على خطى اليابان .. تتفاقم مخاوف ركود اقتصاد الصين

على خطى اليابان .. تتفاقم مخاوف ركود اقتصاد الصين

مع خروج الشركات الصينية بحذر بعد ثلاثة أعوام من ضوابط كوفيد - 19 والحملات التنظيمية، هناك مخاوف من أن مشكلة أخرى على وشك الحدوث – ركود في الميزانية العمومية شبيه بالذي مرت به اليابان بعد طفرتها.
تقول الحجة إن وضع الصين في 2023 يمثل اليابان بطريقة ما بعد انفجار فقاعة العقارات في الثمانينيات. توقفت سوق العقارات في الصين بعد طفرة طويلة ممولة بالديون، ويتوقع كثيرون أن ترتد قريبا. تضرر المستهلكون من ضوابط الجائحة ولا يثقون بسوق العقارات، لذا لا يريدون الإنفاق – ليس على منازل جديدة على الأقل.
لا تريد الشركات الخاصة، التي تضررت بعد الجائحة كذلك وكانت قلقة من انخفاض الطلب على منتجاتها، الاستثمار. في تلك الأثناء، إن البنوك مثقلة بالعقارات والأصول المرتبطة بذلك، إضافة إلى قروض لقطاع آخر متضرر – الأدوات المالية الحكومية المحلية، التي ضخت المال في مشاريع البنية التحتية منخفضة العوائد.
يقول البعض إن الطريق ممهد لركود في الميزانية العمومية على غرار ذلك الذي حدث في اليابان، حيث يركز الجميع من الشركات حتى الأفراد على سداد الديون في الوقت نفسه، ما يؤدي إلى دوامة هبوطية للنمو الاقتصادي. الحجة مقنعة لكن الوضع قد يكون أكثر دقة من ذلك، وفقا لدراسة جديدة من بنك ناتيكسيس الفرنسي لثلاثة آلاف ميزانية عمومية لشركات صينية مدرجة.
كما في اليابان، كانت الرهون العقارية الصينية واقتراضات الشركات منخفضة على مدى الأعوام القليلة الماضية على الرغم من أسعار الفائدة المنخفضة نسبيا، ما يشير إلى أن الطلب على الديون منخفض، كما يقول محلل ناتيكسيس جاري إنج. لكن أسعار المنازل في الصين لم تنهار بالطريقة نفسها، التي حدث بها ذلك في اليابان، بل انخفضت ببطء في الأشهر الأخيرة.
إن السلامة المالية للشركات الصينية بشكل عام مستقرة نسبيا أيضا. مشكلتها الأساسية هي أن الاقتصاد الراكد يضر بتوليد العوائد، ما يقلل من قدرتها على تسديد الديون. تبلغ نسبة الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء إلى نفقات الفوائد ستة أضعاف، أو نصف المتوسط العالمي، وفقا لناتيكسيس.
هذه هي الصورة العامة. لكن بعض الأجزاء داخل قطاع الشركات في الصين، ولا سيما مجموعات العقارات الخاصة والمؤسسات الحكومية المحلية، تؤدي أداء أسوأ. في الحقيقة، قد تكون تعاني بالفعل مما يسيمه إنج "تدهور الميزانية العمومية".
إن قدرة المؤسسات الحكومية المحلية والشركات الخاصة بما فيها مجموعات العقارات على سداد ديونها منخفضة نسبيا، بنسبة أرباح قبل الفوائد والضريبة والاستهلاك والإطفاء إلى نفقات الفوائد تبلغ أقل من أربعة أضعاف. على النقيض من ذلك، متوسط الأرباح قبل الفوائد والضريبة والاستهلاك والإطفاء إلى نفقات الفوائد لشركات القطاع الخاص غير المتعلقة بالعقارات والمؤسسات الحكومية المركزية يبلغ أكثر من ستة أضعاف. يقول إنج، "إن العلامات المبكرة على ركود الميزانية العمومية والضغط تتركز بشدة على مطوري العقارات الخاصة".
دراسة منفصلة على أكثر من ستة آلاف تقرير من شركات مالية صينية داخلية وخارجية أجراها توماس جيتلي، استراتيجي في جافيكال تشاينا، تؤكد التحديات. في المتوسط، قلص المطورون المدرجون الديون من قمة بلغت 1.2 ضعف الديون إلى الأسهم في 2018 إلى أقل من ضعف 1 الآن. لكن بينما أن دينهم يبلغ ما يقارب 5.7 تريليون رنمينبي (790 مليار دولار)، فإن التزاماتهم التي لا تؤدي إلى الديون – من بيع الشقق المسبق والحسابات المستحقة للدفع – تبلغ أكثر من ثلاثة أضعاف هذا المبلغ.
"مع تخطي الإسكان ذروته الهيكلية، قد يكون من الصعب للشركات التخلص من كومة الالتزامات هذه، أو رفع الأسهم لخفض الديون"، كما تقول جافيكال.
في الواقع، زادت صدمات الأعوام الأخيرة عدد "شركات الزومبي"، التي تولد أرباحا غير كافية لتغطية مدفوعات الفائدة. زاد عدد هذا النوع من الشركات إلى 9 في المائة من الشركات المدرجة، أو نحو ثلاثة أضعاف أكثر من 2018، كما تقول جافيكال. عديد من مجموعات العقارات الخاصة تقع تحت هذا التصنيف.
لا تزال بعض المجالات في اقتصاد الصين على ما يرام، مثل السلع الرأسمالية ومنتجو الأجهزة التكنولوجية. هذه قطاعات تفضلها بكين كجزء من تنافسها الجيوسياسي مع الولايات المتحدة، لكنها ليست كبيرة بما يكفي بمفردها لتعويض كساد سوق العقارات وضعف الاستهلاك المحلي.
لذا، في حين أن الصين بعيدة بطريقة ما عن وضع اليابان في التسعينيات، قد يكون على صانعي السياسات التحرك سريعا لإعطاء حافز للمجالات الأكثر إنتاجية من الاقتصاد. يعني ذلك مساعدة القطاع الخاص ككل، بما فيه الصناعات التي لا تنطبق عليها أهداف بكين الاستراتيجية بالضرورة مثل التجارة الإلكترونية. "ربما يجب على الصين دراسة إعطاء مساحة أكبر للاقتصاد الخاص لينمو – سيقلل ذلك فرص اتباعه لما حدث في اليابان في أواخر الثمانينيات"، كما يقول إنج.

سمات

الأكثر قراءة