«التثبيت الممتد» ليس مرآة لاستراتيجية أعلى لفترة أطول
نحن على أعتاب تغيير في تكتيكات البنك المركزي. ربما تستمر أسعار الفائدة في الارتفاع أكثر قليلا، لكن ربما نكون قريبين من نهاية دورة الزيادات. ويتحول التركيز نحو إبقاء أسعار الفائدة عند هذه المستويات المرتفعة، وربما لفترة ممتدة.
إذا كان صناع السياسات راغبين في أن تتبنى السوق سرد "التثبيت لفترة طويلة"، حتى تظل الظروف المالية مشددة وتستمر السياسة في فرض ضغوط هبوطية على التضخم، فسيكون لزاما عليهم أن يقدموا تفسيرا معقولا للأسباب التي تجعل أسعار الفائدة مرتفعة لفترة ممتدة. التوجيهات المستقبلية دون مبرر قد لا ترسخ توقعات الفائدة لفترة طويلة. الوصول إلى هذا المنطق قد لا يكون سهلا.
سعر الفائدة الأساسي ليس أداة قوية للغاية. إن التغيير القياسي بمقدار ربع نقطة في أسعار الفائدة له تأثير متواضع للغاية في التضخم. ولا ينبغي أن يتطلب الأمر سوى صدور بعض الأخبار حول التضخم لإحداث تغيير موازن في أسعار الفائدة. لكي تظل الأسعار دون تغيير للعام المقبل أو أكثر، فإن ذلك يتطلب عدم حدوث أي شيء يذكر. سيكون من المفاجئ أن تفسح التقلبات التي شهدتها الأشهر الأخيرة المجال فجأة لفترة طويلة من الهدوء الكلي.
يمكن القول إن التثبيت الممتد عند ذروة دورة الفائدة هو أكثر احتمالا من الثبات الممتد عندما تكون الفائدة قريبة من المعدل المحايد. لقد تطلب الأمر ارتفاعا هائلا في التضخم لتبرير رفع أسعار الفائدة إلى هذا الحد وبهذه السرعة. يحاول صناع السياسات إعادة التضخم إلى الهدف، لكن وتيرة انخفاضه يجب أن تكون بطيئة جدا لتبرير إبقاء أسعار الفائدة عند هذا المستوى التقييدي لفترة ممتدة. مع ذلك، فإن معدل تغير الأسعار من شهر إلى آخر قد تباطأ بالفعل بشكل ملحوظ. وإذا ظلت أسعار الفائدة ثابتة مع بدء انخفاض توقعات التضخم، فإن أسعار الفائدة الحقيقية سترتفع، وعلى نحو متناقض، سيتم تشديد موقف السياسة مع انخفاض التضخم.
نحن نعلم أن السياسة النقدية ثابتة عمليا. والانعكاسات نادرة، فنادرا ما تحدث الزيادات بعد فترة وجيزة من التخفيضات. ربما يختار صناع السياسات الانتظار حتى يصبحوا واثقين بأن الجزء الأول من دورة التيسير المقبلة لن يتم عكسه قبل أن يتحركوا. لكن هذا يعني الانتظار إلى أن تتوافر أخبار كافية لتبرير التخفيضات المتعددة قبل تقديم التخفيض الأول. لذلك قد يشعر المستثمرون بالارتياح لفكرة أن التثبيت يمكن أن يستمر لبعض الوقت، لكن عندما ينتهي التثبيت، ستتبعه سلسلة من التخفيضات.
لا ينبغي لنا أن نفكر في التثبيت الممتد باعتباره مرآة لاستراتيجية "أعلى لفترة أطول" التي اتبعتها البنوك المركزية على مدى العقد الماضي. كانت أسعار الفائدة عند الحد الأدنى في ذلك الوقت على الرغم من توقعات التضخم الهزيلة، لأن التكاليف المتصورة لتحفيز الاقتصاد بشكل أكبر بأسعار فائدة سلبية أو شراء الأصول أكثر كان يعتقد أنها تتجاوز الفوائد. كانت أسعار الفائدة منخفضة لفترة أطول لأن السياسة كانت عند حد أدنى فعال. المنطق نفسه لا ينطبق هنا. لا يوجد حد أعلى فعال.
بدأ التثبيت الممتد يبدو أكثر منطقية إذا كانت البنوك المركزية قد عجزت عن الوفاء بالتزامها وفشلت في إكمال دورة الارتفاع. ينبغي أن يتطلب الأمر أخبارا كثيرة عن هبوط التضخم لإقناع المستثمرين بأن التخفيضات مبررة إذا كانوا يعتقدون أن سعر الفائدة الأساسي قد تم تحديده عمدا عند مستوى منخفض للغاية اليوم. لكن التثبيت الآن تحت الضغط من الجانب الآخر. لا ينبغي أن يتطلب الأمر أخبارا كثيرة عن صعود التضخم لتحفيز التوقعات برفع أسعار الفائدة عدة مرات إذا تم تحديد أسعار الفائدة عند مستوى منخفض للغاية اليوم.
على العكس من ذلك، يبدو أن التثبيت الممتد أقل احتمالا إذا أفرطت البنوك المركزية في الوفاء بالتزامها وتم تحديد أسعار الفائدة أعلى من المستوى الذي تبرره توقعات التضخم الحالية. إذا اعتقد المستثمرون أن أسعار الفائدة مرتفعة للغاية في البداية، فلا ينبغي أن يتطلب الأمر سوى بضعة أخبار تشير إلى انخفاض التضخم، أو ارتفاع البطالة بالفعل، لتحفيز التوقعات بتخفيضات متعددة.
على العموم، يبدو من المرجح أن يكون صناع السياسات قد بالغوا في الوفاء بالتزامهم بدلا من التقصير فيه. ويبدو أن كثيرا من صناع السياسات، إن لم يكن أغلبهم، كانوا في اتجاه إدارة المخاطر. تم رفع أسعار الفائدة فوق ما يبدو ضروريا بالنظر إلى المسار الأرجح للتضخم. توفر هذه "الزيادات التأمينية" بعض الحماية ضد المخاطر المتمثلة في استمرار التضخم إلى حد كبير، أو إذا كنت تفضل، أن نماذج البنوك المركزية خاطئة. عندما ينحسر هذا الخطر، فلا بد من تعديل السياسات. ولا بد بعد ذلك من إلغاء "الزيادات التأمينية"، وليس الاحتفاظ بها لفترة ممتدة.
إذا تحولت البنوك المركزية من رفع الفائدة إلى تثبيتها، فستحتاج إلى تقديم رسائل واضحة وذات مصداقية إذا كانت تريد ترسيخ توقعات الفائدة على التثبيت الممتد. وفي المقام الأول من الأهمية، تحتاج البنوك المركزية إلى خطاب متسق يربط الخطة القديمة بالخطة الجديدة. من الصعب أن تشرح كيف تكون على اتجاه إدارة المخاطر في يوم من الأيام، وتلتزم بالتثبيت الممتد في اليوم التالي.
*رئيس قسم الأبحاث الكلية في "بي إن باريبا آسيت مانجمنت".