متسوقو البقالة .. الفئة العنيدة أمام ثورة التكنولوجيا
التسوق لمشتريات البقالة هي إحدى المهام الروتينية التي أثبتت مقاومتها بشكل عنيد للثورة التكنولوجية. ضخت مليارات الدولارات من رأس المال المغامر في شركات ناشئة تبني روبوتات للمستودعات وتنشئ منصات توصيل عبر الإنترنت، لكن لا يزال معظم المتسوقون يريدون حمل سلة والتجول بين الرفوف بأنفسهم.
أبلغت شركة إنستاكارت لتوصيل مشتريات البقالة في سان فرانسيسكو الأسبوع الماضي عن خسارة صادمة بلغت ملياري دولار في المجموعة الأولى من الأرباح كشركة عامة. إبلاغ شركات التكنولوجيا عن خسائر كبيرة بعد إدراجها ليست ظاهرة جديدة. أعلنت أوبر عن خسارة ربع سنوية بلغت خمسة مليارات دولار بعد وقت قصير من طرحها العام الأولي في 2019. لكن انهيار سعر إنستاكارت يفوق انهيار أوبر. كانت قيمة الشركة التي أدرجت في سبتمبر 39 مليار دولار عندما كانت شركة ناشئة. تبلغ قيمتها السوقية الآن أقل من سبعة مليارات دولار.
من الناحية النظرية، تعد مشتريات البقالة أفقا جاذبا. فهي في الولايات المتحدة سوق تبلغ قيمتها 1.5 تريليون دولار - الحجم الذي يشجع الأفكار الجديدة. لكن حتى الآن لم يبتكر أحد خدمة تستطيع تغيير العادات. وتظل مشتريات البقالة الفئة الأكبر من إنفاق المستهلك التي لا تزال تتم في الغالب خارج نطاق الإنترنت.
هناك بعض الأسباب التي تدعو إلى التفاؤل بشأن إنستاكارت، فقد صمدت أمام خدمات التوصيل فائقة السرعة مثل جوكر وجوريلاز ولا يزال عدد مستخدميها يزداد. إضافة إلى أن هناك دائما احتمالا أن يدفع الذكاء الاصطناعي التوليدي يوما ما مزيدا من الناس لاستخدام التجارة الإلكترونية لقوائم تسوقهم المعتمدة عليه.
كما هو متوقع، فالخدمات القائمة على التطبيقات منتشرة بالفعل في سان فرانسيسكو. يحجب ممر متجر البقالة المحلي الصغير الذي أذهب إليه باستمرار متسوقي إنستاكارت الذين يمرون ببطء على قائمة طلبات العملاء عبر الإنترنت. وأنا أستخدمه أيضا. الرسوم مرتفعة لكنه يقدم عضوية شهرية بقيمة 9.99 دولار مع توصيل مجاني غير محدود للطلبات التي تتجاوز قيمتها 35 دولارا. إذا كنت تعيش في مدينة ولا تملك سيارة، فإن الاستعانة بمصادر خارجية لأداء مهمة أسبوعية طريقة مفيدة.
انضمت أمازون إلى إنستاكارت الأسبوع الماضي وأعلنت عن خطط لفتح متاجر بقالة جديدة وتقديم خدمة التوصيل لجميع عملائها في الولايات المتحدة، وليس فقط لأعضائها المشتركين في خدمة برايم.
السؤال هو لماذا استغرقت أمازون كل هذا الوقت؟ عندما اشترت سلسلة متاجر هول فودز قبل ستة أعوام كان هناك افتراض بأنها على وشك قلب صناعة متاجر البقالة بأكملها - وربما تحويلها إلى قطاع يبدأ عبر الإنترنت أولا. لكن ذلك لم يحدث قط.
الحقيقة أن الولايات المتحدة متخلفة عن الدول الأخرى في هذا المجال. يقدر بنك مورجان ستانلي أن 11 في المائة من التسوق لمشتريات البقالة في الولايات المتحدة يتم عبر الإنترنت، مقارنة بنحو الثلث للمبيعات الأخرى. لكن على الرغم من كل الحديث عن التحول نحو التسوق عبر الإنترنت أثناء الجائحة، وجدت دراسة من شركة ماكينزي أن التسوق لمشتريات البقالة عبر الإنترنت لا يزال يكافح من أجل ترك بصمة. في المملكة المتحدة، حيث تقدم شركتا أوكادو وتيسكو خدمات التوصيل في اليوم نفسه، شكلت فقط 12 في المائة من المبيعات في 2021.
ربما يكون الجواب في إعطاء المتسوقين كلا الخيارين. تبحث إنستاكارت عن طرق لإدخال نفسها في حيوات المتسوقين الذين يفضلون شراء مشتريات البقالة بأنفسهم. اشترت قبل عامين شركة كابر، التي تقدم عربات تسوق تسمح للمستخدمين بمسح المنتجات في المتاجر وأخذها للمنزل دون المرور بعملية الدفع المعتادة. ولدى أمازون خدمات دفع غير نقدية يمسح فيها المستخدمون كفوف أيديهم.
هل يريد أي شخص ذلك؟ من نافذة مكتب فاينانشيال تايمز في سان فرانسيسكو، كنت أستطيع رؤية أحد أول متاجر البقالة غير النقدية لأمازون. يستطيع المستخدمون الذين لديهم حسابات في أمازون الدخول وأخذ شطيرة ومن ثم الخروج، وتتابعهم كاميرات المتجر وأجهزة الاستشعار وتفرض الرسوم على حساباتهم. لكن بعد تلاشي الاهتمام الأولي نادرا ما كان المتجر مليئا بالناس وأغلق هذا العام.