يحاول العاملون في مجال الصيدلة في الولايات المتحدة تشكيل أول نقابة عمالية لهم، ويشكون من أنهم يتعرضون لضغوط لا داعي لها لزيادة المبيعات من سلاسل الصيدليات التي تعاني انخفاض الطلب على اللقاحات بعد جائحة كوفيد - 19.
فقد نظم العاملون في مجال الصيدلة في الأسابيع الماضية مسيرة مدتها ثلاثة أيام – أطلقوا عليها اسم "فارماجيدون" (نهاية الصيدلة) – وأعلنوا الآن شراكة مع أي أيه إم هيلث كير، وهي نقابة لمتخصصي الرعاية الصحية.
قالت لاني دونج، صيدلانية في عيادة مقرها في كاليفورنيا، من المتوقع أن تكون عضوا في اللجنة التوجيهية للنقابة الجديدة، إن الصيادلة هم خط الدفاع الأخير في صحة المرضى، لكن يتم تصنيفهم بشكل متزايد عبر مقاييس مبيعات الشركات.
قالت: "نعامل كأننا عمال في مطعم ماكدونالدز".
وفي غضون ساعات من الإطلاق، انهار موقعها على الإنترنت، حيث قام أكثر من 30 ألف صيدلاني وفني بالتسجيل للإعلان عن رغبتهم في الانضمام إلى النقابة، حسبما قال شين جيرومينسكي، وهو صيدلي مستقل وأحد قادة حملة تشكيل النقابة.
وقال جيرومينسكي: "لا يتعلق الأمر بنقص في الصيادلة، بل هو نقص في الصيادلة والفنيين الراغبين في العمل في بيئة تتعرض فيها لخطر حدوث خطأ طبي".
وقال: إن نقابة الصيادلة المقترحة ستطالب بإجراء تغيير تشريعي وتنظيمي لحماية المرضى. لكن الشراكة مع نقابة أي أيه إم هيلث كير هي خطوة أولى في العملية الصعبة التي تستغرق أعواما لتشكيل نقابة في الولايات المتحدة. وكافح منظمو النقابات في شركات، مثل: ستاربكس وأمازون حتى الآن لتأمين عقود جديدة.
وقالت كل من شركتي سي في إس ووولجرينز: إن سلامة المرضى هي أولويتهما القصوى، مضيفتين أنهما ملتزمتان بالعمل مع الصيادلة لمعالجة مخاوفهم.
وقالت شركة وجرينز: "لا نطلب من الصيادلة لدينا أبدا العمل بما يتجاوز ما يعتقدون أنه آمن".
وقالت شركتا سي في إس ووولجرينز: إن المسيرة التي حدثت الأسبوع الماضي لم يكن لها تأثير يذكر في متاجرهما.
تأتي الاضطرابات العمالية في الوقت الذي تعاني فيه سلاسل الصيدليات مجموعة من المشكلات منها انخفاض الطلب على اللقاحات. هذا وقدمت شركة رايت أيد طلبا للإفلاس الشهر الماضي، بينما أعلنت كل من شركتي سي في إس ووالجرينز عن إغلاق عدد من المتاجر لخفض التكاليف.
ستغلق شركة سي في إس 900 متجر بحلول عام 2024. وأعلنت شركة والجرينز بوتس ألاينس خطة لخفض التكاليف بقيمة مليار دولار الشهر الماضي مع تدخل رئيس تنفيذي جديد بعد رحيل الرئيسة السابقة روزاليند بروور.
وقد خفضت شركة والجرينز توقعات أرباحها للعام بأكمله في أحدث نتائجها، مشيرة إلى "انخفاض كبير" في حجم لقاحات واختبارات فيروس كورونا. وبشكل مشابه، انخفضت أرباح الربع الثالث لشركة سي في إس بسبب "تراجع كوفيد".
كما تواجه سلاسل الصيدليات منافسة متزايدة من شركة أمازون وخسائر متزايدة بسبب السرقة، وبعضها ناجم عن السرقات من المتاجر التي تنظمها عصابات الجريمة المنظمة. ارتفعت الخسائر الناجمة عن السرقة بنسبة 20 في المائة لتصل إلى 112 مليار دولار العام الماضي، وفقا للاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة.
لقد انخفضت أسهم شركة سي في إس بمقدار الثلث وانخفضت أسهم شركة وولجرينز بأكثر من النصف منذ بداية عام 2022. واستجابة لذلك، حولت متاجر الأدوية تركيزها إلى المنتجات ذات هامش الربح الأعلى مثل اللقاحات، التي قالت دونج: إنها تدار من قبل عدد أقل من الموظفين يتم تصنيفهم على أساس السرعة، والحصص وزيادة المبيعات.
تكافئ شركة سي في إس الموظفين بمكافأة قدرها 750 دولارا إذا تفوق متجرهم على مستويات التطعيم المستهدفة بنسبة 10 في المائة، بينما تقدم شركة وولجرينز للفنيين المعتمدين ما يصل إلى ثلاثة دولارات لكل لقاح إضافي يبيعونه، إضافة إلى تنفيذ ألعاب "التحصين" وخطط العمل لدفع مبيعات اللقاح، وفقا لنشرات داخلية تمت مشاركتها مع صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وخلال مكالمة أرباح الربع الثالث، أشارت كارين لينش، الرئيسة التنفيذية لشركة سي في إس، إلى "مساهمات أعلى من المطاعيم الموسمية" في الدخل التشغيلي المعدل.
وقالت شركة سي في إس: إن برنامج الحوافز الإضافية يساعد على خدمة صحة المرضى. ورفضت شركة وولجرينز التعليق.
وقال موريس شو، وهو صيدلي سابق في شركة وولجرينز وأحد منظمي نقابة الصيادلة، إن الضغط من أجل إعطاء مزيد من اللقاحات شديد للغاية لدرجة أن بعض الصيادلة يحجزون مواعيد مزيفة لمجرد تعويض ملء زجاجات الوصفات الطبية وفحصها، وهو جزء أساسي من عملهم.
حتى قبل الجائحة، أظهرت الدراسات أن أكثر من 90 في المائة من الصيادلة العاملين في متاجر بيع الأدوية بالتجزئة كانوا يقولون إن عبء عملهم كان "مرتفعا" أو "مرتفعا بشكل مفرط".
وقال مايكل هوج، الرئيس التنفيذي لجمعية الصيادلة الأمريكية، إنه منذ ذلك الحين، طلب من الصيادلة والفنيين القيام بمزيد عبر ساعات العمل والأجور غير المتسقة.
بلغ متوسط الأجر في الساعة للصيادلة العام الماضي 63.82 دولار، بزيادة نسبتها 3.6 في المائة عن عام 2019، بينما حصل فنيو الصيدلة على 18.17 دولارا في الساعة، بزيادة نسبتها 11.3 في المائة عن عام 2019، وفقا لمكتب الإحصاءات العمالية.
وقال شو: إن بعض السلاسل الكبرى، بما في ذلك وولجرينز، وسي في إس ووولمارت، عرضت مكافآت للتوظيف تراوح بين 30 ألف دولار إلى 75 ألف دولار، لكن حتى هذا لم يساعد على ملء الوظائف الشاغرة.
تأتي المكافآت عادة مع اشتراط بقاء العمال في المتجر نفسه لمدة عامين أو سدادها. وقال شو: "لهذا السبب لا يرغب كثيرون في الحصول عليها".
قالت شركة وولجرينز: "لقد قدمنا مكافآت التوظيف للصيادلة، التي كانت متنوعة، وكانت جزءا من استثمارات أكبر تركز على التوظيف والاحتفاظ بالموظفين". وقالت شركة سي في إس: "نقدم حزم تعويضات منافسة للغاية قد تشمل مكافآت التوظيف".
وخلال الربع الثالث من عام 2023، كان هناك نحو 32 ألف فرصة عمل لصيادلة التجزئة، أي نحو ضعف العدد في الفترة نفسها من عام 2019. وكان هناك نحو 112 ألف فرصة عمل لفنيي الصيدلة، أي نحو 30 في المائة أكثر مما كانت عليه عام 2019، وفقا لمركز القوى العاملة، الذي يجمع بيانات التوظيف الصيدلانية.
قال جورج هيل، محلل خدمات الرعاية الصحية في دويتشه بنك، إن الولايات المتحدة لديها عدد كبير للغاية من مخازن الأدوية غير المتميزة. وأضاف أن الربحية تم تقويضها أيضا بسبب المنافسة على الأعمال من قبل مديري امتيازات التأمين الصحي الصيدلانية الأقوياء، الذين يتفاوضون على الأسعار.
وقال هيل: "إن هذا الأمر يؤثر مباشرة في الصيادلة".
وفي الوقت نفسه، أشار هيل، إلى أن الأجزاء الجذابة من أعمال الصيدليات، مثل الأدوية المتخصصة مثل هوميرا لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي والعلاجات عالية التكلفة للأورام، تبتعد بشكل متزايد عن الصيدليات وتتجه إلى الطلب عبر البريد وإعدادات المستشفيات.
وقال: "قد نخسر شركة رايت إيد، أو وولجرينز أوسي في إس وسنظل على ما يرام".

الصيادلة في عبء مفرط .. ليسوا عمالا في ماكدونالدز

أضف تعليق