FINANCIAL TIMES

«علي بابا» تعكس مسارها وترمم إمبراطوريتها

«علي بابا» تعكس مسارها وترمم إمبراطوريتها

بعد أشهر من الإعلان عن إعادة هيكلة جذرية، تعكس مجموعة التكنولوجيا الصينية "علي بابا" مسارها وتخوض رهانا آخر، حيث تراهن على أن الذكاء الاصطناعي سيعزز النمو، رغم أن وصولها إلى معالجات الذكاء الاصطناعي الأساسية مهدد من الضوابط التي فرضتها واشنطن على الرقائق.
تخلى إيدي يونج مينج وو الرئيس التنفيذي الجديد يوم الخميس عن تحول رئيس في استراتيجية الشركة حدده سلفه دانييل تشانج في مارس، قائلا "إن المجموعة التي تقودها التجارة الإلكترونية لن تفكك إمبراطوريتها ولن تفصل أعمالها السحابية".
وأخبر وو المحللين في أول إعلان أرباح له، بأنه في عصر الذكاء الاصطناعي، "سينمو الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات نموا كبيرا وسيتوسع الطلب على الحوسبة السحابية توسعا هائلا".
"سيكون التقارب العميق بين الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية بمنزلة قوة دافعة مهمة لتطورنا المستقبلي"، حسبما أضاف.
لكن المستثمرين ركزوا على المخاطر الكامنة في هذا التغيير، إذ تخلصوا من أسهم "علي بابا" في نيويورك، حيث انخفضت القيمة السوقية للشركة نحو 20 مليار دولار، وتراجع سعر سهمها 9 في المائة.
قال دنكان كلارك، مؤسس شركة بي دي إيه الاستشارية في بكين "كانت شركة علي بابا رمزا للإجراءات الصارمة التي فرضتها الصين على شركات الإنترنت. إذا كانت تأمل أن تكون رمزا للتحول في الصين، فلن يحدث هذا".
إن تحرك وو لإلغاء التفرع السحابي، وما يزامنه من تأخر إدراج سلسلة متاجر السوبر ماركت فريشيبو، يعكسان الشق الرئيس لإعادة هيكلة المجموعة إلى ست وحدات عمل منفصلة تم الإعلان عنها في مارس في محاولة لمكافحة انخفاض سعر السهم.
كما أشارت القيادة الجديدة لـ"علي بابا" إلى فترة أخرى من الاستثمار لبناء البنية التحتية السحابية للذكاء الاصطناعي. تأتي هذه الاستراتيجية في مواجهة ضوابط الرقائق الأمريكية التي تم تشديدها في أكتوبر، التي حذرت المجموعة من أنها قد "تؤثر تأثيرا كبيرا وسلبيا" في قدرتها "على تقديم المنتجات والخدمات والأداء بموجب عقودها الحالية".
إن الاحتفاظ بالأعمال السحابية سيسمح لـ"علي بابا" بالتمسك بمخزونها الثمين من رقائق إنفيديا التي لم يعد من الممكن جلبها إلى البلد، ما يسمح لوو بأن يقرر كيفية توفير قوة الحوسبة الأساسية اللازمة للذكاء الاصطناعي وخدمات مركز البيانات الخاصة به.
وهناك أصلا أدلة تشير إلى اضطرارها إلى اتخاذ خيارات صعبة بشأن مواردها المحدودة. قال شخصان قريبان من الوحدة السحابية في "علي بابا"، "إن الشركة توقفت عن قبول معظم العملاء الجدد للخدمات السحابية التي تدعمها معالجات إنفيديا المتقدمة". وأضافا أن "ندرة رقائق إنفيديا تثير توترات داخلية، حيث تتنافس الأقسام المختلفة على القوة الحاسوبية".
وقال أحد الأشخاص "إنه بالنسبة إلى العملاء الحاليين، هناك خطط لزيادة أسعار إيجار وحدة معالجة الرسومات 30 إلى 50 في المائة".
بعد تعرضه لضغوط من محللي وول ستريت يوم الخميس حول كيفية تخطيط "علي بابا" لبناء أعمالها السحابية حول الذكاء الاصطناعي في ظل محدودية المعروض من المعالجات المتطورة، قال وو "إنها مشكلة أثرت في السوق الصينية بأكملها، والشركة أفضل من يستطيع حلها للعملاء"، كما يدعي.
وقال وو "إن ضوابط التصدير الأمريكية ستجعل المجموعات الصينية تعتمد على شرائح متعددة ومختلفة للحصول على قوة حوسبة الذكاء الاصطناعي".
"سيزيد هذا من أهمية الحوسبة السحابية القائمة على الذكاء الاصطناعي. في ظل وضع كهذا، يحتاج عملاؤنا بشكل أكبر إلى منصة حوسبة سحابية توفر حلا متكاملا عالي الكفاءة، ما يبسط عملية التطوير والاستخدام، ويحميهم من المشكلات الشائكة المحيطة برقائق الذكاء الاصطناعي"، كما أضاف.
من جانبه، قال تشارلي تشاي، محلل في شركة 86 ريسيرتش، "إن استمرار ربط الوحدة السحابية بأعمال التجارة الإلكترونية التي تدر قدرا كبيرا من النقد في (علي بابا) من شأنه أن يمنح الوحدة الوقت لبناء منصة حوسبة سحابية تعمل بالذكاء الاصطناعي باستخدام رقائق منتجة محليا.
لن يكون هناك أي ضغط من المستثمرين الخارجيين (...) رغم أن هذا التحول سيستغرق قدرا كبيرا من الوقت، ويتطلب استثمارات كبيرة ولن يحقق كثيرا من الإيرادات على المدى القريب".
كانت تحذيرات "علي بابا" بشأن تأثير القيود الأمريكية في أعمالها في مجال الحوسبة السحابية مشابهة لتلك التي أصدرتها منافستها شركة تينسنت في اليوم الذي سبقه. إذ صرح رئيسها مارتن لاو في إعلان للأرباح بأن أكبر شركة في الصين من حيث القيمة السوقية لديها ما يكفي من رقائق إنفيديا لمواصلة تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها "لجيلين آخرين على الأقل"، لكنها بحاجة إلى "اكتشاف طرق للاستفادة من رقائق الذكاء الاصطناعي التي ننتجها بشكل أكثر كفاءة".
إن خطوة وو في المراهنة على إمكانات النمو العالية للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، في مواجهة العقبات المتزايدة، تأتي في أعقاب فترة صعبة واجهتها وحدة الأعمال. فقد عانت نموا فاترا في الإيرادات وصعوبة في تسجيل كبار العملاء المملوكين للدولة، الذين يفضلون عمليات التثبيت السحابية الخاصة التي لديهم سيطرة أكبر عليها.
قال رئيس مجموعة تكنولوجيا صينية مدرجة في مؤشر ناسداك تستخدم خدمات من كل من "هواوي" و"علي بابا"، "إن المنافسة شرسة في الأعمال السحابية. ففرق المبيعات لديها تتنافس على السعر كل يوم".
أدت الرسائل المحيرة حول الوحدة ومكانتها في المجموعة الأوسع إلى تفاقم إرهاق المستثمرين من "علي بابا". لأعوام قبل الإعلان عن فصل الأعمال السحابية، كان الرئيس السابق تشانج يروج للسحابة باعتبارها عنصرا أساسيا في مستقبل "علي بابا"، لكنه كافح بعد ذلك لتحقيق ذلك.
كان من المقرر أن يبقى تشانج على رأس الوحدة السحابية، لكن في سبتمبر تم إجباره فجأة على الاستقالة عندما تولى وو المسؤولية بصفته رئيسا تنفيذيا، وفقا لشخصين مطلعين على الأمر. وقال أحد الأشخاص المقربين من تشانج، "كان هناك صراع على السلطة".
قال روبن تشو، محلل في شركة بيرنشتاين، "إن الرسائل غير المترابطة حول رحيل تشانج أربكت المستثمرين. إنها تزيد من تصور المستثمرين للفوضى الداخلية في علي بابا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES