء التي يواجهها المستثمرون الذين يتطلعون إلى التصنيع، وفقا لوكلاء الأراضي المحليين وغرفة التجارة الإقليمية، بيزنس ويست.
أحد هؤلاء الوكلاء، روب جيليسبي، عاش طفرة الثمانينيات وهو الآن المدير الإداري لشركة إيمباكت بلانينغ سيرفيسز الاستشارية. وقال إن النزعة المحلية المتزايدة وجيل من السياسيين المحليين معظمهم من المحافظين أدى إلى خنق معروض الأراضي تدريجيا.
وقال: "لقد كانوا غير راغبين في إثارة الضجة بتصويتهم الأساسي عندما يتعلق الأمر بقرارات التخطيط. إن الافتقار إلى الرؤية للتغلب على هذه المشكلات من جانب السلطات المحلية يعني أن سويندون تعاني الركود".
وحتى عندما تصبح الأرض متاحة، فإنها تستخدم لأنشطة مثل الخدمات اللوجستية، كما هي الحالة في موقع هوندا.
وقال مات جريفيث، مدير السياسات في بيزنس ويست، إنه بعد مغادرة شركة هوندا، كانت هناك استفسارات حول الاستثمار من القطاعات الدولية والمحلية ذات القيمة العالية، لكن - مع قيام باناتوني الآن بتحديد مصير الموقع - لم يكن لدى المدينة أرض توفي بمتطلباتها.
وقال: "لو تم تزويد سويندون بموارد أفضل في إطار استراتيجية اقتصادية بريطانية متماسكة لمناطق النمو، لما أضعنا تلك الفرص والوظائف".
ويعمل المجلس الآن على تحديد الأراضي المحتملة للتطوير. وقال روبنز: "إنها الأيام الأولى، لكننا نريد التأكد من أنه في حالة قيام شخص ما بالرد على الهاتف، فإن العرض جاهز لدينا".
إن التماس هذه المكالمة الهاتفية من المستثمرين الكبار الذين تتوافر لديهم قائمة عالمية من الخيارات هو التحدي التالي. وبعد عقد من التخفيضات في ميزانية الحكومات المحلية، أصبحت سويندون، مثل المجالس في بريطانيا، لديها قدرة أقل بكثير على جذب الأعمال.
بينما كان هناك في السابق فريق من مسؤولي المشاريع والمخططين، أصبح لدى المجلس الآن مدير واحد فقط لتطوير الأعمال، وبينما يتطلع روبنز إلى تعيين مدير آخر، فإنه لا يزال يتعين إجراء تخفيضات في الميزانية بقيمة 25 مليون جنيه استرليني لتحقيق التوازن في دفاتر العام المقبل.
لذلك يجب أن تأتي المساعدة على المستوى الإقليمي والوطني، وفقا لروبرت باكلاند، النائب المحافظ المحلي والوزير السابق، الذي استخدم علاقاته في وقت سابق من هذا العام لإحضار السفير النرويجي لدى المملكة المتحدة إلى سويندون في محاولة لإطلاعه على إمكانات المدينة بالنسبة إلى صندوق الثروة السيادية في البلد.
وقال: "لم تعد هناك قدرة للبلدات الصغيرة والحكومات المحلية على تحقيق التنمية الاقتصادية. وجهة نظري هي أننا بحاجة إلى هيئة إقليمية فرعية فاعلة، مع سويندون والسلطات المحلية الأخرى، لجذب الاستثمار على امتداد طريق إم 4 السريع".
حتى مع تحسن الجهود لتسويق سويندون، قال روبنز إنه لا يمكنه الهروب من حقيقة أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جعل من الصعب جذب الاستثمار لأن المملكة المتحدة لم تعد نقطة انطلاق واضحة للشركات التي تتطلع للتصدير إلى الاتحاد الأوروبي.
وقال: "عندما كنا في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي كان بإمكانك الذهاب إلى شركة أمريكية والقول، "لدينا إمكانية الوصول إلى أوروبا، ونحن قريبون من مطار هيثرو" - لكن من الواضح أنه اقتراح أكثر صعوبة الآن، لكن لا يزال يتعين علينا تسويق هذه الأماكن ونقول إننا نتمتع بالقيمة مقابل المال".
إن بلورة مقترحات المستثمرين أمر أساس، ليس فقط بالنسبة إلى سويندون، لكن بالنسبة إلى المملكة المتحدة بأكملها، وفقا لأنجوس هورنر، الذي أسس ووسع نطاق حرم هارويل للعلوم والابتكار جنوب أكسفورد عام 2013 وهو عضو في لجنة سويندون فيوتشرز، وهي هيئة مستقلة تحاول إعادة إحياء المدينة.
بعد الاضطرابات السياسية والتنظيمية التي شهدتها أعوام خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يعتقد هورنر أن المملكة المتحدة يجب أن تصبح أكثر طموحا وإقداما فيما يتعلق بالترويج لنفسها من أجل جذب الاستثمار.

تحدي الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة المتحدة

تواجه بريطانيا صعوبات في جذب الاستثمارات الخارجية اللازمة لتعزيز النمو الاقتصادي. وفي سلسلة من المقالات، تبحث صحيفة "فاينانشال تايمز" الأسباب الكامنة وراء هذا التراجع وما يمكن فعله لعكس اتجاهه.
حث وزير المالية البريطاني على إنشاء "خدمة الاستقبال والإرشاد" لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر
لماذا تجد المملكة المتحدة صعوبة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر؟
في حالة سويندون، فإن هذا يعني تحسين البنية التحتية حول تقاطعات الطرق السريعة مع الاستفادة أيضا من تراثها كمركز للابتكار الصناعي من أجل تسويق نفسها للعالم.
وأضاف هورنر أن التصنيع المتقدم هو "الشريك المحوري" للبحث والتطوير القائمين على العلم، وبينما لن يتم إصلاح مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الفور، يمكن للمملكة المتحدة أيضا تقليل المعوقات الأخرى مثل توافر رأس المال، وتأخير التخطيط، وتوفير المهارات، والروتين بشأن التأشيرات.
وأضاف: "في الأساس، يعد عرض المملكة المتحدة للعالم غير واضح ومتدهور بشكل واضح بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ما تريد المملكة المتحدة أن "تفوز به" ليس واضحا إلى هذا الحد - سواء بالنسبة إلى الإنسان العادي والمستثمر الدولي- وعلينا أن نعمل على إصلاح ذلك بشكل عاجل".

الأكثر قراءة