غرامة النسيان
مهمة القوانين والأنظمة لا تقتصر على تنظيم حياة الناس أو تسييرها، بل جعلها أفضل وأيسر، ما يساعد على تطور المجتمعات وأداء الحكومات، والقوانين تصبح أكثر تأثيرا عندما تتواءم مع الواقع، وعلى هذا الأساس يمكن التقيد بها، وإذا توافرت القناعة بجدواها وتأثيرها ازداد الالتزام بها.
الغرامات جزء من القوانين والأنظمة التي تنظم شؤون الحياة، وكلنا يعرف مثلا سبب غرامة عدم تجديد رخصة القيادة، أو رخصة سير المركبة، أو الإقامة للإخوة والأصدقاء المقيمين، وغيرها من الإجراءات التي تمس الحياة اليومية وتؤثر في سلامة الناس أو أمنهم.
عرفت أن هناك غرامة على عدم إلغاء تأشيرة الخروج والعودة للعمالة المنزلية، كنت في صدد إصدار هذه التأشيرة لسائق خاص، فوجدت المطلوب أن أسدد مبلغ ألف ريال إضافة إلى الرسوم المعتادة والمعقولة للتأشيرة البالغة 200 ريال، سألت الجهة المختصة فكانت الإجابة أنه ربما كان لدي تأشيرة خروج وعودة سابقة ولم تستخدم ولم يتم إلغاؤها.
تذكرت أنه قبل فترة طويلة أصدرت تأشيرة خروج وعودة للسفر لإحدى الدول المجاورة، ولم تستخدم ولم أقم بإلغائها، فدفعت الغرامة وعلامات الاستفهام تكثر في ذهني حول سببها، ثم حول قيمتها؟
حاولت تخمين السبب الإجرائي أو الأمني الذي فرضت من أجله هذه الغرامة فلم أجد إجابة شافية، وأتمنى أن أجدها لدى الإدارة العامة للجوازات حتى تعم الفائدة، وإذا كانت الإجابة موجودة ومقنعة، فالسؤال الثاني: أليس مبلغ هذه الغرامة كبيرا نسبيا حيث يبلغ خمسة أضعاف رسوم الخدمة الأساسية؟
بالنسبة لي يبدو الموضوع غير ضار أمنيا وإجرائيا وأنه في الأغلب نسيان من الكفيل أو الكفيلة الذي هو في الأغلب أب أو أم، موظف أو موظفة، أو متقاعدون لديهم كثير من مشاغل ومتاعب الحياة، وهو أيضا عبارة عن دفع رسوم خدمة أو إجراء وعدم الاستفادة منه أو الحصول عليه، خاصة أن رسوم التأشيرة لا تسترد عند عدم الإلغاء.
بالطبع تجب الإشارة إلى أنني أتحمل الخطأ، فقد وافقت على شروط وأحكام إصدار هذه التأشيرة، وافقت دون قراءة دقيقة لسبب بسيط هو أن أغلبنا لا يقرأها، وشخصيا لا أقرأ أي شروط وأحكام من منصة أبشر أو توكلنا أو أي جهة تابعة لوزارة الداخلية لسبب بسيط وهو الثقة بها، والفخر بإبداعاتها التقنية التي سهلت حياتنا ورفعت من جودتها.
أتمنى في حال وجود السبب المقنع إعادة النظر في قيمة هذه الغرامة لتصبح معقولة ومقبولة وتتماشى مع غرض التوعية وليس غرض العقاب.