إضراب المشترين .. هل تلحق المملكة المتحدة بحفل سوق الأسهم؟

إضراب المشترين .. هل تلحق المملكة المتحدة بحفل سوق الأسهم؟

فوتت المملكة المتحدة حفل سوق الأسهم هذا العام، ولكنها قد تلحق به إلى حد ما.
حتى الآن، لم تكن المملكة المتحدة أبدا على قائمة المدعوين، حيث كان أداؤها ضعيفا وبالكاد حققت عوائد إيجابية بينما شهدت معظم مؤشرات الأسهم الوطنية الكبيرة في الدول الأخرى نموا قويا. من المؤكد أن تحويل مؤشر فاينانشيال تايمز 100 إلى دولارات يعد أكثر إغراء بشكل ملحوظ، خاصة بعد انخفاض الجنيه الاسترليني الأسبوع الماضي. لكن حتى مع ذلك، المملكة المتحدة تتخلف بشوط طويل عن مؤشرات الأسهم الأخرى في الولايات المتحدة وأوروبا ومعظم آسيا.
أشار هارجريفز لانسداون في وقت سابق من هذا الشهر إلى أن الأسواق الأخرى "تفوقت" على المملكة المتحدة بعد أداء جيد نسبيا في 2022.
يشكك كبار المستثمرين في الارتفاع العالمي في الأسهم هذا العام، لكن المملكة المتحدة لا تزال صامدة. يظهر الاستطلاع الذي يجريه بنك أوف أمريكا عادة لمديري الصناديق أن صافي 21 في المائة من مديري الأموال يديرون مخصصات للأسهم البريطانية أقل مما تشير إليه المعايير القياسية. وهذا كبير. بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فإن النسبة المئوية الصافية للتخصيص المنخفض من الأسهم البريطانية هي أكثر تواضعا عند 10 في المائة وفي منطقة اليورو 1 في المائة فقط. لذلك، على الرغم من أن الأسهم البريطانية رخيصة - نسبة السعر إلى الأرباح التي تبلغ 9.7 تقابلها 13 في منطقة اليورو وبشكل صادم 24 في الولايات المتحدة - فإن المستثمرين العالميين لم يظهروا اهتماما بها.
وصف جولدمان ساكس الأسهم البريطانية بأنها تعاني "إضراب المشترين" - ربما توافقا مع الحالة العامة، نظرا إلى الإضرابات الصناعية المستمرة في البلاد من المعلمين والممرضين وموظفي النقل. ويشير البنك إلى أنه في الربع الأول من هذا العام، "تمت جميع عمليات الشراء الصافية للأسهم البريطانية من الشركات نفسها" من خلال عمليات إعادة الشراء، مثلا.
في الوقت نفسه، كان المستثمرون الأجانب والصناديق المحلية بمختلف أنواعها "بائعين صافين"، حتى إن لم يكن ذلك بحجم ضخم. قال البنك إن طموحات الحكومة بتنشيط الأسواق لاقت قبولا حسنا على نطاق واسع، لكن توليد الطلب المحلي على الأسهم البريطانية من كبار المستثمرين سيكون صعبا، ومن المرجح أن تستخدم الأسر أي أموال احتياطية تملكها لملء حسابات الودائع الجديدة والمربحة بدلا من الرهان على الأسهم.
إضافة إلى ذلك، لا يزال مديرو الصناديق متشائمين بشأن آفاق الاقتصاد البريطاني، ويرجع ذلك أساسا إلى ولع أصحاب المنازل بالرهون العقارية قصيرة الأجل ذات سعر الفائدة الثابت. ولا تزال آلاف الأسر متمسكة بالرهن العقاري بمعدل فائدة يبلغ 1.5 في المائة التي ستتحول إلى رهون عقارية بنسبة فائدة ضخمة تبلغ 5 أو 6 في المائة في الأشهر المقبلة. مع تأخر ظهور آثار السياسة النقدية، سيكون ذلك طويلا ومتغيرا ومؤلما، حسب تجربتي الشخصية.
مع ذلك، من المنطقي أن نصبح أكثر تفاؤلا إلى حد ما بشأن الأسهم البريطانية. أحد أسباب ذلك هو أن الاقتصاد نفسه ليس المؤثر الرئيس في أداء الأسهم البريطانية. قال كريستيان أبويد، رئيس قسم توزيع الأصول في شركة لومبارد أودييه، "نرى شيئا منفصلا بعض الشيء عن الاقتصاد الكلي. هناك تغيرات في أسعار الفائدة وفي الرهون العقارية (...) لكن سوق الأسهم غير مرتبطة بالاقتصاد المحلي". كما قال إن بعض القطاعات في المملكة المتحدة مثل صناعة الأدوية تقدم فرصا محتملة جيدة.
أما السبب الآخر والكبير ذو الصلة فهو بيانات التضخم الأخيرة التي صدرت الأسبوع الماضي. معدل التضخم لا يزال مرتفعا للغاية - إذ بلغ معدلا سنويا قدره 7.9 في المائة في حزيران (يونيو)، وهو أعلى بكثير من هدف بنك إنجلترا البالغ 2 في المائة. لكن هذا يمثل انخفاضا هائلا وغير متوقع من معدل 8.7 في المائة الشهر السابق. لا يستحق الأمر أبدا الانجراف وراء إصدار واحد فقط من البيانات، ولكن من المعقول أن نأمل في أن أسوأ ما في التضخم قد أصبح وراءنا - ومن هنا جاء الانخفاض الكبير في عوائد السندات الحكومية البريطانية الأسبوع ما قبل الماضي والارتفاع في أسهم شركات بناء المساكن. وهو ما ساعد الأسهم البريطانية على الخروج بواحد من أفضل أسابيعها منذ 2020، بما في ذلك مكاسب تبلغ 3 في المائة في مؤشر فاينانشيال تايمز 100.
بالنسبة إلى الأسهم، كان التأثير المهم حقا لبيانات التضخم الأقل حدة هو انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني 1 في المائة تقريبا - وهو المحفز لسوق المملكة المتحدة. تذكر أنه عندما انخفض الجنيه الاسترليني في 2016 بعد استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كسب مؤشر فاينانشال تايمز 25 في المائة مع نهاية ذلك العام.
أشارت كارولين سيمونز، كبيرة مسؤولي الاستثمار في المملكة المتحدة في شركة يو بي إس ويلث مانيجمنت، إلى أن أقل من ثلث جميع الإيرادات في مؤشر فاينانشال تايمز 100 تأتي من داخل المملكة المتحدة، لذلك الجنيه الاسترليني القوي يمثل عائقا كبيرا. "بشكل تقريبي للغاية، يمكن أن تؤدي زيادة الجنيه الاسترليني 10 في المائة إلى انخفاض 7 في المائة في أرباح مؤشر فاينانشال تايمز 100"، كما قالت.
يعد توقع اتجاه العملات أمرا لا طائل منه، ولكن يبدو من المعقول أن تنتظرنا فترة مهمة يضعف فيها الجنيه الاسترليني، إما لأن معدل التضخم سيعوم في مستويات أدنى، ما يخفف الضغط عن بنك إنجلترا للدفع بأسعار الفائدة إلى أبعد من 6 في المائة، وإما لأن البنك يدفع البلاد نحو وضع مؤلم جدا.
أدى الانخفاض غير المتوقع في التضخم إلى "إعادة التفكير بعض الشيء في عدد الزيادات في أسعار الفائدة التي سيفرضها بنك إنجلترا على المقترضين"، كما كتب كت جوكس، المحلل في بنك سوسيتيه جنرال. "كان رد فعل الجنيه الاسترليني هو الانخفاض الحاد، ما دفع بالتساؤل فورا عما إذا كان البنك المركزي قد شدد أكثر من اللازم وأن الاقتصاد يتجه نحو تدهور حاد".
هذه فكرة واقعية، ولكنها ليست بالضرورة سببا يدعو إلى الابتعاد عن الأسهم البريطانية. من الممكن أن ينتهي إضراب المشترين على مؤشر فاينانشال تايمز قبل أن تبدأ الأمور في العودة إلى مجراها الطبيعي.

سمات

الأكثر قراءة