التضخم بحاجة إلى زيادة الضرائب على الأثرياء

التضخم بحاجة إلى زيادة الضرائب على الأثرياء

أسعار الفائدة آخذة في الارتفاع، ومعدلات الرهن العقاري تتضاعف، وفي بريطانيا على الأقل، الآراء منقسمة. هل يعاني حملة الرهون العقارية بشكل هائل أم غير كاف؟ السياسيون قلقون بشأن الأسر التي تعاني ضغوط السداد. في غضون ذلك، يشعر بنك إنجلترا بالقلق من أن كثيرا من مالكي المنازل محميون برهون عقارية طويلة الأجل ومحددة المدة - لذلك لا يمكن للسياسة النقدية أن تخفض التضخم بسرعة.
تقول كيت باركر، الخبيرة الاقتصادية التي كانت عضوا في لجنة السياسة النقدية في البنك بين 2001 و2010، "الحقيقة أن الألم موزع بشكل سيئ نوعا ما. إذ إن الأشخاص الذين سيعانون الألم مبكرا هم الذين تنتهي آجال قروضهم العقارية مبكرا. وهناك ألم في سوق الإيجارات".
وتضيف، "سيكون من غير المنطقي لأي حكومة أن توقف هذا الألم تماما - "وإلا فلن يكون هناك زخم من السياسة النقدية".
كانت باركر مناصرة قوية لسياسة إسكان أكثر توازنا منذ أن كتبت تقريرا مؤثرا في 2004 دعا إلى مزيد من المنازل الجديدة. ولا تتوقع باركر أن تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى انخفاض حاد في أسعار المساكن، مستشهدة بانتشار الرهون العقارية محددة المدة، وتبني البنوك للتسامح، وانخفاض معدل البطالة.
وعوضا عن ذلك سيكون التأثير في أسعار المنازل خفيفا نسبيا، مع بقاء عدد المبيعات منخفضا إلى حد ما. قد تتحسن آفاق المشترين لأول مرة على المدى المتوسط، حيث يمنع النمو المنخفض أسعار المنازل من الانتعاش.
بحسب باركر، فإنه في أوائل التسعينيات الميلادية من القرن الماضي كانت هناك فترة طويلة جدا لم تتحرك فيها الأسعار كثيرا "قد ندخل فترة أخرى من هذا القبيل". وتقول، "في مثل هذا السيناريو، سترتفع أسعار المساكن قليلا من حيث القيمة الاسمية، لكنها ستنخفض بالنسبة إلى الأرباح. ستكون تلك نتيجة جيدة".
لكن الصورة الأوسع مخيبة للآمال. لقد وصلت بريطانيا إلى نهاية أكثر من عقد من أسعار الفائدة المنخفضة مع القليل من الأشياء المرضية. لم تقترض الحكومة بثمن بخس لبناء مساكن وفيرة، هدفها المتمثل في إنشاء 300 ألف منزل جديد سنويا لم يتحقق قط، وهو الآن مجرد "طموح".
وستتطلب المشاريع، من شبكة السكك الحديدية "إتش إس 2 " إلى عزل المنازل، عقودا من الاستثمار. وطلب من شركات المياه إيجاد 56 مليار جنيه استرليني لتقليل فيضان مياه الصرف الصحي، وذلك بالتزامن مع زيادة تكلفة رأس المال.
ترى باركر، "بعد فوات الأوان، كانت فرصة كبيرة ضائعة. كانت إحدى الصعوبات أنه رغم أننا نعلم الآن أن أسعار الفائدة كانت منخفضة لمدة عشرة أعوام، إلا أنها لم تكن كذلك في 2012. ظن الناس أن الاقتراض قد يصبح أكثر تكلفة".
عندما غادرت باركر لجنة السياسة النقدية في 2010، تجادلت مع محافظ البنك آنذاك ميرفين كينج حول ما إذا كانت أسعار الفائدة المنخفضة والتيسير الكمي كافيين لتحفيز الاقتصاد. كان المحافظ يعتقد أنهما كافيان، وكان لديها شكوك في ذلك. كان الافتراض الكامن وراء استقلال بنك إنجلترا أن الاقتصاد سيمر "بدورات صغيرة"، والتي يمكن أن تسخرها لجنة السياسة النقدية. وتوضح باركر، "لكن عندما تتعرض لصدمة كبيرة حقا عليك أحيانا أن تقول، ينبغي ألا تؤثر السياسات المالية والنقدية كلها؟".
وتضيف، "لقد نسبنا كثيرا من القوة للسياسة النقدية. يمكنك المجادلة بأن الشيء نفسه يحدث اليوم. إننا نطلب من السياسة النقدية أن تقوم بكل العمل".
تعهد رئيس وزراء المملكة المتحدة ريشي سوناك بخفض التضخم إلى النصف هذا العام، لكن استراتيجيته كانت إلى حد كبير السماح لبنك إنجلترا بالتصرف. بدورها تطالب باركر، "يجب أن نقوم بمزيد من العمل لإخراج التضخم عبر زيادة الضرائب على الأثرياء". أي ضرائب؟ "ضريبة الدخل، ويمكنك أن تقول إن هذا لن يكون إلى الأبد".
قد تكون الزيادات الضريبية غير مستساغة سياسيا. لكن الوقت الذي قضته باركر في دراسة الإسكان جعلها على دراية بتحديد الشعارات غير الفاعلة في المملكة المتحدة، الافتقار إلى ضريبة أرباح رأس المال على المنازل الرئيسة للناس، والنطاقات المشوهة للرسوم الضريبية، و"الرمز" الزائف للحزام الأخضر. وهنا توضح باركر أنه "أحيانا عليك فقط أن تستمر في قول شيء لا يحظى بشعبية سياسية لفترة طويلة جدا - أطول بكثير مما تعتقد - قبل أن يطبقه أي شخص".
تقول باركر، 65 عاما، إنها أصبحت خبيرة اقتصادية لسببين، أولا، تزامنت المستويات العادية الخاصة بها مع صدمة النفط في 1973، وأرادت أن تفهم ما حدث. ثانيا، كانت متشوقة للانتقال من مدرستها المخصصة للبنات فقط إلى كلية المرحلة السادسة المختلطة "ولم يقوموا بتدريس الاقتصاد في المدرسة المخصصة للبنات".
عملت باركر في شركة فورد لمدة تسعة أعوام، وأعجبت بالارتباط المباشر بين التحليل الاقتصادي وما حدث في مصانع السيارات، "عندما كنا نقوم بتغيير التوقعات، كانت الأمور تتغير". كانت أقل سعادة في ممارسة الضغط في اتحاد الصناعات البريطانية، هل مسموح لك أن تقول إنك عملت في اتحاد الصناعات البريطانية؟، حيث كان الارتباط بالتغيرات الاقتصادية الحقيقية أقل وضوحا.
وعملت في مجالس إدارة شركة يوركشاير بلدينج سوسيتي وشركة بناء المنازل تايلور ويمبي. تقول، "كنت محظوظة لأنني كنت امرأة في الوقت المناسب، في الوقت الذي أراد فيه الناس توظيف النساء. عليك أن تقوم بعمل معقول عندما تكون هناك، لكن بصراحة فتح هذا الأمر الأبواب لي".
أدت مراجعتها للإسكان في 2004، بتكليف من حكومة توني بلير، إلى بعض الجهود المرحب بها، بما في ذلك مزيد من الإسكان الاجتماعي الجديد. ثم قام رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون بوضع إطار وطني مبسط بشكل مفيد. ومع ذلك، فإن تحركه لتوطين التخطيط جعل بناء الأشياء أكثر صعوبة. تقول، "فقدنا هذه القدرة على النظر إلى الخريطة والقول أين يكون من المنطقي التوسع في هذه المنطقة الكبيرة جدا".
وتضيف، "لنفترض أنك سلطة محلية اليوم، ولديك قطعة أرض زراعية، وقال أحدهم إنه يريد إنشاء مزرعة للطاقة الشمسية هناك. كيف تتعامل مع هذا القرار؟ ما رأيك في المفاضلة بين زراعة الأراضي والطاقة المتجددة؟ تركت السلطات المحلية دون سياق ومورد كافيين للتخطيط".
وفقا لتحليل أجرته مؤسسة ريسليوشن فاونديشين الفكرية، فإن مساحة الأرض المبنية للفرد في المملكة المتحدة قد انخفضت بالفعل منذ 2000 - على عكس معظم الدول الغنية الأخرى، بما في ذلك ألمانيا، وفرنسا والولايات المتحدة.
تظل النمبية "حركة مختصة بالسكان المعارضين لتطوير أحيائهم" قوة انتخابية فاعلة. في العام الماضي، أدى تمرد أصحاب المقاعد الخلفية من نواب حزب المحافظين إلى إحباط خطط لأهداف بناء المنازل، التي تركزت على جنوب شرق إنجلترا.
أيدت باركر، بصفتها عضوا في اللجنة الوطنية للبنية التحتية حينها، فكرة بناء مليون منزل جديد في نصف دائرة بين أكسفورد وكامبريدج، وتم التخلي عن هذه الفكرة في 2022 من قبل بوريس جونسون، رغم إعادة إحيائها جزئيا كمبادرة خاصة.
المشكلة المزمنة الافتقار إلى التخطيط المشترك. ففي المنطقة المحيطة بكامبريدج، قالت هيئة التخطيط إنه من الصعب للغاية بناء المنازل لأنه لا توجد أي مياه. وهذا صحيح شرق أنجليا مكان شحيح للغاية بالمياه. لماذا لا توجد أي مياه؟ لماذا لم تدرك شركة المياه حقيقة أنه سيكون هناك كثير من المنازل في كامبريدجشير ووفرت هذه الخدمات لها؟" الجواب، لأنها تأخذ وجهة نظر منفصلة عن مكان يحتمل بناء المنازل فيه.
تم تخصيص نحو 13 في المائة من أراضي إنجلترا كحزام أخضر - محاولة لوقف الزحف العمراني، لكن هذا يعني أنه لا يمكن تطوير كثير من المناطق التي تحتوي على وصلات نقل. تتنهد باركر قائلة، "من الواضح أن فكرة أنها أرض جميلة لم يمسها أحد، هي فكرة خاطئة. إنها مجرد قطعة أرض تحيط بالمدن".
أليست المشكلة أن السلطات المحلية ليس لديها حتى الآن مصلحة مالية مباشرة كافية في المنازل الجديدة التي يتم بناؤها، ولا للسكان المحليين؟ ستكون المدفوعات النقدية للمقيمين الحاليين أحد الحلول، لكن باركر تعارض الفرضية. وتقول، "الفكرة أنك تخسر دائما عند بناء مساكن جديدة فكرة غريبة نوعا ما".
وتضرب باركر المثال في منطقة إسيكس "منطقة سكنية جديدة" التي تقطنها، بالقول، "سيكون الأمر أقل حيوية بكثير، إذا لم يكن لدينا كثير من الأشخاص الذين ينتقلون إليها. لن يكون لدينا كثير من المتاجر - كل الأشياء التي جعلت منها مكانا رائعا للعيش فيه عندما كان كوفيد موجودا".
وتضيف، "الفكرة القائلة إنه يتعين علينا دائما الحصول على تعويض كامل عن كل شيء لا يمكن أن تكون صحيحة... يشعر الناس أن من حقهم عدم تغيير المكان الذي يعيشون فيه".
وترى أن الإسكان من أبرز الاستثمارات التي قاومتها بريطانيا، بالقول، "من الواضح، مع تقدم التكنولوجيا والسكان، للتعامل مع تغير المناخ والقلق بشأن التنوع البيولوجي، سيتعين علينا إجراء بعض التغييرات الكبيرة حقا - سنقنع الناس بأن عالم الاستهلاك ينبغي أن يتباطأ قليلا، وسنضطر إلى تعويض بعض من هذا الاستثمار الذي فاتنا".
وتضيف، "لذا فالمستقبل يتمحور حول إنفاق أقل على طرود أمازون وتناول الوجبات في الخارج، والمزيد على الضرائب وفواتير المياه".
في الأسبوع الماضي، ألقى جيم راتكليف، الملياردير المؤسس لشركة الكيماويات إينيوس، باللوم على سوناك لرفع التضخم من خلال توزيع مدفوعات إجازة كوفيد مثل "قصاصات الورق". باركر أكثر تسامحا. في عملية الإغلاق، كان صانعو السياسة قلقين لأسباب مفهومة من احتمال "انهيار النظام الاجتماعي".
ما مدى التوتر الذي ستشعر به لو كانت عضوة في لجنة السياسة النقدية الآن؟ تجيب، "هل سأشعر بالتوتر؟ نعم. عندما تكون عضوا في تلك اللجنة، فإنك دائما ما تكون قلقا... إنه الثمن الذي تدفعه مقابل السلطة". اتسمت معظم فترة عملها بأسعار فائدة ثابتة. "كان ابني يقول، ما الذي يدفعون لك مقابله، لم تقومي بأي شيء!".
في الأزمة الحالية، لم يعد من "الواضح مباشرة" لها ما الأخطاء التي ارتكبتها لجنة السياسة النقدية. يجادل بعض المعلقين بأنه كان ينبغي أن ترفع أسعار الفائدة في وقت أبكر، تماما كما تم انتقادها لعدم خفض أسعار الفائدة بشكل أسرع في الأزمة المالية. "ضمن الصورة الكبرى للأمور، وبالنظر إلى الصدمات في كلتا الحالتين، سواء أبدأت قبل بضعة أشهر، فهذا لن يقدم أو يؤخر".

سمات

الأكثر قراءة