التأمين الوطني .. انعكاساته على الصحة العامة

في حديث لفهد الجلاجل وزير الصحة فيما يتعلق ببرنامج التأمين الوطني الصحي، وأن المملكة ستنتقل إلى مرحلة جديدة في سلسلة تحولات وإجراءات للوصول إلى منظومة مكتملة للتأمين الوطني الصحي للمواطنين، وأعلن أن بداية منتصف 2024 سيكون هناك تأمين من خلال التجمعات الصحية التي تم البدء بها منذ فترة، بهدف توفير عملية متكاملة للعلاج للمواطن.
بحسب ما ذكره الوزير فإن التأمين الوطني يتميز عن التأمين الصحي بأنه يحقق تغطية كاملة للمواطن دون سقف محدد لتغطية التأمين أيا كانت التكلفة، وهو ممول من الدولة، وأنه ممتد لا يحتاج إلى تجديد، ويشمل جميع المواطنين ولا يحتاج إلى موافقات مسبقة. والحقيقة أن حكومة المملكة - وفقها الله - منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وسار على ذلك أبناؤه ملوك هذه البلاد إلى العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله، كان اهتمامها بأن يكون العلاج مجانيا ركيزة أساسية، وبناء عليه تم إنشاء المستشفيات الكبرى والعيادات بهدف خدمة المواطنين، وما يتم حاليا هو العمل على تحسين الهيكل التنظيمي للقطاع الصحي حيث يعمل بأعلى كفاءة بما يعزز استيعابه أعدادا كبيرة من المراجعين بتكلفة تتناسب مع حجم ما يقدمه القطاع الصحي من خدمة، حيث تتحول المؤسسات الصحية إلى منظومة عمل كالشركات في القطاع الخاص سواء كان مستشفيات خاصة تعتمد على الربحية أو جهات أشبه بما يوصف اليوم بالقطاع الثالث وهو أشبه بالمؤسسات الخيرية أو الوقفية التي تعتمد على إيراداتها في تغطية تكاليفها، فيكون فعليا التمويل الحكومي مقابل الخدمة دون أن يكون هناك هدر من خلال توزيع الميزانية بكفاءة أقل، ما يؤدي إلى فائض في خدمات لا يحتاج إليها المواطن في مقابل نقص في خدمات قد يحتاج إليها، وهنا ستكون المؤسسات الصحية مضطرة إلى رفع جودة الخدمة وسرعة تقديمها والحرص على رضا العميل، حيث إنه ما تحصل عليه من تمويل لا بد أن يكون مقابل خدمة مقدمة، ويظهر أن هذه العملية ستكون من خلال مراحل، ولن تكون منتصف 2024 مكتملة، بل الرحلة بدأت وستمتد إلى عامين إضافيين.
الأهم في هذا البرنامج - بحسب ما ذكر وزير الصحة - أن الاستثمار لن يكون في العلاج فقط، بل في الصحة، وذلك من خلال برنامج تسهم فيه جهات أخرى بالتأكيد مثل وزارة الشؤون البلدية والقروية من خلال توفير مناطق لممارسة الرياضة مثل مناطق وحدائق للمشي ومناطق ترفيهية ومناطق للرياضات الأخرى مثل الدراجات وغيرها، والعمل قائم على مثل هذه البرامج، كما يمكن أن تكون هناك برامج فيما يتعلق بالصحة العامة ومراجعة لمعالجة بعض المشكلات الصحية التي يمكن أن تنشأ عنها مشكلات وأمراض مزمنة مثل السكري والضغط وغيرها.
من المهم أن يكون ضمن المقررات والأنشطة في مؤسسات التعليم أمور لها علاقة بالصحة العامة وتنمية هوايات الطلاب الرياضية في مختلف الرياضات، بما يعزز الشغف لديهم لممارسة الرياضة التي يجدون أن لديهم إمكانات أفضل فيها، وهذا يزيد من تنوع خيارات الأنشطة الرياضية في المجتمع بدلا من التركيز على رياضات محدودة.
الرياضة مسارات مختلفة ومتنوعة، كما أنها أيضا في كل مستوى عمري معين سنلاحظ أن هناك رياضات مناسبة أكثر من الأخرى، وهذا له دور فيما يتعلق بالاهتمام بالرياضات التي تناسب الأكبر سنا، خصوصا أننا قد نشهد في الفترة المقبلة زيادة في أعداد الأكبر عمرا ليمثلوا نسبة أكبر من عدد المواطنين، وهذه شريحة لديها احتياجات مختلفة والاهتمام بها ضمن الأولويات الصحية حاليا، حيث إن الأعداد تتزايد وحاجتهم إلى البرامج الصحية في هذه المرحلة أكبر مقارنة بشرائح أخرى في المجتمع.
البرامج التطوعية في القطاع الصحي سيكون لها دور كبير في تحسين الصحة العامة، وهنا تأتي أهمية العناية بالبرامج التطوعية الخاصة بطلبة المرحلة الثانوية والجامعات للمشاركة في برامج زيادة الوعي بالصحة والاهتمام بالرياضة.
القطاع الخاص مشاركته بلا شك ركيزة في هذا البرنامج، وليس ذلك مقتصرا على المؤسسات العلاجية، بل الأندية الرياضية لها دور في تعزيز الصحة العامة إضافة إلى مؤسسات إنتاج الأغذية، التي يمكن أن توفر خيارات صحية للمجتمع.
الخلاصة: إن منظومة العمل فيما يتعلق بالصحة العامة تتطور بصورة كبيرة في المملكة، وما تم الإعلان عنه فيما يتعلق بالتأمين الوطني الصحي هو تطور كبير باتجاه تحقيق - ليس وفرة العلاج للمواطن - بل الاهتمام بالصحة العامة في المجتمع بما يقلل الحاجة إلى زيادة المؤسسات الصحية، وهذا عمل كبير، وله أثر عظيم فيما يتعلق بجودة الحياة، والمشاركة فيه ستكون واسعة من قبل المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع عامة.

المزيد من الرأي