FINANCIAL TIMES

طريق المحاماة الطويل أمام واقع تكنولوجي نافع

طريق المحاماة الطويل أمام واقع تكنولوجي نافع

أثار إصدار تشات جي بي تي في نوفمبر الحماسة في قطاع القانون حول كيف يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يؤدي مجموعة من المهام - مثل صياغة العقود ومراجعة السوابق القضائية - بكفاءة أكثر.
ولكن في حين أن هذه التكنولوجيا قادرة على إنشاء مقاطع كبيرة من النصوص الشبيهة بالتي ينشئها البشر ومراجعة أو تنقيح المستندات الموجودة، إلا أن قصورها أدى حتى الآن إلى تأخير اعتمادها على نطاق واسع. وعلى وجه الخصوص، أدى خطر قيام روبوت الدردشة بإنتاج معلومات كاذبة ومصطلحات قد تكون محمية بحقوق الطبع والنشر إلى دفع المختصين القانونيين إلى التعامل مع التكنولوجيا بحذر.
بعد نجاح شركة أوبن أيه أي مع تشات جي بي تي، أطلقت شركات التكنولوجيا الكبرى، ومنها جوجل ومايكروسوفت، روبوتات الدردشة الخاصة بها. وانضمت إليها شركات ناشئة صغيرة متخصصة، مثل هارفي وروبن أيه آي، في تطوير منتجات تلبي احتياجات القطاع القانوني. وتشير تقديرات شركة بيتش بوك للتزويد ببيانات الصفقات، إلى أن سوق البرمجيات القانونية ستصل إلى 12.4 مليار دولار هذا العام، وأن تزداد بنحو 5 في المائة سنويا.
تقول كيري ويستلاند، رئيسة قسم الابتكار والتكنولوجيا القانونية في شركة المحاماة أدلشو جودارد: "لقد شهدنا ظهور كل هذه الشركات. إنه مجال مثير للاهتمام حقا حيث كان الشعور أنه تقدم بسرعة كبيرة في الأشهر العشرة الماضية. لم نتمكن من مواكبة ذلك، لكننا ما زلنا في مرحلة التعلم هذه".
قامت شركة أدلشو جودارد بمراجعة عروض الذكاء الاصطناعي المقدمة من أكثر من 70 شركة واختارت ثمانية لمشاريع تجريبية داخل الشركة، من ضمنها برامج التكنولوجيا القانونية وحلول الذكاء الاصطناعي الأخرى.
وكجزء من المشروع التجريبي، يمكن للمحامين في الشركة استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لمراجعة المستندات واستخراج تفاصيل محددة، مثل البنود، من السجلات الحالية أو لترجمة العقود المعقدة إلى لغة إنجليزية مبسطة.
مع ذلك، تقول ويستلاند إن هناك بعض العيوب في هذه التكنولوجيا، التي يمكن أن تقدم إجابات مختلفة في كل مرة يتم فيها تقديم طلب أو تكون مسهبة بشكل مفرط في استجابتها.
وهذا جزء من مشكلة أوسع تتعلق بالذكاء الاصطناعي التوليدي يتصارع معها القطاع: ميله إلى "الهلوسة" وكتابة الجمل أو المراجع كما لو كانت حقيقة.
في يونيو، تم تغريم محاميين اثنين وشركة محاماة في الولايات المتحدة بعد أن تبين أن القضايا المذكورة في المذكرة القانونية هي من اختراع تشات جي بي تي.
هناك مصدر قلق آخر وهو ما يحدث للمعلومات المدخلة في أنظمة الذكاء الاصطناعي، مثل البيانات الحساسة للعميل. تسمح شركة أدلشو جودارد لمحاميها باستخدام تشات جي بي تي، ولكن ليس للمعلومات السرية، في حين حظرت شركة المحاماة البريطانية ترافرز سميث الأداة بالكامل.
يقول شون كوران، مدير التكنولوجيا القانونية في شركة ترافرز سميث: "كان هناك مصطلح في (واجهة برمجة التطبيقات) ينص على أن البيانات الموضوعة في النظام سيتم استخدامها لتحسين الخدمات وتطويرها. لقد أدركنا خطورة إمكانية أن يضع شخص ما شيئا حساسا للغاية في هذا النموذج".
وعلى الرغم من أن المحامين في الشركة ما زالوا يجربون التكنولوجيا من خلال برنامج وأي سي إن بوت مفتوح المصدر، الذي يستخدم برامج مايكروسوفت وأوبن أيه أي المخصصة لاستخدام المؤسسات، إلا أنها لا تستخدم الذكاء الاصطناعي حاليا في بيانات العميل أو أي مهام تتعلق بالعملاء. بدلا من ذلك، تقوم باختباره لمراجعة العقود والنزاعات القضائية الوهمية. يقول كوران: "نحن نسميها الرحلة إلى الاستخدام "الأكثر أمانا"، وليس الاستخدام الآمن، لأنها رحلة مستمرة في التطور، وهناك كثير من المخاطر".
بدلا من التطبيقات "التوليدية" للتكنولوجيا، يتوقع كوران قيمة أكبر في الاستخدامات "الاستخراجية". مثلا، قد يشمل ذلك مطالبة الأداة بمراجعة عديد من رسائل البريد الإلكتروني المتضمنة في نزاع معين لتحديد أي محتوى ذي صلة بها لقضية يمكن استخدامها في حجة قانونية. ويضيف أنه سيتم تقديم مثل هذه الطلبات للعملاء خلال العام المقبل.
يقول سيجمين فروليك، مدير تكنولوجيا المعلومات في شركة نوتادوتيل للمحاماة، إن استخدام هذه التكنولوجيا "يجب أن يضيف إلى الكفاءة أو الجودة أو متعة العمل، ولكن داخليا فقط". إذ تحظر الشركة استخدام الذكاء الاصطناعي المتاح للعامة للعملاء أو العمل الداخلي وتقوم حاليا بوضع قواعد محددة لاستخدامه.
يعتقد فروليك أنه في حين أن الذكاء الاصطناعي سيغير الطريقة التي يعمل بها المحامون، إلا أن المخاوف من أن يؤدي تبنيه إلى فقدان الوظائف مبالغ فيها. ويضيف: "لقد أحدث الذكاء الاصطناعي التوليدي ضجة هائلة، التي أعتقد الآن أنها ستختفي قليلا. لا أرى في الذكاء الاصطناعي التوليدي تكنولوجيا تخلب الألباب".
مع ذلك، فإن المحامين الحريصين على اختبار برمجيات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تركز على القانون يجدون صعوبة في الحصول عليها. حيث تقول ويستلاند: "لم يسبق لي أني كنت في مكان يتعين عليك فيه التوسل إلى البائعين ليعرضوا عليك أدواتهم أو العمل معهم. سيتم إدراجك في قوائم الانتظار، أو أنهم يريدون فقط العمل مع خمس أو ست شركات لتشغيل المنتج".
تشير ويستلاند إلى أن تقييم قيمة العقود يعد مصدر قلق آخر لأن "هذه الأدوات ليست رخيصة". وتضيف: "الجميع يتحدثون عن النموذج القائم على الوقت في القانون".
"السؤال المثير جدا للاهتمام الذي سنطرحه مع العملاء، الذي يسألوننا إياه، هو: كيف تقدر العمل القانوني؟ وإذا كان بإمكاني توصيل شيء إليك في ثلاثة أيام بدلا من ثلاثة أسابيع، فهل سيكون ذلك أكثر قيمة إذا كانت لديك صفقة عاجلة وموعد نهائي؟".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES