التلجراف للبيع .. هل ستكسبها أموال شرق أوسطية؟

التلجراف للبيع .. هل ستكسبها أموال شرق أوسطية؟

عندما يتم طرح صحيفة التلجراف للبيع رسميا هذا الشهر، سيتمكن مقدمو العروض الحريصون على استحواذ واحدة من أكثر الصحف اليمينية تأثيرا في وسائل الإعلام البريطانية، من الوصول إلى معلومات مفصلة عن حساباتها.
وينتظر المشترون المحتملون بفارغ الصبر افتتاح غرفة بيانات، عندما تطلق مجموعة لويدز المصرفية، بعد أربعة أشهر من السيطرة على مجموعة الصحف إلى جانب مجلة سبكتاتور، إشارة البداية لعملية البيع.
بينما تتجاوز قيمة صحيفة التلجراف قدرتها على تحقيق الربح، فإن الأطراف المهتمة ستستخدم سجلاتها المالية - التي وصفها المقربون من البنك بأنها "معقدة" بعد عقود من ملكية عائلة باركلي - كأساس لعروضهم.
ستكون المقارنات بالصحف المنافسة والمبيعات الأخيرة هي المحطة الأولى في العثور على نقطة البداية للمزاد.
كانت أحدث صفقة مع صحيفة في المملكة المتحدة هذا الصيف هي الاستحواذ على صحيفة سيتي أيه إم الخاسرة، التي يبلغ توزيع مطبوعاتها 250 ألف نسخة أسبوعيا، من قبل شركة تي إتش جي التابعة لماثيو مولدينج عبر بيع متفق عليه قبل تعيين الحراسة القضائية مقابل نحو 1.5 مليون جنيه استرليني.
لكن المحللين يعتقدون أن المقارنة الأكثر ملاءمة على أساس السعر إلى المبيعات قد تكون صحيفة فاينانشال تايمز، التي بيعت بمبلغ 844 مليون جنيه استرليني عام 2015 في وقت كان فيه إجمالي التوزيع 737 ألف نسخة، وكانت المبيعات تبلغ 334 مليون جنيه استرليني، وكان الدخل التشغيلي المعدل 24 مليون جنيه استرليني.
دفعت شركة النشر اليابانية نيكي نحو ضعفين ونصف ضعف مبيعات صحيفة فاينانشال تايمز و35 ضعف دخلها المعدل - ونحو ضعفي ما ذكر أن جيف بيزوس أنفقه لشراء صحيفة واشنطن بوست عام 2013.
تقدر قيمة صحيفة نيويورك تايمز - التي تعد شركة متفوقة على صحيفة التلجراف نظرا إلى قوة وتطور عملياتها الرقمية وأصولها الإعلامية مثل ذا أثليتيك - بنحو 2.8 ضعف المبيعات، وفقا للمحللين في بنك بانمور جوردون.
وتبلغ قيمة ريتش، أقرب منافسة مدرجة في المملكة المتحدة كمالك لصحيفة ميرور ومجموعة من الصحف الإقليمية، نحو 0.4 ضعف مبيعاتها، لكنها لم تؤسس نوع نموذج الاشتراك الرقمي الذي يدعم صحيفة التلجراف.
تحدد هذه الصحف بعض المعايير لصحيفة التلجراف، وفقا لجوناثان باريت من بنك بانمور جوردون، الذي يشير إلى أن السعر المعقول سيكون تقريبا ضعفي الإيرادات المعلنة البالغة 254 مليون جنيه استرليني في أحدث مجموعة من نتائجها.
هذا يعني أن صحيفة التلجراف يمكن أن تحقق أكثر من 500 مليون جنيه استرليني - وهو رقم مدعوم عند تطبيق مضاعفات واقعية على أرباحها لـ2022 قبل الفائدة والضرائب والاستهلاك وإطفاء الدين بقيمة 46 مليون جنيه استرليني.
إذا نظرنا إلى القيمة الاسمية، فإن سعر البيع الذي يزيد على 500 مليون جنيه استرليني يعني مضاعفا بنحو 11 ضعفا أو أكثر، بالقرب من المستوى الذي يتم فيه تداول بعض شركات الإعلام الأوروبية.
اقترحت مجموعة الأبحاث الإعلامية إندرز أناليسيز أنه في نطاق ثمانية إلى عشرة أضعاف الأرباح قبل الفائدة، والضرائب، والاستهلاك وإطفاء الدين المتوقعة لـ2023 والبالغة 60 مليون جنيه استرليني، يمكن للمجموعة أن تحقق ما بين 480 إلى 600 مليون جنيه استرليني. ومع ذلك، قالت إنه ليس "حجم مقدمي العروض المؤهلين فحسب، بل طبيعتهم، هي ما ستحدد السعر".
مع كون أرقام الأرباح قبل الفائدة، والضرائب، والاستهلاك وإطفاء الدين الخاصة بمجموعة تلجراف ميديا "بنودا تعتمد على أرباح الشركة قبل الحركات الاستثنائية"، وفقا لبيانها المالي، يشكك بعض المحللين ومقدمي العروض في قوة حساباتها مقارنة بالشركات العامة.
ومع ذلك، قال إيان ويتاكر، محلل إعلامي مستقل: "لا يوجد شيء في البيانات المالية لـ2022 من شأنه أن يشير إلى انحراف كبير" عن النطاق السعري الذي يراوح بين 450 و600 مليون جنيه استرليني.
وأضاف: "مجموعة تلجراف ميديا في وضع جيد - 51 في المائة من الإيرادات تأتي من الاشتراكات الجيدة للغاية، ما يقلل الاعتماد على الإعلانات. إن مجموعة تلجراف ميديا علامة تجارية موثوقة تتمتع بقاعدة عملاء أكبر سنا لكن أكثر ثراء".
ومع ذلك، سيقوم المستثمرون ومستشاروهم بفحص أرقام الاشتراك في خدمات صحيفة التلجراف بدقة.
أعلنت المجموعة أخيرا أنها تجاوزت مليون مشترك، بناء على رقم 975 ألف مشترك المعلن عنه في نهاية يونيو 2023. لكن هذه الأرقام انخفضت خلال العام الماضي بسبب الاستحواذ على شركة تشيلسي ماجازين، التي تضم علامات تجارية مثل صحيفة كلاسيك بوت.
وفي النتائج حتى نهاية يونيو، قالت المجموعة إنه تمت إضافة أكثر من 207 آلاف مشترك إما عن طريق الاستحواذ على مجلات سي إم سي وإما عبر الألغاز في صحيفة التلجراف، التي يمكن الوصول إليها كمنتجات مستقلة.
وقالت أيضا إن العدد الإجمالي يشمل 118.215 اشتراكا رقميا إضافيا، الذي يمكن للعملاء إهداؤه للأصدقاء أو العائلة مجانا، و62.330 اشتراكا رقميا في نسخة تجريبية مجانية.
وينبغي أن تكون هناك بعض الإجابات عن الأسئلة المتعلقة بالقيمة طويلة المدى لمشتركي صحيفة التلجراف بمجرد بدء البيع هذا الشهر. ومع ذلك، ستعكس العروض أيضا عوامل أخرى غير مشمولة في غرفة البيانات.
أولا، سيحتاج مقدمو العروض إلى تضمين النمو المستقبلي المتوقع للصحيفة، حيث يأمل كثير منهم في الجمع بين ارتفاع الاشتراكات الرقمية والتوسع في دول مثل الولايات المتحدة، حيث وجدت الصحف ذات الميول اليمينية جماهير كبيرة.
هذه الأهداف، إلى جانب التقييم الرصين للأمور المالية في غرفة البيانات، ستحدد مستوى الاهتمام من جانب المجموعات ذات التفكير الاستراتيجي مثل شركة دي إم جي تي المنافسة في المملكة المتحدة، والناشر الألماني أكسل سبرينجر، والاتحادات التي يقودها السير بول مارشال والسير ويليام لويس، والملياردير التشيكي دانييل كريتينسكي وناشونال وورلد، مجموعة الصحف المدرجة التي أنشأها محرر صحيفة ديلي ميرور السابق ديفيد مونتجمري.
وهناك مقدمو عروض آخرون ستكون البيانات المالية الأساسية للشركة أقل أهمية بالنسبة إليهم، بما في ذلك عائلة باركلي، التي قدمت عرضا بأكثر من 600 مليون جنيه استرليني لاستعادة السيطرة على المجموعة.
قد يبدو هذا جذابا استنادا إلى المضاعفات الحالية، لكن الأشخاص المقربين من بنك لويدز يقولون إنه لا يمكن مقارنته بشكل مباشر بعروض المزاد لأنه يتضمن أموالا من شأنها أن تسدد بعضا من الديون التي تزيد على مليار جنيه استرليني والتي تدين بها الأسرة للبنك.
ومن المتوقع أيضا أن تحقق صحيفة سبيكتيتر سعرا مرتفعا، ويرجع ذلك جزئيا إلى مدى تأثيرها السياسي وليس نتائجها المالية. فقد حققت الصحيفة إيرادات بلغت 20.8 مليون جنيه استرليني عام 2022، بزيادة 2.5 في المائة على أساس سنوي، والأرباح قبل الفائدة، والضرائب، والاستهلاك وإطفاء الدين بقيمة 4.8 مليون جنيه استرليني. لكن أحد الأشخاص المطلعين على العملية قال إن المجلة يمكن أن تحقق ما يراوح بين 70 و80 مليون جنيه استرليني، وهو ما سيكون مضاعفا مرتفعا.
من المتوقع أن تحاول مجلة نيوز يو كيه التابعة لروبرت مردوخ أن تستحوذ على مجلة سبيكتور بعد أن أبدت اهتماما بشراء المجلة في الماضي، وفقا لكلير إندرز من شركة إنديرز أنالسيس.
ويعكس هذا النوع من الاهتمام مجموعة ثانية من المستثمرين الذين تعد النتائج المالية بالنسبة إليهم ثانوية مقارنة بفرصة امتلاك صحيفة مؤثرة وصوت رئيس لبريطانيا المحافظة.
وقال باريت إنه بالنسبة إلى هؤلاء المشترين، "فإن مفهوم التقييمات برمته غير مهم. فمن الناحية المنطقية، لن ترغب في دفع أكثر من عشرة إلى 12 ضعف الأرباح قبل الفوائد والضرائب، لكن بعض الأشخاص سيرون ذلك بمنزلة غنيمة".
ويجري مقدمو العروض المحتملون للمجموعة محادثات مع مستثمرين من الشرق الأوسط بشأن دعم عروضهم.
ويتوقع عدد من الأشخاص المقربين من مقدمي العروض أن يكون هناك حد لمقدار الأموال الشرق أوسطية التي تعد مقبولة في أي صفقة - ويرجع ذلك جزئيا إلى وجهة النظر القائلة إن حكومة المملكة المتحدة لن ترغب في أن تكون صحيفة وطنية مهمة مملوكة بالأغلبية للثروات السيادية من المنطقة.
أشار هؤلاء الأشخاص إلى أن نسبة 20 إلى 25 في المائة قد تم تحديدها على أنها مقبولة في وايتهول - لكنهم أضافوا أن هذا يمكن أن يضع سقفا لسعر المزاد.
يرغب بنك لويدز، من جانبه، في حصول عملية سريعة وغير مؤلمة قدر الإمكان، مع تقليل فرص فوز أي عرض من المرجح أن يثير مخاوف جدية تتعلق بالمنافسة أو يخاطر بالحجب من قبل رئاسة الوزراء.
وقال أحد الأشخاص المطلعين على العملية: "اليقين وإمكانية التسليم أمران أساسيان لكل عرض. لا يقتصر الأمر على السعر فقط".

الأكثر قراءة