اقترب الشتاء .. فهل عاد كوفيد؟

اقترب الشتاء .. فهل عاد كوفيد؟

يحذر العلماء من أن العالم أصبح عرضة لموجة خطيرة من عدوى فيروسات كورونا وذلك بعد زيادة في الحالات الناجمة عن متغيرات أوميكرون الجديدة خلال الصيف.
ومع عودة العاملين من العطلات وعودة الأطفال إلى المدرسة، تستعد الحكومات والمنظمون وصانعو اللقاحات لموسم لقاحات معززة ضد كوفيد - 19 في الخريف، حيث يقومون بتعديل اللقاحات كي تتوافق مع المتغيرات الأكثر انتشارا واستهداف المواطنين الأكثر ضعفا بالتزامن مع حملات التطعيم ضد الإنفلونزا.
ومع انخفاض معدلات الإدخال إلى المستشفيات لكنها آخذة في الارتفاع الآن، قال الخبراء: إن فيروس كوفيد - 19 لا يمكن علاجه بعد باعتباره فيروسا موسميا مثل الإنفلونزا.
وقد حذرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها الأسبوع الماضي من أن المتحور الفرعي الجديد، بي أيه. 2.86، قد يكون أكثر قدرة على التسبب في العدوى لدى الأشخاص الذين أصيبوا سابقا بفيروس كوفيد أو تم تطعيمهم ضده، وحث الضعفاء منهم على ارتداء الكمامات الواقية في الأماكن العامة.
وقالت أنجيلا راسموسن، عالمة الفيروسات في جامعة ساسكاتشوان في كندا: "كل التوقعات غير موثوقة" إذا ظهر متغير أكثر قابلية للانتقال من أوميكرون، وهو السلالة السائدة للفيروس منذ ما يقارب عامين.
أضافت: "ستبدأ في رؤية حالات متزايدة أينما كان هناك عدد جيد من السكان المعرضين للإصابة، وليس بالضرورة في فصل الشتاء فقط عندما تكون الظروف موائمة جدا لانتقال العدوى. لم نر نهاية هذا الفيروس. سـ(يستمر) في اكتساب الطفرات وهذا له نتائج لا يمكن التنبؤ بها".
هل أصبح فيروس كوفيد مرضا شتويا؟
في الشتاء الماضي، بلغت الإصابات بكوفيد ذروتها في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، قبل أن تنخفض في فصلي الربيع والصيف. لكن الخبراء يحذرون من أنه من السابق لأوانه التوقع أن يتبع المرض نمط التهابات الجهاز التنفسي الأخرى.
وقال آدم كوتشارسكي، أستاذ الأمراض الوبائية المعدية في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إنه كان هناك نمط "مستقر بشكل مدهش" العام الماضي، لكنه قال محذرا: "لا أعتقد أن هذا سبب تلقائي للتوقع بوصول كوفيد إلى ذروته في أواخر ديسمبر مرة أخرى. ومن المعقول أن تكون هناك عدة ذروات أصغر في فصل الشتاء".
يزداد انتقال العدوى مع اختلاط الناس في الأماكن المغلقة في الشتاء، ولكن في المناخات الأكثر دفئا مثل الولايات الجنوبية الأمريكية، يمكن أن ترتفع أيضا خلال فصل الصيف حيث يتجمع الناس في الأماكن المغلقة لتجنب الأجواء الحارة.
وقال كوتشارسكي: إنه في فترة 2020 و2021، قبل طرح اللقاحات على نطاق واسع، إذا بدا أن إحدى السلالات كانت "سيئة هنا، فستكون سيئة في كل مكان". وأضاف أنه الآن وبعد تعرض مجموعات سكانية مختلفة لسلالات متنوعة، فقد أصبح من الصعب التنبؤ بخطورة المتغيرات الجديدة أثناء عبورها إلى مناطق جديدة.
هل سيظهر متغير جديد قوي؟
في حين إن اهتمام السياسيين تحول إلى التعافي الاقتصادي من الجائحة، لا يزال عديد من العلماء يعتقدون أن هناك فرصة كبيرة لظهور متغير قوي بما يكفي للتهرب من التحصينات الحالية للسكان.
وقال إريك توبول، مدير معهد سكريبس للأبحاث الانتقالية في سان دييجو، إنه ليس من الواضح مدى قابلية انتقال متحور بي أيه.2.86 ولم يوضح صانعو اللقاحات حتى الآن ما إذا كانت لقاحاتهم المعدلة يمكن أن تعالج السلالة الأخيرة، لكن توبول حذر من أن الجرعات المعززة قد لا تساعد كثيرا، لأنه شهد 30 طفرة.
وقبل ظهور أحدث المتغيرات الفرعية مثل بي أيه. 2.86 وأي جي. 5.1 وإف إل. 1.5قام توبول باستطلاع شمل عشرة خبراء حول احتمال وقوع "حدث آخر يشبه أوميكرون" حيث يخضع الفيروس "لتطور مفرط في السرعة"، على الأرجح في شخص مصاب يعاني نقص المناعة.
وتم تقدير متوسط احتمال وقوع هذا الحدث بحلول 2025 بنسبة 10 إلى 20 في المائة، حيث قدر أحد الخبراء فرص حدوث ذلك بنسبة 38 في المائة.
وقال توبول: "الخطر كبير جدا بحيث لا يمكنك أن تتجاهله".
هل اللقاحات الجديدة جاهزة؟
سيتم تقديم جرعات معززة لكبار السن والضعفاء في عديد من البلدان هذا الخريف. وقد اتبع المصنعون نصيحة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية من أجل تحديث الجرعات للحماية من المتغير الفرعي السائد من أوميكرون إكس بي بي..1.5 وعلى عكس العام الماضي، عندما استهدفت بعض اللقاحات متغيرين اثنين، أوصت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بضرورة التركيز على هذا المتغير.
وقالت هيئة تنظيم الأدوية في الاتحاد الأوروبي: إن استهداف إكس بي بي.1.5 سيكون "خيارا معقولا"، ولكنها منفتحة على الجرعات التي تحتوي على سلالات إكس بي بي الأخرى.
ستستخدم الحملات إلى حد كبير الجرعات المستندة إلى الحمض النووي الريبي المرسال (آر إن أيه) من شركة بيو إنتيك وفايزر وشركة موديرنا، حيث تهدف فايزر إلى توفير أحدث جرعة معززة لديها في الوقت نفسه الذي تتوافر فيه لقاحات الإنفلونزا المحدثة – في أواخر سبتمبر أو أوائل أكتوبر، لتسليم الجرعات المستحقة بموجب العقود الحالية.
تتوقع شركة موديرنا أن تبيع ما بين 50 إلى 100 مليون جرعة في الولايات المتحدة وستزود المملكة المتحدة بها في وقت مشابه، لكنها لا تزال في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.
ويستمر العمل على لقاحات شاملة لفيروس كورونا، لكن علماء المناعة قالوا: إنه من الصعب إجراء تجارب للحصول على لقاح مصمم لمعالجة عديد من مصادر أمراض الجهاز التنفسي عندما يكون فيروس سارس-كوف-2 هو الفيروس الأكثر انتشارا إلى حد بعيد.
كيف سنعرف ما إذا كانت المعدلات سترتفع بشكل كبير؟
قامت الحكومات بتفكيك جزء كبير من البنية التحتية لاختبار فيروس كوفيد التي كانت تتعقب العدوى. قال توبول من معهد سكريبس: إن الهيئات الصحية لن تعرف إذا كانت هناك زيادة إلا إذا تسبب متغير جديد في ظهور أعراض شديدة للإصابة بكوفيد.
وتأتي الزيادات في حالات دخول المستشفى والوفيات بعد أسابيع من بدء معدلات الإصابة في الارتفاع، ففي المملكة المتحدة، ارتفعت معدلات دخول المستشفيات بسبب كوفيد في الأسبوع المنتهي حتى 17 أغسطس، من 1.97 إلى 3 لكل 100 ألف شخص، في حين ارتفعت الوفيات 35 في المائة في الأيام السبعة حتى 24 أغسطس.
وفي الولايات المتحدة، أبلغ مركز السيطرة على الأمراض عن ارتفاع 19 في المائة في حالات دخول المستشفيات وزيادة 21.4 في المائة في الوفيات في الأسبوع المنتهي في 19 أغسطس.
وينظر علماء الأوبئة أيضا في أشكال أكثر سلبية لجمع البيانات، مثل تتبع انتشار الفيروس في مياه الصرف الصحي. إذ يقوم مركز السيطرة على الأمراض بجمع عينات من مراحيض الطائرات لتعزيز الكشف المبكر عن المتغيرات الجديدة التي تدخل البلاد.
هل تحسنت علاجات كوفيد؟
قال أميش أدالجا، أخصائي الأمراض المعدية وكبير الباحثين في جامعة جونز هوبكنز، إن رعاية معظم مرضى كوفيد الداخليين أصبحت روتينية للغاية بحيث يمكن أن تتعامل أقسام المستشفى العامة معها. وقال: "إن الأمر أصبح أكثر قابلية للإدارة مما كان عليه في السابق".
لكن الأطباء ما زالوا يرحبون بتوافر أدوية أفضل، خاصة المنتجات التي لا تتفاعل مع الأدوية الأخرى. حيث لا يمكن تناول باكسلوفيد، وهو مضاد للفيروسات من شركة فايزر، في الوقت نفسه مع عديد من الأدوية، بما في ذلك أدوية أمراض القلب. وقد تم تقديم دواء جديد مضاد للفيروسات من شركة شيونوجي اليابانية للأدوية إلى الهيئة التنظيمية الأمريكية.
مع ذلك، توقعت شركة فايزر انخفاضا حادا في مبيعات باكسلوفيد هذا العام، إذ لا يقوم عديد من الأشخاص المصابين بالتهابات الجهاز التنفسي بإجراء اختبارات لمعرفة ما إذا كانوا مصابين بكوفيد، لذلك يصعب عليهم الوصول إلى الدواء في غضون خمسة أيام من ظهور الأعراض، كما هو مطلوب.
تخشى راسموسن من جامعة ساسكاتشوان أن يكون الناس "سئموا من كوفيد"، ما يجعل تتبع الحالات وعلاج المرضى وتطعيم الضعفاء أكثر صعوبة. قالت: "تماما مثل الإنفلونزا الموسمية، سيستمر كوفيد بالفتك بكثير من الناس. سيؤذي كثيرا من الناس على المدى الطويل مع أعراض كوفيد طويل الأمد، ولن يهتم الناس به".

الأكثر قراءة