ما هو تعويم العملة؟

ما هو تعويم العملة؟

سعر الصرف العائم أو كما يطلق عليه تعويم العملة هو التخلي عن سعر صرف عملة ما من خلال معادلتها مع عملات أخرى ليصير محررا تماما، دون تدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده مباشرة.

بحيث إنه ينشأ تلقائيا بناء على آلية العرض والطلب في سوق العملات النقدية والذي يتم من خلاله تحديد سعر صرف العملة المحلية في مقابل العملات الأجنبية، وتظل أسعار صرف العملة العائمة تتغير باستمرار وفق تغيرات العرض والطلب على العملات الأجنبية بالشكل الذي قد يجعلها تتغير عدة مرات على مدار اليوم الواحد.

ويعني التعويم بمعناه البسيط، عدم تحديد سعر عملة دولة معينة وتركه يتحرك ويتغير أمام العملات الرئيسة وفقا لنسبة العرض والطلب. بحيث يؤدي ازدياد الطلب على العملة إلى ارتفاع سعرها والعكس صحيح.

ومن هنا فإن البنوك المركزية لا تستهدف سعر معين لعملاتها المحلية عند اتباعها لنهج التعويم المطلق، بل إن سعر العملة هنا يكون شبيها بسعر الذهب والمعادن الأخرى الذي يخضع إلى التغيير اليومي في الأسواق العالمية، حتى أنه قد يتغير من ساعة لأخرى.

وأصيحت كلمة التعويم شاملة لرجل الشارع العادي دون التقيد بالمصارف المركزية والعاملين بإدارة السياسة النقدية وخبراء المال والاقتصاد والبنوك، وتحديدا في المناطق التي تعاني أزمات اقتصادية أو سياسية، حيث تشرع عن البنوك المركزية في الدول التي تعاني تطبيق نهج تعويم العملة بعد عجزها عن إيقاف التدهور المستمر بعملاتها أمام الدولار.

أنواع تعويم العملة

التعويم الخالص: أو كما يطلق عليه التعويم الحر، وهو الحرية التامة لتغيير وتحديد سعر الصرف مع مرور الوقت وفق آلية العرض والطلب وقوى السوق دون تدخل الدولة في شيء سوى أن تتدخل السلطات النقدية للتأثير على سرعة تغير سعر الصرف فقط دون أن تتدخل في الحد من ذلك التغيير.

ويتم اتباع ذلك النهج الحر لتعويم العملة في بعض البلدان المتقدمة ذات النظام الرأسمالي الصناعي، مثل الجنيه الاسترليني، الفرنك السويسري والدولار الأمريكي.

التعويم الموجه: أو كما يطلق عليه التعويم المدار، وهو حرية تحديد سعر الصرف وفق آلية العرض والطلب وقوى السوق. وتتدخل الدولة في هذا النوع من أنواع التعويم عبر مصرفها المركزي عند الحاجة إلى توجيه سعر الصرف في اتجاهات محددة مقابل باقي العملات.

بحيث يتم هذا الأمر كاستجابة لبعض المؤشرات التي تشمل معدل الفجوة بين العرض والطلب في سوق صرف العملات، التطورات التي تطرأ على أسواق سعر الصرف المماثلة والمستويات الآجلة والفورية لأسعار صرف العملات. ويتم اتباع هذا النهج الموجه لتعويم العملة في بعض البلدان ذات النظام الرأسمالي إلى جانب بعض البلدان النامية التي يرتبط سعر صرف عملتها بالجنيه الإسترليني، الفرنك الفرنسي (سابقا) أو الدولار الأمريكي أو حتى بسلة من العملات.

وقد أدت التطورات الاقتصادية والسياسية في أوائل فترة الستينيات من القرن الماضي إلى بيان ما آل إليه نظام النقد الدولي المبني على اتفاقية بريتون وودز التي تعتمد نظام ثبات أسعار الصرف التي تستند على الدولار الأمريكي الذي يتسم بقابليته للتحويل إلى ذهب دون حدوث تغيير للسعر.

إذ أنه لم يعد يتمكن من ضبط التغيرات الكبيرة المستمرة في أسعار صرف العملات في الدول المشاركة في الاتفاقية، لذلك، وبعد انهيار هذه الاتفاقية، بدأ التفكير في تعويم العملة حيث أدت اتفاقية سيمشونيان التي أبرمت عام 1971 إلى تعزيز ذلك الأمر،فزاد سعر أوقية الذهب حتى وصل إلى 38 دولار.

ويوجد اليوم في عدد الدول مايسمى بميزان المدفوعات يسجل تعاملات الدولة مع كل دول العالم، وبه شقان الأول ميزان المعاملات الجارية ويمثل الصادرات والواردات والسلع والخدمات وفوايد الدين الخارجي وتحويل الأرباح للشركة الأم وتحويلات العاملين بالحكومة والإعانات الحكومية.

أما الثاني فهو ميزان معاملات رأسمالية ومالية ويعنى بالاستثمار في الأسهم والسندات خارج الدولة والاستثمار الأجنبي والقروض من الخارج، ويرى البعض أن التعويم هو الحل الأمثل في تدهور السوق المالية للدول الناشئة شريطة اتخاذ اجراءات جذرية تفاديا لانفلات سعر الصرف.

حالة ارتفاع سعر صرف العملة مقابل بقية العملات أي ارتفاع معادلتها مع العملات الأجنبية، فإن هذا الأمر له تأثير سلبي على حركة الصادرات نظرا لكون أسعار السلع المحلية ستصبح مرتفعة للمستوردين الأجانب، فينخفض الطلب عليها.

وفي حالة انخفاض سعر صرف العملة مقابل العملات الأخرى أي انخفاض سعر تعادلها مع العملات الأجنبية، فإن هذا الأمر ينتج عنه تراجع حجم الواردات وارتفاع شأن العملة المصنعة محليا.

وييكمن خطر تعويم العملات في إمكانية التأثير على قيمة النقد المحلي، سواء كان ذلك بالانخفاض أو الارتفاع الأمر الذي ينتج عنه عدم ثبات الأسعار، فضلا عن تأثيرها الكبير على كل من النمو الاقتصادي والتجارة الخارجية، والموازنة العامة للدولة ككل، نظرا لكون معدل ارتفاع سعر العملة يكون متعادل مع العملات الأجنبية، فهذا يؤثر بالسلب على حركة الصادرات بسبب ارتفاع سعر الصرف المحلي، فيكون الطلب عليه منخفض.

وتشمل السلبيات أيضا انخفاض قيمة الثروات النقدية بالعملة المحلية (تآكل الودائع المقومة بالعملة المحلية)، بجانب ارتفاع فاتورة سداد الديون الخارجية للدولة.
يلجأ العديد من رؤساء الأموال المحلية إلى الاستثمار بالخارج، نظرا لتوفر فرصة استبدال توحيد العملة والذي يكون بعدد أكبر من وحدات العملة الأجنبية، وهذا الأمر يؤثر سلبا على ميزان مدفوعات الدولة.

التأثير السلبي على الصناعة المحلية، ما ينتج عنه التباطؤ في النمو الاقتصادي وتراجع الإنتاج ومن ثم زيادة مشكلة البطالة،  تصاعد التضخم وتراجع الإنتاج وخاصة في البلدان النامية، مثل المكسيك والأرجنتين.

و تؤكد تقارير صندوق النقد الدولي أن البلدان التي تتسم أهدافها التضخمية بدرجة جيدة من الثبات، تعتمد على مرونة سعر الصرف لتخفيف الضغوط الخارجية، حيث يمكن لأسعار الصرف المرنة، أن تكون بمثابة أداة مفيدة لامتصاص الصدمات، في مواجهة تقلب تدفقات رؤوس الأموال.

وأشار الصندوق كذلك إلى أن هذه الآلية لا تحقق الوقاية الكافية في كل الأحوال، ولا سيما حين تتعطل إمكانية النفاذ إلى أسواق رأس المال العالمية، أو يكون عمق الأسواق محدودا، التدخل في سوق الصرف الأجنبي، كان ضمن أدوات سياسات البنوك المركزية المكملة لسياسة سعر الفائدة، عند التعامل مع تدفقات رؤوس الأموال".، بحسب الصندوق، ويصر الصندوق دائما  أن هذه المناهج المتنوعة قد استخدمت أيضا أثناء أزمة كورونا، مع فروق كبيرة بين استجابات البلدان.

سمات

الأكثر قراءة