FINANCIAL TIMES

نقطة تحول .. هل يغزو الذكاء الاصطناعي عالم التنبؤ بالطقس؟

نقطة تحول .. هل يغزو الذكاء الاصطناعي عالم التنبؤ بالطقس؟

تفوق الذكاء الاصطناعي تفوقا مقنعا لأول مرة على الأساليب التقليدية للتنبؤ بحالة الطقس حول العالم، لمدة تصل إلى عشرة أيام في المستقبل.
إن نموذج جراف كاست إيه آي "يمثل نقطة تحول في التنبؤ بالطقس"، حسبما قال مطورو النموذج في شركة ديب مايند التابعة لجوجل، في ورقة بحثية راجعها النظراء ونشرت في مجلة "ساينس" يوم الثلاثاء.
أظهر تقييم شامل أن نموذج جراف كاست كان أدق من النظام التقليدي الرائد في العالم للتنبؤات بثلاثة إلى عشرة أيام مقبلة، الذي يديره المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى "إي سي إم دبليو إف".
تفوق "جراف كاست" على نظام" إي سي إم دبليو إف" في 90 في المائة من المقاييس الـ1380 المستخدمة، التي شملت درجة الحرارة والضغط وسرعة الرياح واتجاهها والرطوبة في مستويات مختلفة من الغلاف الجوي.
قال ماثيو شانتري، منسق التعلم الآلي في"إي سي إم دبليو إف"، "إن أنظمة الذكاء الاصطناعي في الأرصاد الجوية حققت تقدما أسرع وأكثر إثارة للإعجاب مما كنا نتوقعه حتى قبل عامين".
أجرت" إي سي إم دبليو إف"، وهي هيئة حكومية دولية مقرها ريدينج في المملكة المتحدة، تنبؤات حية بواسطة نماذج الذكاء الاصطناعي من "هواوي" و"إنفيديا" إضافة إلى "ديب مايند" إلى جانب نظام التنبؤ المتكامل الخاص بها.
أيد شانتري ادعاء "ديب مايند" أن نظامها هو الأكثر دقة. إذ قال لـ"فاينانشيال تايمز"، "نجد أن جراف كاست أكثر مهارة باستمرار من نماذج التعلم الآلي الأخرى، مثل بانجو-ويذر من هواوي وفوركاست نت من إنفيديا، وفي كثير من النواحي، هو أكثر دقة من نظام التنبؤ الخاص بنا".
يستخدم "جراف كاست" هيكلا للتعلم الآلي يسمى الشبكة العصبية البيانية، التي تعلمت من أكثر من 40 عاما من بيانات "إي سي إم دبليو إف" السابقة حول كيفية تطور أنظمة الطقس وحركتها حول العالم.
إن المدخلات الخاصة بتنبؤات النموذج هي حالة الغلاف الجوي عبر العالم في الوقت الحالي وقبل ست ساعات، يتم تجميعها بواسطة "إي سي إم دبليو إف" من عمليات رصد الطقس العالمية. وينتج "جراف كاست" توقعات لمدة عشرة أيام خلال دقيقة واحدة على جهاز كمبيوتر سحابي واحد يحتوي على وحدات معالجة التنسورات الأسرع أربع مرات من جوجل.
وعلى النقيض من نهج "الصندوق الأسود" المشتق من البيانات، فإن الطريقة التقليدية التي يستخدمها "إي سي إم دبليو إف" ومكاتب الأرصاد الجوية الوطنية في العالم، المعروفة بالتنبؤ العددي بالطقس، تستخدم أجهزة كمبيوتر عملاقة لمعالجة المعادلات القائمة على المعرفة العلمية بفيزياء الغلاف الجوي، وهي عملية تستهلك الطاقة استهلاكا كثيفا وتستغرق عدة ساعات.
قال شانتري "بمجرد تدريب جراف كاست، يصبح تشغيله رخيصا للغاية. ربما نتحدث عن تكاليف استهلاك للطاقة أرخص بألف مرة. وهذا تحسن خارق".
كمثال على التنبؤ الناجح، ذكر علماء "ديب مايند" إعصار لي في شمال الأطلسي في سبتمبر. وقال ريمي لام، المؤلف الرئيس للورقة العلمية "لقد كان جراف كاست قادرا على التنبؤ بشكل صحيح بأن إعصار لي سيصل إلى اليابسة في نوفا سكوتيا قبل تسعة أيام من حدوثه، مقارنة بستة أيام فقط في الطرق التقليدية. وقد أعطى ذلك الناس ثلاثة أيام أخرى للاستعداد لوصوله".
مع ذلك، لم يكن أداء الذكاء الاصطناعي أفضل من النماذج الفيزيائية التقليدية في التنبؤ بالتفاقم الهائل المفاجئ لإعصار أوتيس قبالة ساحل المحيط الهادئ في المكسيك، الذي دمر أكابولكو دون سابق إنذار في 25 أكتوبر.
قال شانتري "إن الخطوة التالية لـ(إي سي إم دبليو إف) ستكون بناء نموذج ذكاء اصطناعي خاص به والنظر في دمجه مع نظامها للتنبؤ العددي بالطقس. هناك مجال لحقن فهمنا للفيزياء في أنظمة التعلم الآلي هذه، التي يمكن أن تبدو كأنها صناديق سوداء".
أعلن مكتب الأرصاد الجوية، في المملكة المتحدة الشهر الماضي عن تعاون مع معهد آلان تورينج، المركز البريطاني لأبحاث الذكاء الاصطناعي، لتطوير شبكته العصبية البيانية للتنبؤ بالطقس، وسيتم دمجها في البنية التحتية الحالية لجهاز الكمبيوتر فائق الأداء الذي يستخدمه.
وأشار سايمون فوسبر، مدير العلوم في مكتب الأرصاد الجوية، إلى ضرورة أخذ التغير المناخي في الحسبان في التنبؤات. قال "من الصحيح أن نتساءل عما إذا كانت الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي قادرة على كشف ظواهر متطرفة جديدة إذا تم تدريب هذه الأنظمة فقط على الظروف الجوية السابقة".
"إننا نهدف إلى الاستفادة من أفضل ما يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي مع العمل مع نماذج الكمبيوتر التقليدية لدينا القائمة على فيزياء الغلاف الجوي. نعتقد أن هذا المزج بين التكنولوجيات سيوفر تنبؤات للطقس أكثر قوة وتفصيلا في عصر التغيير الجذري"، كما أضاف فوسبر.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES