«الأموال الذكية» .. هل حقا لها وجود؟
يحاول الفيلم الجديد Dumb Money أو "الأموال الغبية" (الأموال التي يستثمرها الأفراد غير المتمرسين) قلب نظام التسلسل الاجتماعي في وول ستريت رأسا على عقب، حيث يصور المستثمرين المحترفين على أنهم الأغبياء والهواة أو غير المتمرسين على أنهم الأذكياء. تدور أحداث الفيلم خلال هوس أسهم الميم في 2021، وتنتهي قبل نهاية القصة الحقيقية – بخسائر للمستثمرين الأفراد الذين حاولوا التفوق على صناديق التحوط الكبيرة. آسف هوليوود، لم ينتصر الضعفاء. ومع ذلك، تركني الفيلم أفكر مليا في سؤال أكبر: هل هناك شيء يدعى "الأموال الذكية"؟
بالتأكيد، معظم المحترفين لا يتفوقون في السوق أيضا، وهذا صحيح منذ عقود. منذ 2000، كانت هناك ثلاثة أعوام فقط تفوقت فيها أغلبية الصناديق ذات رأس المال الكبير في الأداء. في العقد الثاني من القرن الحالي، في المتوسط كان أداء ثمانية من أصل عشرة صناديق استثمار مشتركة وتسعة من أصل 1عشرة صناديق مؤسسية ضعيفا في الأسواق الأمريكية بعد الرسوم. كانت نسبة المحترفين الذين تفوقوا على السوق أفضل قليلا قبل الرسوم وكانت منخفضة بالقدر نفسه في أسواق الأسهم في أوروبا، وآسيا وبقية العالم.
لكن المحترفين يحققون أداء أفضل من المستثمرين الأفراد، الذين يرتكبون جميع الأخطاء الممكنة، وبانتظام أكبر. يتداولون بناء على "الضجيج" وليس بناء على المعلومات، وهي ظاهرة ربما فاقمتها الشائعات التي تنتشر على مواقع التداول عبر الإنترنت. يستسلم الهواة لانحياز الاستثمار في الأسهم التي يعرفونها بدلا من الأسهم التي يبحثون عنها. يتداولون بناء على المشاعر لا الأساسيات ويتبعون القطيع، الذي يميل إلى الفرار من الخسائر.
الدراسات دامغة. حيث تميل الأسهم التي يفضلها المستثمرون الأفراد إلى أن تحقق أداء أقل بمقدار واحد في المائة – شهريا. الأسهم عموما تحقق أداء أفضل بعد البيع من بعد الشراء. والمستثمرون الأفراد، خاصة إذا كانوا رجالا، يميلون إلى الثقة المفرطة والبحث عن الإثارة وبالتالي يميلون إلى التداول في كثير من الأحيان. ضمن مجتمع المضاربين الأفراد، تحقق نسبة الـ20 في المائة الأكثر نشاطا من المتداولين عوائد أقل بكثير من نسبة الـ20 في المائة الأقل نشاطا.
لا تقتصر الخسائر فقط على المتداولين اليوميين في الأسهم. بسبب التوقيت السيء، يقلل الهواة النشيطون عائداتهم 20 في المائة عندما يتداولون في صناديق الاستثمار المشتركة وينسحبون منها.
المحترفون يعرفون كل ذلك جيدا. في الواقع، إحدى الاستراتيجيات التي استخدموها مع بعض النجاح هي مراقبة اتجاه جمهور المستثمرين الأفراد والتحرك في الاتجاه الآخر. لكن معظم المحترفين يحققون أداء دون السوق معظم الوقت أيضا. تتطور السوق باستمرار لتعكس واقعا اقتصاديا متغيرا، ومن الصعب التقدم عليها. وفقا لبعض التقارير، فقد انخفض أداء المحترفين في العقود الأخيرة بسبب زيادة عددهم وزيادة رأس المال الذي يسعى وراء العوائد.
إذا كان من الصعب العثور على ذكاء متفوق، فمن الممكن الحصول على معلومات متفوقة بثمن. نتيجة أخرى ثابتة: المعلومات "غير متماثلة"، وهذا يعني أن المحترفين يتمتعون بإمكانية وصول أكبر إلى المجموعة المتنوعة الجيدة والمكلفة، مقارنة بـالشائعات المجانية والخزعبلات على موقع ريديت.
تأتي أحد أكثر الرؤى إثارة للاهتمام حول تفوق المعلومات من دراسات التداول (القانوني) من قبل المطلعين على شؤون الشركة. يميل كبار المسؤولين إلى البيع قبل الانخفاضات غير العادية والشراء قبل الارتفاعات غير العادية في أسهم الشركة. ويبدو أن الرؤساء التنفيذيين وكبار مسؤولي الاستثمار يحققون أداء أفضل من المسؤولين الأقل رتبة، ربما لأن لديهم معلومات أكثر اكتمالا. في هذا المحيط الخبير، يمكن أن يكون اتباع القطيع ناجحا.
يمكن أن توفر المعلومات المحلية ميزة مشابهة. وفي الأسواق الناشئة، كثيرا ما افترضت الصناديق العالمية الكبرى أنها قادرة على تعليم المستثمرين المحليين شيئا أو أكثر عن الاستثمار، لتجد أنها تتعلم التواضع بالطريقة الصعبة. في الفترة التي سبقت أزمات العملة، توصلت أبحاثي إلى أن المحليين في الأغلب ما ينسحبون قبل المستثمرين الأجانب، ثم يكونون أول من يعودون، عندما يستشعرون تحسنا اقتصاديا. المعرفة المتفوقة على أرض الواقع تمنحهم الأفضلية.
لكن نخبة محدودة تنتج عوائد متسقة، وهذا الأمر يتطلب توازنا دقيقا. لدى الأشخاص الأكثر نجاحا نظام منضبط للتوقعات في الأسواق، ومرونة للتغيير عندما تتغير الظروف. إنهم يفهمون أن التحليل مهم لكن المزاج أهم. الخبرة مهمة ولديهم المهارة لتعظيم المكاسب عندما يكونون على صواب، وهو الأمر الذي يحدث عادة في 60 في المائة من الأوقات، وتقليل خسائرهم في الـ40 في المائة الأخرى من الأوقات. لديهم رؤية ويتمسكون بها، حتى اللحظة التي تتوقف عن كونها الخيار الصحيح.
لكن هذه صفات أساطير الاستثمار. بالنسبة إلى البقية، هناك هرم نجاح يمتد من الخبراء المحترفين وذوي الخبرة بدرجة معقولة إلى أقرانهم الأقل قدرة، وفي الأسفل الفئة غير المحظوظة من المتداولين اليوميين الأفراد. إذا كان هناك عنوان فيلم يعبر بدقة عن سلوك الاستثمار الجماعي في العالم، فقد يكون "الغبي والأغبى".
*رئيس روكفيلر إنترناشونال