الشركات البريطانية تكافح النسخة الثانية من بريكست

الشركات البريطانية تكافح النسخة الثانية من بريكست

بالنسبة إلى عديد من البريطانيين، كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حدثا لمرة واحدة ينطوي على التصويت في استفتاء 2016، لكن بالنسبة إلى المصدرين في المملكة المتحدة مثل شركة برانداور المتخصصة في صناعة المكونات ومقرها برمنجهام، كانت التجارة خارج الاتحاد الأوروبي رحلة من التكيف المستمر.
من التعامل مع ضريبة القيمة المضافة الألمانية إلى إتقان تعقيدات الرموز الجمركية للاتحاد الأوروبي المكونة من ستة أرقام، قال روان كروزير الرئيس التنفيذي لشركة برانداور، إن شركته الصغيرة تمكنت من الاحتفاظ بعملائها في الاتحاد الأوروبي بفضل المكونات الدقيقة المستخدمة في مجموعة واسعة من الصناعات بما فيها شركات صناعة السيارات والبناء والأدوية.
لكن كروزير يدرك من أوجه عديدة، أن رحلة برانداور مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد بدأت للتو فقط حيث أدخل الاتحاد الأوروبي قواعد بشأن ضرائب حدود الكربون وإدارة النفايات البلاستيكية ومراقبة سلسلة التوريد.
هذا يعني أن قواعد الاتحاد الأوروبي بدأت بالاختلاف عما يقابلها في المملكة المتحدة. حيث قال، "إن الاختلاف صداع مستمر".
يحذر خبراء التجارة والصناعة من أن الحجم المتزايد للوائح الاتحاد الأوروبي المستقبلية يؤدي إلى "النسخة الثانية من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي" حيث يدخل التكتل المكون من 27 دولة قواعد توجد حواجز جديدة أمام التجارة - حتى عندما تستنسخها المملكة المتحدة.
قال فيرجوس ماكرينولدز، مدير شؤون الاتحاد الأوروبي في هيئة ميك يو كيه التجارية للمصنعين، "نحن نتلقى تشريعات جديدة (من الاتحاد الأوروبي) باستمرار. ونظرا إلى بقاء المملكة المتحدة ساكنة، فإنه يتعين عليك التعامل مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة كسوقين مختلفتين تماما من منظور تنظيمي".
قال ماكرينولدز إن أعضاء هيئة ميك يو كيه يركزون على ثلاث لوائح رئيسة للاتحاد الأوروبي، وهي الضريبة المقبلة من التكتل بشأن حدود الكربون، وتنفيذ قواعد التعبئة والتغليف البلاستيكي، ومسودة قوانين العناية الواجبة لسلسلة التوريد التي تناقشها الدول الأعضاء.
من المرجح أن يكون لإدخال آلية تعديل ضريبة حدود الكربون في الاتحاد الأوروبي تأثير كبير في الشركات التي تتاجر مع التكتل، وفقا لجورج ريدل، مدير استراتيجية التجارة في شركة أي وأي للاستشارات، التي تساعد الشركات البريطانية التي تصدر إلى الاتحاد الأوروبي على الاستعداد لهذا الإجراء.
اعتبارا من تشرين الأول (أكتوبر) من هذا العام، سيتعين على شركات الاتحاد الأوروبي تجميع تقارير عن انبعاثات الكربون المرتبطة ببعض السلع المستوردة، ومن ضمنها الصلب والألمنيوم والأسمدة، مع اضطرار الشركات إلى شراء شهادات لتغطية الانبعاثات المضمنة في المنتجات اعتبارا من 2026.
ستقع مسؤولية المعاملات الورقية والتكاليف المرتبطة بضريبة الكربون على الشركات البريطانية التي تقوم بتزويد المكونات لشركات الاتحاد الأوروبي التي تغطيها اللائحة - والتي تؤثر في المنتجات البسيطة مثل الصواميل والمسامير. ونتيجة لذلك، سيكون التعامل مع بعض هذه الشركات البريطانية أكثر صعوبة بالنسبة إلى شركات الاتحاد الأوروبي.
قال ريدل، "اعتبارا من 2026، ستؤخذ ضغوط التكلفة في الحسبان في المكان الذي تختار فيه الموردين الخاصين بك".
قال ويليام باين، رئيس السياسة التجارية في غرفة التجارة البريطانية، إن الحكومة البريطانية تتشاور مع الصناعة بشأن تقديم نسخة بريطانية من ضريبة حدود الكربون في الاتحاد الأوروبي، ولكن دون وجود رابط ملزم قانونا بين كلا المخططين، وستظل الشركات المحلية بحاجة إلى إثبات امتثالها لقواعد التكتل.
أضاف، "لقد أصبحت (آلية التعديل لضريبة حدود الكربون في الاتحاد الأوروبي)، وتشريعات التعبئة والتغليف، وتشريعات سلسلة التوريد مشكلة بالنسبة إلى الشركات البريطانية حول أفضل طريقة لتنظيم امتثالها دون أن تتكبد تكاليف إضافية ضخمة".
تم تحذير النواب البريطانيين في اجتماع عقد في بروكسل هذا الشهر من أنهم بحاجة إلى تتبع تشريعات الاتحاد الأوروبي لمساعدة الشركات البريطانية على الاستجابة لها.
قالت ناتالي لوازو، وهي عضوة بارزة في البرلمان الأوروبي وتشارك في رئاسة جمعية الشراكة البرلمانية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، إن الجانبين "بدآ في التباعد".
وقالت، "هناك كثير من التشريعات التي تمر على مستوى الاتحاد الأوروبي (...) ويجب أن نكون على دراية بتأثيرها. كما أن الشركات على جانبي قناة المانش تردد الشيء نفسه، نريد معايير عالية ولا نريد أن نتباعد كثيرا".
تؤثر المشكلة في شركات الخدمات أيضا. حيث حذرت شركة إم إتش أيه للمحاسبة من أن القواعد الضريبية للاتحاد الأوروبي للخدمات الافتراضية ستتغير في كانون الثاني (يناير) 2025، ما يعني أن الشركات البريطانية التي تقدم تسهيلات عبر الإنترنت للمستهلكين سيتعين عليها دفع ضريبة القيمة المضافة بحسب مكان إقامة العميل بدلا من أن يكون مقيما فقط في المملكة المتحدة، كما هو الحال الآن.
قالت سو راثميل، الشريكة في شركة إم إتش أيه للمحاسبة، "إن الشركات البريطانية التي تقدم خدمات افتراضية (بين الشركات والمستهلكين) إلى الاتحاد الأوروبي، مثل الندوات عبر الإنترنت أو المؤتمرات عبر الإنترنت أو برامج الحاسوب الخاصة بالإعلانات، تتطلب مدخلات سريعة من (هيئة الإيرادات والجمارك التابعة لحكومة صاحب الجلالة) استجابة لنية الاتحاد الأوروبي لإصلاح قواعد مكان التوريد اعتبارا من يناير 2025".
قال ماكرينولدز إن أحد أكبر التحديات التي تواجه الأعمال التجارية هو النهج المختلف لحد كبير للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشكل منفرد في تنفيذ اللوائح مثل متطلبات التكتل لإعادة تدوير العبوات البلاستيكية.
أضاف أن بعض الدول، بما فيها إسبانيا، تطبق القواعد بشكل أكثر صرامة من غيرها، حيث تصر بعض شركات الاتحاد الأوروبي الآن على أن تقدم الشركات البريطانية دليلا على أن المكونات البلاستيكية للسلع المصنعة تمتثل أيضا للوائح.
عندما كانت المملكة المتحدة عضوة في الاتحاد الأوروبي، تم نقل هذه القواعد تلقائيا إلى كتاب التشريع البريطاني وكان يفترض أن الشركات امتثلت للسوق الموحدة بأكملها.
وبصفتها دولة غير عضوة، فقد تم استبعاد افتراض الامتثال هذا. حيث قال ماكرينولدز، "يتعين على الشركات البريطانية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن تمتثل للتفسير المحلي لتوجيهات الاتحاد الأوروبي لـ27 إطارا تنظيميا مختلفا".
تقول كل من هيئة ميك يو كيه وغرفة التجارة البريطانية إن المملكة المتحدة الآن لم تعد تنقل قانون الاتحاد الأوروبي بصورة تلقائية، وينبغي للحكومة البريطانية بذل مزيد من الجهد لتقييم تأثير اللوائح المستقبلية للتكتل، وكذلك استخدام اتفاقية التجارة والتعاون بين الجانبين للتنسيق بشكل أفضل مع بروكسل.
قالت وزارة الأعمال والتجارة البريطانية إن الاتفاقية "تفتح فرصا جديدة" للشركات البريطانية في الاتحاد الأوروبي.
"سنواصل تقييم التأثير الذي يمكن أن تحدثه قوانين الاتحاد الأوروبي الجديدة في مصالحنا التجارية، كما نفعل مع الشركاء التجاريين الآخرين".
لكن باين قال إن هناك حاجة إلى إجراء نقاش أوسع حول التطورات التنظيمية على كلا الجانبين. "نحن بحاجة إلى أن نصبح أفضل بكثير في ذلك. يجب على الجميع رفع مستوى أدائهم".
دعت هيئة ميك يو كيه الحكومة إلى إنشاء سجل مركزي لقوانين الاتحاد الأوروبي المرتقبة ومساعدة الشركات البريطانية على تحليل ما تعنيه بالنسبة إلى الأعمال.
قال كروزير إن البديل بالنسبة إلى الشركات البريطانية هو تكرار منحنى التعلم الفوضوي والمكلف الذي أعقب تنفيذ اتفاقية التجارة والتعاون في يناير 2021، أي بالكاد بعد أسبوع من إبرام صفقة اللحظة الأخيرة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
لم يكن كروزير يشعر بالتفاؤل بناء على الشكل السابق. "لقد كنا كمصنعين نحلق مغمضي الأعين طوال الطريق. لم نكن نعرف ما الذي سنحصل عليه من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حتى اللحظة الأخيرة، وليس لدي إيمان بأن السيناريو نفسه لن يتكرر مرة أخرى".

الأكثر قراءة