FINANCIAL TIMES

غربلة الموظفين في الـ 4 الكبرى .. نتاج فورة التوظيف

غربلة الموظفين في الـ 4 الكبرى .. نتاج فورة التوظيف

عندما حذرت شركة ديلويت الموظفين في وقت سابق من هذا الشهر بأنها تخطط لخفض نحو 800 وظيفة في المملكة المتحدة، ألقت باللوم على تباطؤ النمو وعدم اليقين الاقتصادي.
وقد أضاف هذا التحذير إلى الشعور بالتشاؤم بشأن آفاق شركات المحاسبة الأربع الكبرى، التي تخطط ثلاث منها على الأقل لخفض بعض الوظائف وإعادة توزيعها.
لكن خفض الوظائف في الشركات الأربع الكبرى - التي تشمل أي واي، وكيه بي إم جي، وبرايس وترهاوس كوبرز، إضافة إلى ديلويت - يبرز مسألة أكثر تعقيدا من مجرد التباطؤ البسيط في النمو، وفقا لأشخاص معنيين بالأمر.
قال القائمون بالتوظيف والمحللون: إن الحاجة إلى الاستغناء عن الموظفين تعكس جزئيا التوظيف المفرط في أعقاب جائحة فيروس كورونا.
وقالوا: إن ذلك كان أيضا نتيجة لتباطؤ أعداد الموظفين الذين يغادرون الشركات الاستشارية الكبرى، حيث أدى ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة الحذر إلى تقليل الفرص الخارجية.
قال الخبراء: إن هذا يعني أن التخفيضات قد لا تعني - حتى الآن على الأقل - بدء فترة من الشؤم لفترة طويلة. قال جيمس أوداود، مؤسس شركة باتريك مورجان لاستشارات التوظيف، إن الشركات الأربع الكبرى لديها في الأساس عدد أكبر من حاجتها من الموظفين في بعض المجالات. "إن الديناميكية واضحة نسبيا: لقد أفرطوا في التوظيف".
قالت فيونا تشيرنيافسكا، الرئيسة التنفيذية لشركة سورس، والمستشارة في صناعة الخدمات المهنية، إن الفترة الحالية تشبه فترة ما بعد طفرة الدوت كوم قبل عقدين. حيث كان التحدي حينها يتمثل في التخلص من العمالة الفائضة لمواكبة الطلب الذي، على الرغم من استمراره في النمو، لم يواكب الوتيرة السريعة لتوظيف الشركات.
قالت: "السوق لا زالت تنمو. ما زال طلب العملاء على المساعدة الخارجية قويا".
قال أندرو إرينجتون توماس، الرئيس التنفيذي لشركة كونسالتينج بوينت، وهي شركة توظيف أخرى متخصصة، إن الطلب على الاستشاريين في بعض الأجزاء الأخرى من العالم لا يزال مزدهرا، ما يعني أن هناك فرصا متاحة لمن هم على استعداد للانتقال.
وقال إرينجتون توماس: "من المؤكد أن المملكة المتحدة تتخلف في مجالات أخرى، مقارنة، لنقل بالشرق الأوسط".
كان التباطؤ في الطلب في المملكة المتحدة أكثر وضوحا في بعض مجالات الممارسة من غيرها. حيث أدى كل من ارتفاع أسعار الفائدة وتنامي عدم الاستقرار الاقتصادي، على سبيل المثال، إلى انخفاض حاد في حجم نشاط الاندماج والاستحواذ، الأمر الذي أدى إلى تقليل الطلب على المتخصصين في قضايا مثل توحيد الشركات.
وفي الوقت نفسه، أظهرت بيانات من شركة كونسالتينج بوينت أن الطلب على توظيف مستشارين لوظائف الخدمات المالية ينمو بنسبة متواضعة نسبيا بلغت 13 في المائة على أساس سنوي. كما أن الطلب على استشارات الطاقة – الذي دعمه الانتقال إلى التكنولوجيات منخفضة الكربون - ينمو 35 في المائة، في حين إن النمو في الاستشارات الرقمية يبلغ 31 في المائة.
هذا يعني أن الشركات تتبنى نهجا متعقلا بدلا من النهج العشوائي لخفض الوظائف. فقد ركزت شركة أي وأي تخفيضاتها في المملكة المتحدة بالكامل على ممارساتها في مجال الخدمات المالية، قائلة إنها تخطط لخفض عدد موظفي هذا المجال البالغ عددهم 2300 موظف 5 في المائة.
قالت الشركة: "إننا نقوم باستمرار بتقييم احتياجات الموارد لأعمالنا، وفي بعض أجزاء أعمالنا، نتباحث بشأن مقترحات لمواءمة متطلبات الموارد الحالية مع طلب السوق".
لكن الشركة أضافت أنها تخطط لإيجاد ألف فرصة عمل جديدة على مدى الأعوام الخمسة المقبلة في أيرلندا الشمالية.
أكد ريتشارد هيوستن، الرئيس التنفيذي لشركة ديلويت في المملكة المتحدة، عند الإعلان عن عمليات التسريح المخطط لها، على أن الشركة تقوم "بإعادة هيكلة مستهدفة". وذكرت "فاينانشيال تايمز" سابقا، أن الشركة ستستهدف بشكل أساسي الوظائف في مجال أعمالها الاستشارية والاستشارات المالية واستشارات المخاطر.
لكن تشيرنيافسكا من شركة سورس قالت: إن التخصص المتنامي يعني أن إحدى الاستجابات التقليدية لدورات السوق – وهي نقل الأشخاص بين الممارسات – تزداد صعوبة.
قالت: "لقد أصبحت الخدمات المهنية سوقا أكثر تخصصا بكثير. لذلك لا يمكنك أن تأخذ شخصا من استشارات الموارد البشرية وتقول له: "اذهب واعمل في الأمن السيبراني".
حققت شركة كيه بي إم جي بعض النجاح في نقل المستشارين بين الممارسات، وفقا لشخص مطلع على خطط الشركة. كما أطلقت أيضا عملية تسريح مستهدفة تهدف إلى الاستغناء عن 125 موظفا – أي ما يعادل 2.3 في المائة من الموظفين الاستشاريين في المملكة المتحدة.
أضاف الشخص أن قضايا شركة كيه بي إم جي نشأت جزئيا من انخفاض "معدل تناقص الموظفين" المستشارين - وهو عدد الأشخاص الذين يغادرون الشركة كل عام. وكان هذا الانخفاض، الذي يعزوه مراقبو القطاع إلى انخفاض الخيارات البديلة للاستشاريين، قد أدى إلى نمو مفرط في أعداد الموظفين، لأن خطط التوظيف تم تصميمها حول معدلات مغادرة متوقعة أعلى.
رفضت شركة كيه بي إم جي التعليق علنا.
تظهر الأرقام الصادرة عن شركة كونسلتينج بوينت أن متوسط معدل تناقص الموظفين في الشركات الأربع الكبرى انخفض من 21 في المائة سنويا قبل أربعة أعوام إلى 18 في المائة قبل عام و19 في المائة في الوقت الحالي.
قدر أوداود من شركة باتريك مورجان، أن الانخفاض لا يزال أكثر حدة – من نطاق يبلغ نحو 30 في المائة في أعقاب الجائحة مباشرة إلى نحو 15 في المائة في الوقت الحاضر.
قال عن التأثير في إجمالي عدد الموظفين: "هذا أكثر بآلاف الأشخاص مما كانوا يعتقدون".
لكن وفقا للمراقبين، تستمر أسواق الاستشارات في النمو بشكل صحي في عديد من المجالات. وهذا يوجد خطر أن التخفيضات المفرطة قد تترك الشركات مع عدد قليل للغاية من الموظفين في حالة الانتعاش.
وأشار إيان إليوت، كبير مسؤولي الأفراد في شركة برايس وترهاوس كوبرز، إلى هذا الخطر، قائلا: إن تركيز شركته كان على "النمو المستقر والاستثمار على المدى الطويل". لا تخطط برايس ووترهاوس كوبرز في الوقت الحالي لأي تخفيضات كبيرة في الوظائف.
وقال إليوت: "يمكن أن تتغير التوقعات بسرعة، وإذا كنت تتفاعل دائما، أو تتفاعل في وقت مبكر جدا، فإنك تخاطر بالوقوع في النقص عندما يرتفع الطلب".
ورددت تشيرنيافسكا صدى وجهة نظره. قائلة إن الشركات تريد أن تكون "حذرة بشكل غير معقول" بشأن كيفية خفض أعداد المستشارين.
وأضافت: "هذه سوق يمكن أن تتعافى بسرعة كبيرة بالفعل".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES