قبل أربعة أعوام، أغرتني فكرة أن المملكة المتحدة لا بد أن تتبنى قاعدة مالية جديدة تقوم على الأصول والديون. إن إدارة المالية العامة مع طموح تحسين صافي ثروة القطاع العام جعلتني أعتقد أن الأمة يمكنها اقتراض المزيد، وإنتاج أصول ملموسة ذات قيمة، وتحسين تدهور المجال العام. وقلت إن بريطانيا لن تظل مقيدة بقاعدة الديون التعسفية.
لدعم هذه المسألة، كنت من أوائل المتبنين لها. بعد فترة وجيزة، نشر ريتشارد هيوز، الذي يرأس الآن مكتب مسؤولية الميزانية، كتيبا لمؤسسة القرار على المنوال نفسه. هذا العام، تعامل حزب العمال مع مثل هذه القاعدة المالية، "مع الأخذ في الحسبان أصول القطاع العام، فضلا عن ديون القطاع العام".
لكن بعد مرور أربعة أعوام، أدركت أنني كنت مخطئا. أنا آسف. إن قاعدة الميزانية العمومية هي مجرد نتيجة للبحث عن إجابة سهلة لمشكلة معقدة، إذ يبدو أن الخلاص يأتي في هيئة مزيد من الاقتراض والإنفاق.
فكر لبضع ثوان في مشروع HS2. ما قيمة الأصول التي ينبغي أن نكتبها في الميزانية العمومية العامة لخط السكك الحديدية فائق السرعة الذي يبدو الآن أنه من المرجح أن يعمل كوسيلة تنقل بين إحدى ضواحي لندن وبرمنجهام؟
إذا كنت تعتقد أن ذكر HS2 هو أمر بلا قيمة، يرجى أيضا النظر في قياس صافي ثروة القطاع العام نفسه. يقدر مكتب الإحصاءات الوطنية أن الخسائر بلغت 618 مليار جنيه استرليني في نهاية أغسطس من هذا العام. تجاوزت الالتزامات العامة في المملكة المتحدة قيمة الأصول. كما تفاقم العجز من 487 مليار جنيه استرليني في العام السابق، وبالتالي فإن أي قاعدة مالية لصافي القيمة ستكون في الوقت الحالي تصرخ "ارفعوا الضرائب، وخفضوا الإنفاق". كن حذرا مما ترغب فيه.
والأهم من ذلك، أن الأصل الموجود في الميزانية العمومية للقطاع العام لا تكون له قيمة إلا إذا كان من الممكن بيعه. إذا فكرنا في المدارس أو المستشفيات أو السجون أو شبكة الطرق، فلن يجد الوزراء مشترين راغبين إلا إذا سمح لهم بتحصيل رسوم مقابل استخدامها. وهذا من شأنه أن ينطوي على اضطرار الجمهور إلى دفع رسوم مقابل الخدمات التي كانت مجانية في السابق - وهو أمر قد يبدو مختلفا قليلا عن الضريبة الجديدة. وبالتالي فإن الأصول غير المالية للقطاع العام ليست خاصة. إنها الأصول الرئيسة نفسها التي تسيطر عليها أي حكومة - وهي القدرة على فرض الضرائب على المواطنين في المستقبل.
كما أن القاعدة المالية الجديدة التي تقيم الأصول والالتزامات تفشل أيضا في التعامل مع المشكلات الحقيقية التي تحدق بالبنية الأساسية العامة والمشاريع الرأسمالية في المملكة المتحدة. وتشمل هذه حلقات الوفرة والندرة للاستثمار العام، وضعف القيمة مقابل المال، والسياسيين الذين يمنحون الأولوية للمشاريع الجديدة اللامعة على الإصلاحات الأساسية. كل ما تفعله إعطاؤك ذريعة للاقتراض والاستثمار أكثر، طالما أنك لا تنظر إلى الإحصائيات الفعلية.
في حين أن الأرقام المتعلقة بجانب الأصول في الميزانية العمومية للقطاع العام مختلقة إلى حد كبير، فإن الالتزامات كلها حقيقية للغاية وتحتاج إلى إدارتها. صافي ديون القطاع العام - نحو 2.6 تريليون جنيه استرليني منه، أي ما يقارب 100 في المائة من الدخل القومي - يحتاج إلى الخدمة، وإعادة استثماره عندما ينضج، ويكون قابلا للإدارة على المدى الطويل.
يتطلب ذلك إجراء حساب مناسب للقدرة على تحمل الديون مع أخذ أسعار الفائدة المستقبلية ومعدلات النمو والاقتراض في الحسبان. هذه الأمور غير مؤكدة إلى حد كبير وحساسة للافتراضات المقدمة، ولهذا السبب لدينا هذا النوع من القواعد المالية التي نتبعها. إن ضمان عدم الاقتراض لتغطية الإنفاق الجاري واستهداف حصة تتناقص تدريجيا من الدين العام يوفر قواعد تقريبية وجاهزة قادرة على اجتياز التقييمات الأكثر صرامة للقدرة على تحمل الديون.
لا شيء من هذا يعني أننا لا نستطيع أن نستثمر المزيد لتحسين الهيكل الأساسي للمملكة المتحدة. ولكن المزيد من الإنفاق يضع حتما الموارد المالية العامة في المملكة المتحدة على مسار أقل استدامة مما هي عليه في الوقت الحاضر. لذا، فهذه قاعدة مالية جديدة. إلى أن تصبح الموارد المالية العامة أكثر صحة على نحو مستدام، فإن الاقتراحات الخاصة بالمشاريع الرأسمالية الجديدة ينبغي لها ألا تمضي قدما إلا إذا كان السياسيون على استعداد لدعمها بضرائب جديدة.

قاعدة الميزانية العمومية .. إجابة سهلة لقضية معقدة

أضف تعليق