FINANCIAL TIMES

إعادة التدوير المستدامة للبطاريات .. حيث السباق والمستقبل

إعادة التدوير المستدامة للبطاريات .. حيث السباق والمستقبل

تتسابق شركات التكنولوجيا الناشئة من أجل جعل إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية أقل تلويثا واقتصادية أكثر، مع ضخ مستثمرين مليارات الدولارات في منشآت إعادة التدوير عالميا للاستعداد لارتفاع في حزمات البطاريات التي يتخلص منها وللأنظمة التي تفرض حدا أدنى من المحتويات المعاد تدويرها في بطاريات السيارات الكهربائية الجديدة.
مع اقتراب أول دفعة من السيارات الكهربائية من عمرها الافتراضي الذي يبلغ عشرة أعوام تقريبا، تعد أساليب إعادة التدوير التقليدية لبطاريات أيون الليثيوم التي تشغل السيارات الكهربائية أساليب تستهلك طاقة هائلة وتتضمن حرق البطاريات المستعملة في درجة حرارة تفوق 1400 درجة مئوية.
تعمل مجموعة من الشركات الناشئة، بما فيها جي آر إس تي من هونج كونج وأون تو تكنولوجي التي تقع في أوريجون، إضافة إلى شركات كبيرة مثل شركة باسف الألمانية العملاقة للكيماويات، على تكنولوجيا قائمة على الماء ينظر إليها على أنها بديل قابل للتطبيق تجاريا وصديق للبيئة.
قال فويتشيك مروزيك، خبير في إعادة تدوير البطاريات في جامعة نيوكاسل: "لم تطور بطاريات أيون الليثيوم من أجل إعادة التدوير. فحزمات البطاريات في السيارات الكهربائية أشبه بكابوس، لأنها ليست موحدة وتحتوي على العوازل والصمغ، ما يتطلب كثيرا من العمل اليدوي لفصلها".
وقال إن المواد الرابطة بأساس مائي هي "المستقبل"، مضيفا أنها "أقل ضررا على البيئة" من نظائرها الكيميائية وتتطلب "طرائق أيسر لاستعادة المعادن".
من المتوقع أن يفوق الاستثمار العالمي في الشركات الناشئة المتعلقة بالبطاريات هذا العام -الذي بلغ 9.2 مليار دولار حتى سبتمبر، وفقا لبيانات كرنش بيس- العامين السابقين متحديا انخفاضا أوسع في الاستثمار في التكنولوجيا. جمعت الشركات الناشئة بنشاط متعلق بالبطاريات مجتمعة 7.8 مليار دولار في 2022، أقل من 12 مليار دولار جمعتها في 2021.
تستخدم معظم بطاريات أيون الليثيوم مواد كيميائية سامة لربط المعادن بالأقطاب الكهربائية. تتضمن طريقة إعادة التدوير الاعتيادية صهر البطاريات التي تم التخلص منها أو تذويبها في مواد كيميائية ضارة لإزالة المواد الرابطة واستعادة المعادن مثل الكوبالت والنيكل والنحاس في شكل سبيكة معدنية.
في إطار العملية التي طورتها "جي آر إس تي" في هونج كونج، المدعومة من مؤسس شركة ريل تيك سيميكوندكتر التايوانية لصنع الرقائق وشركة تال أباريل العملاقة للألبسة من هونج كونج، يمكن تذويب البطاريات المستخدمة في الماء للحصول على ما يسمى بالكتلة السوداء من المعادن القيمة التي تصنع منها أقطاب الكاثود والأنود.
تأمل "جي آر إس تي"، الفائزة بجائزة إيرثشوت للابتكارات التي تواجه تحديات المناخ هذا العام، أن تجمع 50 مليون دولار في العامين القادمين لزيادة الإنتاج في مصنع البطاريات المشترك في مقاطعة جيجيانج. وتأمل "جي آر إس تي" على المدى الطويل منح المواد الرابطة التي أساسها الماء وتكنولوجيا إعادة التدوير لشركات صنع البطاريات الأخرى بموجب اتفاقيات.
فشلت المحاولات السابقة للاستفادة تجاريا من المواد الرابطة التي أساسها الماء بسبب أداء البطاريات الضعيف. "لم تكن المذيبات التي أساسها الماء مستقرة كيميائيا مثل استقرار المذيبات الكيميائية في السابق"، كما قال جستن هانج، المؤسس المشارك لـ"جي آر إس تي".
أظهرت الدراسات أن المواد الرابطة التي أساسها الماء قد تسبب التآكل، لكن هانج قال: إن "جي آر إس تي" قد تغلبت على هذه المشكلة. تؤدي بطارياتها أداء جيدا من ناحية كثافة الطاقة والسلامة والتحمل مقارنة بنظائرها المبنية على المواد الكيميائية، وفقا لتجارب عملائها.
بدأت "أون تو تكنولوجي"، شركة إعادة تدوير ناشئة تقع في أوريجون، التجارب التجارية على مواد رابطة أساسها الماء طورها علماء في مختبر لورنس بيركلي الوطني. استثمرت "باسف" في إنتاج المواد الرابطة ذات الأساس المائي في مصنعين من مصانعها في الصين هذا العام.
قال الخبراء: إن معدلات إعادة التدوير المنخفضة -يعاد تدوير أقل من 5 في المائة من بطاريات أيون الليثيوم المستعملة في الولايات المتحدة- كانت نتيجة لنقص الاستثمار والتنظيم. ترسل معظم بطاريات أيون الليثيوم إلى مرافق إدارة النفايات أو مكبات النفايات، حيث يمكن أن تسبب المواد الكيميائية السامة في المواد الرابطة الحرائق أو التسريبات في أنظمة المياه.
"لم تكن إعادة التدوير من أولويات الصناعة حتى الآن. والتكنولوجيا الموجودة لإعادة تدوير بطاريات أيون الليثيوم لا تعمل على نطاق واسع"، كما قالت سارة مونتجمري، المؤسسة المشاركة والرئيسة التنفيذية في إنفيوس، شركة تكنولوجية لسلاسل إمداد البطاريات.
لكن قالت: إن الموجة بدأت تتغير، مشيرة إلى التغييرات التنظيمية التي يقودها الاتحاد الأوروبي لزيادة معدلات إعادة تدوير البطاريات وجعل العملية أكثر استدامة.
في يوليو، تبنى المجلس الأوروبي "جواز البطاريات"، الذي سيقدم حدا أدنى إلزاميا للمواد المعاد تدويرها لبطاريات السيارات الكهربائية والبطاريات الصناعية بحلول 2031.
تأتي التغييرات مع ارتفاع الطلب على البطاريات إلى جانب زيادة استخدام السيارات الكهربائية. يتوقع محللو شركة ماكينزي أن قيمة سلسلة إمداد بطاريات أيون الليثيوم بأكملها سترتفع 30 في المائة سنويا من 2022 لتصل إلى أكثر من 400 مليار دولار بحلول نهاية العقد.
قال محللون: إن الشركات مثل "جي آر إس تي" قد تستفيد من المخاوف في العواصم الغربية بشأن هيمنة الصين في سلاسل إمداد السيارات الكهربائية. يأتي أكثر من ثلاثة أرباع بطاريات أيون الليثيوم في العالم من الصين، تصنع معظمها "سي أيه تي إل" و"بي واي دي".
"تعتمد أوروبا خاصة بشكل كبير على الصين. هناك دافع قوي لتصبح مكتفية ذاتية أكثر بإنشاء سلسلة إمداد دائرية، حيث تنتقل من الاعتماد على المواد الخام المستخرجة من الأرض إلى إعادة استخدام البطاريات المستهلكة. هناك موجة من اللوائح قادمة التي ستحفز تطوير صناعة إعادة التدوير"، كما قالت مونتجمري.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES