هل تحاول البنوك تحقيق أرباح بجشع؟
"يستغرق تمرير الزيادات في أسعار الفائدة للمدخرين وقتا طويلا." هكذا قال جيريمي هانت وزير الخزانة البريطاني هذا الشهر، ردا على حقيقة أنه في أعقاب رفع أسعار الفائدة الأساسية لبنك إنجلترا في الأشهر الأخيرة، لم تقم البنوك بزيادة الفائدة على حسابات التوفير بالسرعة التي رفعت بها أسعار الفائدة على الرهون العقارية.
إن خطابه - المليء بالتهديد المبطن بأن هذه "مشكلة تحتاج إلى حل" - مفهوم وجدير بالثناء حتى، في ضوء الضغط الواقع على المستهلكين في وقت يتسم بالتضخم المرتفع. كما هو الحال مع محال السوبرماركت فيما يتعلق بأسعار البنزين، وشركات الطاقة في خضم حرب أوكرانيا، لا شك أن من السياسة الجيدة لوزير الخزانة أن يهاجم البنوك لمحاولتها تحقيق الربح بجشع. لكن هل هي ذكية اقتصاديا؟
في المدى القصير، قد تكون كذلك. فإضافة إلى إفادة المستهلكين، فإن معدلات الادخار المرتفعة من شأنها أن تساعد منطقيا على تحقيق أحد الأهداف الرئيسة لرفع أسعار الفائدة في بنك إنجلترا - ألا وهو الحد من الاستهلاك وبالتالي التضخم.
لكن هناك تناقضا طويل الأمد. ففي خطابه الذي ألقاه في مانشن هاوس قبل أسبوع، تحسر هانت على "الرواية الهبوطية" التي ظهرت عند وصف الآفاق الاقتصادية للمملكة المتحدة. وأوضح أن "حي المال القوي يحتاج إلى اقتصاد ناجح، والاقتصاد القوي يحتاج إلى حي مال ناجح". ويمكن القول إن تقويض هوامش البنوك يؤدي إلى تآكل قوتها المالية، ويضعف حي المال، وبالتالي قدرة هذه الصناعة على دعم الاقتصاد.
في الأيام الأخيرة، رفعت البنوك أسعار الفائدة على المدخرات عندها، إما بسبب إكراه من السياسيين والمنظمين وإما لأسباب أخرى. "تقدم البنوك معدلات فائدة أعلى عندما ترغب في الحصول على تمويل، لكن قد يكون من الأرخص أحيانا اللجوء إلى البدائل، كإصدار السندات المغطاة". وأي نظام سياسة يجبر البنك على تقديم أسعار فائدة أعلى مما يحتاج إليه للأغراض التجارية سيشوه ميزانيته العمومية.
لكن الاتهام الضمني - بأن البنوك كانت تربح أرباحا فاحشة - يستحق الدراسة. إذا كانت كذلك، فعندئذ لدينا حي مال متنمر، وجشع، وليس واحدا قويا وداعما.
ومع ذلك، فإن الأدلة لا تدعم هذا الرأي. فما يسمى بهامش الفائدة الصافي للبنوك - الفرق بين ما تقدمه للمودعين وما تتقاضاه على القروض - يجري تقريبا في المتوسط طويل الأجل. نعم، لقد ارتفع خلال العام أو العامين الماضيين، لكن ذلك كان من مستويات ضعيفة تاريخيا، نتجت عن فترة استثنائية من أسعار الفائدة شديدة الانخفاض.
مع تساوي كل شيء آخر، فإن هوامش صافي الفائدة الضئيلة هي المحرك الرئيس لانخفاض الأرباح، والتي بدورها تجعل البنوك أقل جاذبية للمستثمرين. وهكذا اتضح الأمر. فما عليك سوى مقارنة البنوك البريطانية بنظيراتها في الولايات المتحدة، حيث كانت معدلات الفائدة ومستويات الهوامش أعلى، وحيث التوقعات الاقتصادية أكثر إشراقا. إن المقرضين في المملكة المتحدة يملكون تقييمات أقل بشكل حاد. حيث يتم تداول الأسهم في بنك لويدز، أكبر بنك رئيس في بريطانيا، بنسبة 63 في المائة من قيمة صافي أصوله. والنسبة المكافئة للسعر إلى القيمة الدفترية لبنك جيه بي مورجان تشيس، رقم واحد في الولايات المتحدة، هي 156 في المائة. وهذا لا يهم من الناحية النظرية فقط. بل هو مهم لأسباب تتعلق بالاستقرار المالي.
بالمصادفة، كشف بنك إنجلترا الأسبوع الماضي عن نتائج اختبار الإجهاد السنوي للبنوك البريطانية الكبرى. لقد منحهم تقييما صحيا، ما يعكس الصورة الأوسع التي سعى المنظمون إلى التأكيد عليها في الأشهر الأخيرة - أي أنه على الرغم من مشكلات عدد قليل من البنوك الإقليمية الأمريكية وانهيار كريدي سويس، فإن النظام المصرفي ككل متين، برأس مال قوي يدعمه.
بدت سيناريوهات اختبار الإجهاد التي تم وضعها في أوائل العام الماضي، درامية. لكن البعض بعيد عن ذلك: ففي غضون أشهر، ارتفع سعر الفائدة الأساسي بالفعل إلى 5 في المائة مثلا، أقل بقليل من رقم اختبار الإجهاد البالغ 6 في المائة، وقد يتعين عليه أن يرتفع أكثر لخفض التضخم المرتفع بعناد. بعبارة أخرى، قد يكون الإجهاد في الواقع أكثر صعوبة من الاختبار.
قد تحتاج البنوك إلى تأمين أموال عبر بيع أسهم إضافية للمستثمرين في تلك الحالة. ولكن عند التقييمات التي تقل عن 100 في المائة من القيمة الدفترية، يصبح ذلك صعبا، سواء أكان بالنسبة إلى البنك من حيث التكلفة أو للمستثمرين المحتملين من حيث الجاذبية.
عندما تحدث أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا الأسبوع الماضي لحث البنوك على تمرير زيادات أسعار الفائدة للمدخرين، قائلا "من المهم تمرير أسعار الفائدة"، كان يخاطر. قد يجادل بأن لغته كانت حذرة ومبررة جزئيا بمنطق مكافحة التضخم الموضح أعلاه. لكنه يجب أن يكون حذرا، بصفته منظما حصيفا، فإن مهمة المحافظ لا تتمثل في أن يكون بطلا شعبيا لمصالح المستهلكين، بل حارسا للصلابة. وفي أوقات الأزمات الحقيقية، من غير المرجح أن يثبت النظام المصرفي المربح في حده الأدنى، مع تقييم سوق الأسهم المنخفضة بشكل عنيد، أنه قوي بشكل مقنع، مهما قالت اختبارات الإجهاد.