هاتف هواوي الجديد .. السلاح لمجابهة هيمنة أبل
أصبح هاتف آيفون رمزا للمكانة بين الشباب في الصين. وكان ذلك قوة دافعة وراء نمو مبيعات هواتف شركة أبل الذكية في الدولة.
يبدو أن هاتف "هواوي" الرائد الجديد هو الحل محلي الصنع لمخاوف بكين المتنامية إزاء هذا الاتجاه. لكن على المدى الطويل، ستكون لمواجهة "أبل" تكلفة باهظة.
أحدث الأرقام مشجعة لشركة هواوي. ارتفع صافي أرباح مجموعة التكنولوجيا الصينية لربع سبتمبر، الذي تتضمن المبيعات المبكرة لسلسلة هواتفها الذكية الرائدة ميت 60 برو، أكثر من الضعف. حققت الهواتف، التي يبلغ سعرها نحو 1200 دولار، نجاحا كبيرا في الصين، حيث وصلت مبيعاتها إلى 1.6 مليون وحدة في الأسابيع الستة الأولى من إطلاقها في أواخر أغسطس.
زيادة حصة هواوي في السوق المحلية أربع نقاط مئوية لتصل إلى 13 في المائة في الربع الثالث تعدا إنجازا باهرا في سوق الهواتف الذكية شديدة التنافسية في الدولة. وزيادة 37 في المائة في مبيعات الهواتف لـ"هواوي"، التي حكم على أعمالها في مجال الهواتف الذكية بالفشل منذ تعرضها للعقوبات الأمريكية في 2019، تعد انتصارا لبكين أيضا.
المخاوف الرسمية بشأن هيمنة آيفون المتزايدة في الصين آخذة في الازدياد. مددت بكين حظرا على استخدام "آيفون" في بعض الوكالات والشركات المملوكة للدولة. وطالما أوصت هيئات الحكومة المركزية الموظفين باستخدام أجهزة مصنوعة محليا.
لكن عشاق "أبل" الشباب وغياب طرز هواتف ذكية محلية في قطاع الهواتف المتميزة عرقلا منع صعود "آيفون" إلى مكانته باعتباره ثاني أكبر حامل لحصة في السوق الصينية، على الرغم من كونه أغلى من نظرائه المحليين. كانت الصين أكبر سوق لأجهزة آيفون في الربع الثاني، وفقا لمجموعة الأبحاث تيك إنسايت.
يتمثل التحدي الأكبر الذي يواجه الشركات المصنعة للهواتف الذكية الصينية الراغبة في أن تصبح منافسة جادة في سوق الهواتف الراقية العالمية في الوصول المستقر إلى الرقائق المتقدمة، التي تعاني نقصا متزايدا في المعروض بسبب حظر التصدير الأمريكي. حتى قبل دخول ضوابط التصدير الأمريكية حيز التنفيذ العام الماضي، توقفت شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة، "تي إس إم سي"، عن إنتاج رقائق بحجم 7 نانومتر المتقدمة لـ"هواوي" في 2020 استجابة للعقوبات الأمريكية.
ما يميز طرز ميت 60 برو من "هواوي" عن نظيراتها المحلية هو أنها مزودة برقائق 7 نانومتر متقدمة تستخدم تصميمات محلية وتصنيعا محليا. يشير ذلك إلى تقدم علمي في صناعة أشباه الموصلات في الصين، بإنتاج رقائق متقدمة باستخدام الآلات القديمة الحالية.
اتجاهات صناعة الرقائق الأخيرة تتكدس الآن مرجحة كفة "هواوي". فالطلب المتزايد على سرعات الحوسبة العالية من قطاع الذكاء الاصطناعي وسط نقص عالمي في الرقائق المتقدمة أدى إلى التطور السريع لتكنولوجيات تغليف الرقائق الجديدة. تتيح تلك التكنولوجيا تكديس الرقائق فوق بعضها بشكل ثلاثي الأبعاد في حزمة عالية الكثافة توفر أداء أعلى أثناء استخدام الرقائق الحالية.
لكن في البيئة الحالية، يأتي مثل هذا التقدم العلمي بتكلفة، وهي تشديد العقوبات الأمريكية. يستخدم عدد قليل نسبيا من الرقائق للتطبيقات العسكرية، وهو أكثر مجال يثير قلق واشنطن. 2 في المائة فقط من الإمدادات العالمية مخصصة للاستخدام الحكومي، مقارنة بنحو ثلاثة أرباع أجهزة الاتصالات والأجهزة الاستهلاكية. إن وجود ما يكفي من الرقائق المتقدمة لملايين الهواتف الذكية يعني أنها متوافرة بقدر أكثر من كاف لتلبية احتياجات الحكومة.
الشهر الماضي، شددت وزارة التجارة الأمريكية على نحو غير متوقع قيود التصدير الحالية، ما زاد من تقييد وصول الصين إلى تقنيات الرقائق المهمة. من شأن هذا أن يفسر سبب كون "هواوي"، التي تعد أيضا أكبر شركة مصممة للرقائق في الصين، هادئة على غير عادتها بشأن إنجازاتها الأخيرة، ونفت بشدة شائعات عن تقدم في تكنولوجيا تغليف الرقائق سابقا هذا العام.
تستخدم أحدث هواتف آيفون رقائق 3 نانومتر الأكثر تطورا. لمواكبة ذلك، على "هواوي" الاستمرار في استخدام أحدث تكنولوجياتها في طرز هواتفها الذكية الجديدة. على الجانب الآخر، بما أن الهواتف الذكية أجهزة استهلاكية، يمكن لأي شخص شراؤها. سرعان ما يكشف تحليل تفصيلي لأجزائها عن التكنولوجيا المستخدمة، مظهرا للولايات المتحدة بالضبط إلى أي مدى وصلت الصين من حيث التقدم التكنولوجي.
"هواوي" عالقة في مأزق. ترى الشركة أخيرا علامات انتعاش لما كان يوما ما أكثر أعمالها ربحا، التي جلبت مبيعات سنوية بقيمة 48 مليار دولار قبل فرض العقوبات الأمريكية. لكن كل إطلاق لطراز جديد يحمل الآن تكلفة سياسية إذا قدم تكنولوجيا رقائق جديدة. يجب على "هواوي" أن تزن بعناية طموحاتها في مواجهة "آيفون" مع الأخذ في الحسبان احتمال حدوث انتكاسات في تطوير الرقائق جراء مزيد من الإجراءات الأمريكية.