تجربة العميل أم "الاستشاري"؟
كان سؤالي الأربعاء الماضي: ما الذي يجعل ملاك ومديرو كثير من الشركات مغيبون عن تجربة العملاء ومستويات رضاهم الحقيقية؟
الإجابة طويلة ومتشعبة لكن بعض الملاحظات قد تفيدهم إذا خرجوا من عباءة ما يقدم لهم في غرف الاجتماعات من بيانات ومؤشرات وقاموا بتجربة التعامل بأنفسهم، أي اتصلوا شخصيا بممثل خدمة العملاء، أو قاموا بأنفسهم بمحاولة الحصول على حقوقهم في الضمان والصيانة لجهاز أو سيارة، أو حتى لحقوقهم في خدمة معينة في أي مجال ورسومها أو مزاياها المفترضة.
الشركات يجب أن تتصرف بمسؤولية وذكاء تجاه عملائها، ويجب أن يرتكز تحمل هذه المسؤولية على الواقع المعاش للعميل وليس على تقارير بعض الشركات الاستشارية التي تقدم خدمات استبيان رضا العملاء وما في حكمها.
بعض ملاك أو مدراء الشركات بات اليوم يعتمد على مؤشرات تجربة العملاء مثل NPS وCES وCSAT وغيرها مما تقدمه الشركات الاستشارية أو تلك التي تدعي التخصص في تجارب العملاء، بينما ما يجب فعله هو الدخول في مستوى أكثر تفصيلا لتحليل البيانات وعدم الاكتفاء بقيم المؤشرات، ثم الذهاب إلى أرض الواقع، أرض مركز الصيانة، أو الفرع، أو حتى مركز خدمة العملاء للاستماع للمكالمات التي وافق العميل سلفا على تسجيلها لأغراض "التقييم وتحسين الجودة".
الاستبيانات التي تقدمها الشركات الاستشارية تهدف في الأغلب إلى إنتاج "تقرير" أكثر من كونها تتعلق بالتجربة الحقيقية وتغيير سلوك الشركة وموظفيها لتحقيق رضا العميل، وخمن ماذا؟ تستمر بعض الشركات في تقديم هذه الخدمة بمقابل طالما أن أرقام المؤشرات ترتفع كل عام فيتحسن وضع المدير أمام المالك أو أمام مجلس الإدارة ويضاف الرقم سنويا إلى تقارير أدائه.
ما يعرفه علماء الإحصاء وعلم النفس أن بعض الاستبيانات ـ حتى لا أعمم ـ تستخدم ما اصطلح على تسميته "الأنماط الخفية" عند إعداد الأسئلة وخيارات الإجابة عليها لتوجيه العميل المستفتى إلى إجابات معينة، ورغم ذلك فإن خبراء تجربة العميل الحقيقيون الباحثون عن النجاح الفعلي يعترفون بأن معدل الإجابة عن استبيانات رضا العملاء منخفض، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على نتائجها، ويعلمون أنه يتم التلاعب بالنتائج في بعض الأحيان من بعض الشركات الاستشارية.
"إقفال" الطلب أو البلاغ لأن ممثل خدمة العملاء على الهاتف أو "الواتس" أحاله إلى الإدارة المختصة ليس رقما يضاف إلى نجاح التجربة، التجربة تقاس بما يتحقق فعليا للعميل على أرض الواقع، الأرض التي يجب على أصحاب الأعمال ومديريها زيارتها واقعيا لا افتراضيا.